النيازك والكويكبات الصغيرة صواريخ طبيعية تهدد مستقبل الأرض.
دعنا من المخلوقات الفضائية والغزو القادم من المريخ وما الى ذلك من الاشياء التي نراها في افلام الخيال العلمي، فإن اكبر خطر حقيقي خارجي تواجهه الارض هو النيازك ،
والمذنبات فلا تزال تلك البقايا التي خلفها تكون الكواكب مبعثرة في انحاء مجموعتنا الشمسية، وفي حين ان معظم تلك الاجسام الفضائية يتحرك في مداره الخاص بعيدا عنا، فإن بعضها يتأرجح بطريقة محفوفة بالمخاطر قريبا من الارض.
اخيرا سمعنا تحذيرات علماء الفلك الذين قالوا ان الامر مجرد وقت قبل ان يضرب كويكب او مذنب الارض ملحقا فيها الدمار على مستوى لا يتصوره العقل، ويقول هؤلاء ان الدليل على مصداقية تحذيراتهم موجودة حولنا في الفضاء مشيرين الى ان الارض تشهد في كل عام مرور عدة اجرام قاتلة على مقربة مخيفة منها.
لكن ما هي الكويكبات السيارة؟ عندما كان علماء الفلك يبحثون عن المزيد من الكواكب في نظامنا الشمسي، كان عثورهم فقط على صخور فضائية صغيرة بمثابة خيبة أمل لهم.
لكن موقفهم الان مختلف اذ تحتشد معظم الكويكبات السيارة في مجاز فضائي يمتد وراء مدار المريخ وتنتهي قبل مساحة طويلة في مدار المشتري وتعرف هذه المنطقة الفضائية بحزام الكويكبات السيارة.
وتأسر الكويكبات ألباب الفلكيين لانها من بقايا خلق الكواكب وقد تحمل مفاتيح فهم كيفية تحول قرص غباري يدور حول الشمس الى عائلة من تسعة اجرام سماوية وعشرات الاقمار التابعة لها.
عرف العلماء منذ قرون بإمكانية تعرض الارض لضربة قد تكون ساحقة من صخرة فضائية طائشة، لكنهم تاريخيا ركزوا جهودهم على دراسة المذنبات الجليدية التي تزور سماءنا ويمكن رصدها اثناء عبورها في مسارات منحنية تقطع الارض.
وخلال اواخر عام 1800 بدأ العلماء باستخدام الفيلم الفوتوغرافي، وظهرت فيما بعد الكويكبات السيارة التي يتراوح قطرها من 10 الى 100 كيلومتر كنثرات متوهجة بالغة الصغر في الصور، وبدراسة عدد الاجسام المكتشفة حديثا، ادرك الفلكيون سريعا ان الكويكبات السيارة ليست كلها محبوسة في حزام الكويكبات.
وخلال الثلاثينيات من القرن المنصرم تم التعرف على عائلتين خطرتين من الكويكبات الاولى هي مجموعة «امورز» التي يقطع اعضاؤها نصف مساراتها اقرب الى الشمس في بقية الحزام وتقطع مدار المريخ ثم تمر على مقربة من مسار الارض قبل ان تعود ادراجها باتجاه الحزام الرئيسي للكويكبات السيارة.
والعائلة الثانية التي تعرف بمجموعة «ابولو» اشد خطورة فهذه الكويكبات تمضي معظم وقتها بين المريخ والشمس وهي تتقاطع مع مدار الارض بالفعل.
ولم تكتشف أخطر عائلات الكويكبات على الاطلاق الا في عام1971، واطلق عليها اسم «اتينز» وهي تمضي معظم وقتها داخل مدار الارض قريبا من الشمس، لذلك فإنها محجوبة عن انظارنا بضياء سماء النهار، لكن بعضها يقطع مدار الارض متحركا الى خارجه، ثم تظهر تلك الاجرام الصغيرة في سماء الليل لبرهة وجيزة قبل ن تقطع مدار الارض مجددا لتعود الى جوار الشمس. وبدأ الفلكيون الان يدركون مكامن الثغرات في معرفتهم فهم يرغبون بالتحري عن الكويكبات عن كثب بإرسال مسابير فضائية اليها.
ويقول الان فيتسيمونز احد علماء الفلك في جامعة كوينز في بلفاست: «يجرى العمل الان على بعض المهام الجيدة، واعتقد ان افضلها على الاطلاق سيكون مسبار «دون» الذي سترسله وكالة الفضاء الاميركية ناسا الى «سيريس» و «فيستا» وهما اكبر كوكبين سيارين في حزام الكويكبات».
لكنهما مختلفان تماما من حيث التركيبة المعدنية، فالكوكب «سيريس» مكون بشكل رئيس من السليكات وله سطح غض نسبيا، اما «فيستا» فهو اسود بلون الفحم، ويحتوي على كميات كبيرة من جزئيات الكربون، وتتمثل مهمة المسبار «دون» في اجراء مقارنة بين الكويكبين.
ومؤخرا بدأ التخطيط للجيل التالي في بعثات الكواكب السيارة وتدرس وكالة الفضاء الاوروبية الان ستة مقترحات في هذا الصدد بعضها يتعلق بإرسال مسابر لزيارة الكويكبات في حين ينص بعضها الاخر على ارسال مراصد فضائية عملاقة لرؤية الكواكب السيارة بوضوح ودقة اكبر، وربما تكون اكثر مهمة اثارة للاهتمام هي ايضا مهمة تعكف على دراستها وكالة الفضاء الاميركية ناسا.
وتتحرى كلا الوكالتين الاميركية والاوروبية عن امكانية ارسال اسطول من المسابر الفضائية لتتوزع في انحاء حزام الكويكبات وسوف تتنقل تلك المركبات الفضائية التي سيتم انتاجها بأعداد كبيرة من كويكب الى آخر للقيام بدراسات منهجية عن خصائص تلك الاجرام السماوية، لتمكين علماء الفلك على الارض من بناء قاعدة بيانات كبيرة للحقائق العلمية المثبتة في هذا الميدان. واذا تم نشر مثل هذا الاسطول في الفضاء المجاور للارض بدلا من حزام الكويكبات فسيكون بإمكانها جمع معلومات عن الاجسام السماوية الخطيرة التي تهدد سلامة الارض.
وقد عقدت ناسا مؤتمرا في اوائل التسعينيات لمناقشة التقنيات التي يمكن تطويرها لحرف مسار الكويكبات المتجه مباشرة نحو الارض لتجنب الكارثة الكبرى، وتم اقتراح عدة افكار خلاقة تراوحت بين تفجير الكويكب بالقنابل النووية الى حرف مساره بالمحركات الصاروخية والاشرعة الشمسية، لكن لا يوجد الى الان اي معهد او مؤسسة علمية مكرسة لمتابعة هذه الافكار.