خبر عاجل تحقيق المساواة التامة والتطابقية بين الرجل والمرأة داخل الأسرة
الأمم المتحدة تطالب الدول الإسلامية بإلغاء القوامة
والولي والتساوي في التعدد والميراث*
م.كاميليا حلمي
تحقيق المساواة التامة والتطابقية بين الرجل والمرأة داخل الأسرة، بما في ذلك إلغاء طاعة الزوجة لزوجها، وإلغاء الولي، والتساوي التام عند عقد الزواج، والطلاق، وفى التعدد والميراث، أخطر ما طالبت الأمم المتحدة الدول الإسلامية بسرعة العمل على تحقيقه من خلال سن التشريعات، جاء ذلك خلال الجلسة الثالثة والخمسين للجنة مركز المرأة بالأمم المتحدة التي انعقدت في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، تحت عنوان: «التقاسم المتساوي للمسؤوليات بين النساء والرجال، بما في ذلك تقديم الرعاية في سياق مرض الإيدز» حيث دارت فعاليات الجلسة حول إلغاء الفوارق بين الرجل والمرأة، واقتسام رعاية الأسرة والأبناء والمرضى والعمل غير المدفوع الأجر بين المرأة والرجل، و إشكالات أخرى، ولقد رصد ائتلاف المنظمات الإسلامية عددا من البنود الحرجة التي تمثل خطورة حقيقية على الأسرة المسلمة والمجتمع الإسلامي، حول تلك البنود وما تحتويه ومدى خطورتها حاورت «الوعي الاسلامي» المهندسة كاميليا حلمي رئيس اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل ومنسق ائتلاف المنظمات الإسلامية.. وإليكم نص الحوار:
خلال الجلسة قام الائتلاف برصد عدد من النقاط الحرجة الموجودة في المسودة للوثيقة التي سيتم التوقيع عليها والتي تمثل خطورة شديدة على الأسرة والمجتمع، فما هي هذه النقاط ؟
بالفعل هناك نقاط وبنود غاية في الخطورة، فلقد تم التأكيد على الالتزام بما ورد في الاتفاقيات السابقة كوثيقة بكين والسيداو واعتبارها الإطار القانوني لتعزيز المساواة في التقاسم التام للمسؤوليات بين المرأة والرجل، ويضع هذا البند ضغوطًا على الحكومات التي وقعت على تلك الاتفاقيات لكي تسحب كل تحفظاتها التي وضعتها عند التوقيع، وهناك مادة أخرى تعمل على تكثيف الجهود من أجل التنفيذ الكامل لمنهاج بكين ووثائق المؤتمر الدولي للسكان، التي تطالب، دون أي تحفظات، بتيسير وسائل منع الحمل للمراهقين، وتدريبهم على استخدامها، وإباحة الإجهاض ومساواة الجندر Gender Equality، بمعنى إلغاء كل الفوارق بين الرجل والمرأة وإعطاء كل الحقوق للشواذ، وغيرها من المخالفات الشرعية، كما توجد مادة تدعو إلى التصديق دون تحفظات على الاتفاقيات، والمطالبة بالمساواة التامة والتطابقية بين المرأة والرجل داخل الأسرة، بما في ذلك إلغاء طاعة الزوجة لزوجها، وإلغاء الولي، والتساوي التام عند عقد الزواج والطلاق والتعدد والميراث، وكذلك إلزام المرأة بتقاسم الإنفاق مع الرجل, وحرية السكن والتنقل دون إذن الزوج، وهو ما يعني إلغاء قوامة الرجل في الأسرة، و يجب أن ندرك أن التصديق على تلك الاتفاقيات يلزم الدول بتعديل كل القوانين والتشريعات وتغيير المعايير الاجتماعية والثقافية، وهناك مادة أخرى تطالب بحماية الفتيات اللواتي يقمن بمهام منزلية داخل أسرهن من الاستغلال، واعتبار أن عمل البنت داخل بيت أهلها عمل تستحق عليه الأجر، وتطالب بالضغط باتجاه استصدار قوانين تجرم ذلك باعتباره من أسوأ أشكال عمالة الأطفال!
كما تناولت مجموعة من البنود موضوع تقاسم الرعاية في سياق فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) وقد طالبت بتيسير حصول الأفراد على خدمات الوقاية من الإيدز وتتركز في الحصول على العازل الطبي Condom الذكري والأنثوي والتدريب على استخدامهما.
أخطر إشكاليات «سيداو»
المطالبة بالمساواة التامة والتطابقية بين المرأة والرجل كانت مطلبا رئيسا لاتفاقية السيداو التي يعدها الائتلاف أخطر الاتفاقيات على كيان الأسرة المسلمة.. ففيم يتمثل خطرها؟
بالفعل «السيداو» تمثل خطرا حقيقيا على كيان الأسرة المسلمة، فهي تطالب بالتساوي المطلق والتماثل التام بين الرجل والمرأة، وأي فوارق بينهما تعتبره عنفا يجب رفعه عن المرأة، وترى الأمر يتطلب أولا: فصل الدور عن الجنس، بمعنى توحيد الأدوار بهدف تقاسمها بين الرجل والمرأة وعدم إلصاق الأمومة ورعاية الأسرة بالمرأة «الأمومة وظيفة اجتماعية» بمعنى أن تلك لا تتعلق بطبيعة وتركيب المرأة، كذلك لابد من تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، وإزالة الفوارق أمام القانون، بحيث تمنح الدول الأطراف المرأة المساواة مع الرجل أمام القانون، من خلال ذلك يتم التساوي في الشهادة وفي العقوبة والتساوي في الإرث، والحق نفسه في عقد الزواج حيث التساوي في التعدد، وكذلك السماح بزواج المسلمة بغير المسلم، مثلها مثل الرجل، وإلغاء المهر، وكذلك إلغاء ولاية الأب على الابنة البكر.
جريمة الاغتصاب الزوجي
وتطالب بالحقوق والمسؤوليات نفسها أثناء الزواج (إلغاء القوامة) وبالتالي إلغاء طاعة الزوجة للزوج، والمطالبة بتجريم وطء الزوجة بغير كامل رضاها، واستحداث جريمة اسمها «الاغتصاب الزوجي»، وتجريم تأديب الزوجة الناشز، و تجريم تأديب الأبناء، ورفع ولاية الأب على البنت في الزواج، وإلغاء الإذن بالخروج والسفر للزوجة، وإلزام الزوجة بالتشارك مع الزوج في الإنفاق على المنزل، ولتحقيق التساوي المطلق تطالب الاتفاقية بـ«نفس الحقوق والمسؤوليات نفسها أثناء الزواج وعند فسخه» حيث يتم إلغاء عدة الطلاق والوفاة، وإلغاء الطلاق بإرادة الزوج المنفردة، وإلغاء النفقة الشرعية، والبديل تقاسم الممتلكات، وتطبيق الحقوق نفسها للرجل والمرأة فيما يتعلق بالقانون المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم ويترتب على هذه المادة: حق المرأة (ابنة- أخت- زوجة) في الاستقلال بالسكن وإلغاء النص القرآني {أسكنوهن من حيث سكنتم...} (الطلاق: 6)، والسماح بسفر المرأة دون إذن زوجها، كما تفترض «السيداو» حتمية الصراع بين الرجل والمرأة، وذلك بسبب الثقافة التعاقدية التي تقوم عليها، فأي مكسب لطرف يعد خسارة للطرف الآخر.
وتطالب أيضا بنشر الإباحية بتوفير خدمات تنظيم الأسرة للمراهقين ضمن الخدمات الصحية، والقضاء على أي مفهوم عن دور الرجل ودور المرأة في جميع مستويات التعليم عن طريق تشجيع التعليم المختلط، والتشجيع على استرجال المرأة بمنحها الفرص نفسها للمشاركة النشطة في الألعاب الرياضية والتربية البدنية، أيضا تعمل على تمرير مصطلح «الجندر» الذي يقوم على تصنيف الأفراد وفقًا لميولهم الجنسية، وهو منظور فكري أحادي الجانب يتم طرحه كحل أوحد لتشخيص وضع المرأة وحل مشاكلها، ويطالبون الرجال بفتح النوافذ أثناء تغييرهم حفاظات أطفالهم، وقيامهم بالأعمال المنزلية، فهم يزعمون أنه كما أن لدينا مهندسا متميزاً وطبيبا متميزاً وجراحا، وكما أن هناك محاربا وفدائيا يجب أن يكون لدى الدول العربية رجال فدائيون لا يخجلون من القيام بالأعمال المنزلية، حيث إن المطلوب هو تغيير الأنماط الحياتية التي اعتاد عليها الرجال والنساء لان الإنسان يولد «نوع» والأنماط الاجتماعية التي يربى عليها هي التي تجعل هناك ذكرا وأنثى، وهذا الأمر يجب أن ينتهي من وجهة نظرهم ويكون هناك فقط «جندر».
لدى الأمم المتحدة رؤية تطرحها لمواجهة مرض الإيدز.. فعلام تقوم تلك الرؤية؟
تعتمد سياساتها على توظيف الخطاب الديني لإزالة الوصمة عن المصاب، والبداية عندهم دائما تكون باللغة بمعنى تطبيع المصطلحات، قل «تعدد شركاء الجنس» لا تقل «زنا»، قل «رجال يمارسون الجنس مع الرجال» ولا تقل «شواذ»، قل «المتاجرات في الجنس التجاري» ولا تقل «داعرات»، و تعتمد كذلك على نشر ثقافة العازل الطبي، وتدريب الأطفال والمراهقين على استخدامه في المدارس، وكذلك إدماج المريض في المجتمع، وفرض الالتزام السياسي من قبل دول العالم برؤية وخطط الأمم المتحدة في مواجهة المرض، هذا الفرض إما من خلال التمويل أو الترهيب والضغوط السياسية.
وسبل الوقاية من الإيدز كما تراها الأمم المتحدة تعرف بـ (A ، B ، C ) حيث A إشارة إلىAbstinence أي «الامتناع»، والذي يختلف تماما عن العفة في المفهوم الإسلامي، ثم B إشارة إلى Be Faithful to your partner، أي (كن مخلصا للشريك) وذلك حتى تنحصر العلاقة بين اثنين فقط، أيا كان نوعيهما، ثم C إشارة إلى العازل الطبي Condom، حيث يتم ترويج ثقافة العازل الطبي كوسيلة آمنة Condom=Safe sex، وبالتالي إعطاء الضوء الأخضر لمن يرغب في ممارسة الفاحشة، ولكن يمنعه الخوف من المرض، إنه باستخدامه للعازل سيكون في مأمن من الإصابة، كما أنه من توجهات الأمم المتحدة ضرورة نشر العازل على مستوى عالمي، إما مجانا أو بسعر رمزي، وبشكل يتجاوز كلا من العقبات الشخصية والاجتماعية، والحل الأمثل لذلك هو ماكينات العازل الطبي Condom Machines، رغم أن معظم الأطباء قرروا أن العوازل الطبية لا يمكن أن تمنع وصول فيروس الإيدز إلى الطرف الآخر، ولكنها تمنع الحمل، ولم يقتصر أمر نشر ثقافة العازل الطبي على الدول الغربية، بل بدأ يتجاوزها إلى الدول الشرقية، فهناك محافظ إحدى الولايات في الهند معروف بأنه ذو ثقافة محافظة افتتح مشروع «ماكينة لل عازل»، والحقيقة المؤلمة أن هذا الأمر ليس ببعيد عن مجتمعاتنا مادامت هناك استجابة لكل ما يفرض علينا من الخارج تحت مسمى الاتفاقات الدولية.
إزالة وصمة العار
لكن هذا الأمر لن تقبله الشعوب المسلمة حتى إن وافقت بعض حكوماتها؟
نحن نأمل أن تهب الحكومات للرفض والتصدي، ونعقد الأمل على شعوبنا المسلمة، لكن أحب أن أوضح أن ثقافة نشر العازل الطبي كوسيلة لمحاربة الإيدز سوف تكون عبر ترويج المعادلة المخيفة، وهي معادلة تطرحها برامج الأمم المتحدة عن السبب الرئيسي لانتشار مرض الإيدز، ومفادها هو أن السبب في انتشار المرض هو حاجز الصمت، أي التزام المريض الصمت عند الإصابة، بسب وصمة العار التي تلاحقه نتيجة القيم والثقافات التي تجرم الزنا والشذوذ وسائر الفواحش المؤدية للإصابة، لذا ينبغي تغيير تلك القيم والثقافات، كي لا يوصم مرتكب الفاحشة بأي وصمة، وما هذا المرض إلا كسائر الأمراض، وهدفهم ليس إزالة الوصمة عن المرض أو المريض، وإنما عن الفعل المسبب للمرض، أي أن نتعامل مع الزنا والشذوذ على أنها أمور عادية، تدخل في نطاق حقوق الإنسان، ولقد أكد علماء الدين أن وجود أي وصمة أو تمييز للمذنب هو أمر مقصود شرعا لتنفير المجتمع من السلوكيات المنافية للشرع، بل إن القرآن يدعو أن يكون عقاب الزناة أمام طائفة من الناس {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} (النور:2) حتى يرتدع من تسوِّل له نفسه اقتراف المعاصي، بل إن هذه الوصمة تعدّ من حقوق الإ نسان لأنها تحافظ على المجتمع ككل.
• م.كاميليا حلمي
رئيس اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل