مدينة قفصة التونسية عبر التاريخ وفي الحاضر.
وادي بياش قرب مدخل مدينة قفصة
رأس الكاف قرب مدخل مدينة قفصة
مدينة قفصة
قفصة، هي كبرى مدن الجنوب الغربي التونسي وفيها يقع مقر ولاية قفصة. يبلغ عدد سكان بلدية المدينة حوالي 90،000 نسمة. شهدت المدينة سنتي 1942 و1943 أثناء الحرب العالمية الثانية عدة عمليات قصف تسببت في إحداث دمار جزء من القصبة.. يرتكز النشاط الإقتصادي في قفصة أساسا على استخراج الفوسفاط. تبث من المدينة إذاعة قفصة التي تغطي كامل الجنوب الغربي، ويوجد في المدينة مطار قفصة قصر الدولي. والمدينة مقر لنادي القوافل الرياضية بقفصة التي تنشط في الرابطة التونسية المحترفة لكرة القدم. ومن أشهر رموزها جبل عرباطة ومحمية عرباطة.
تسمية قفصة هي اشتقاق عربي للتسمية اللاتينية CAPSA، ابتكر منها الباحث «دي.مورغان» كلمة (CAPSIEN) إسما للحضارة التي تعود للعصور الحجرية القديمة. وتمثل جهة قفصة أهم مراكزها. ومثال ذلك «الرمادية (الكدية السوداء بحي الدوالي) التي يحتضنها جبل العسالة بالقرب من واد بيّاش. وهي عبارة عن ربوة من الرماد والحجارة المتفحّمة وقواقع الحلزون والصوان المكشوط، تقوم شهادة على نمط عيش انسان الحضارة القفصية وعراقة استقراره بهذه الربوع منذ آلاف السنين.
انتشرت الحضارة القفصية انتشارا واسعا وأثرت في عدة حضارات أخرى. ويقول المؤرخ "ريغاس" أن أصل مدينة فرنسا بل أوروبا في طور من أطوار "الباليوتية" وهو الطور "الأورنياكي" نشأ عن قدوم موجات من رجال المدينة القفصية وذلك لأن الآثار الموجودة بقفصة سبقت في التاريخ نفس تلك الآثار الموجودة بأوروبا والتي هي من نوع ما وقع العثور عليه بمدينة "أورياك" بفرنسا ولذلك لقبوا ذلك الطور "بالطور الأورنياكي" عندهم وهو ما يقابل الطور القفصي عندنا.كما يكشف موقع المقطع (شمال مدينة قفصة) عن رهافة حسه الفني وإجادته فنّ النحت. تأسيس مدينة قفصة، قديم وغير معهود تنسبه الاسطورة التي اوردها اللاتيني «سالوست» إلى الإله «أليي» او الفينيقي «هرقل». والمصادر العربية الوسيطة تنسبه إلى «شنتيان غلام النمرود ملك الكلدانيين الاسطوري.»والواقع ان ظروفا موضوعية ساعدت في نشأتها خصوصا مميزات
.موقعها الجغرافي:
فهي توجد عند ملتقى عدد من المسالك الطبيعية المؤدية إلى كل من واحات الشطوط وقابس ومقاطعة البيزاسين ومكثر وتبسة ووجود عدد هام من عيون الماء الطبيعيّة التي مثلت شريانا حيويا للاستقرار. وبالتالي تمتاز قفصة بعراقة تاريخها الذي تعاقبت ضمنه عدة حضارات . تعتبر مجال إستقرار بشري حيث يعتبر معلم "القطار" أقدم المعالم الدينية المكتشفة يجسد بناء بسيطا أقامه الإنسان منذ ما يقرب عن 40 ألف سنة ق م على ضفاف سبخة لغايات عقائدية للمحافظة على منبع الماء ويتمثل البناء في كومة مخروطية الشكل تتركب عناصرها من حجارة وعظام حيوانات وأدوات من الصوان يعود إلى العصر الموستيري وكذلك الآثار المتنوعة خاصة بمنطقة الجفارة قرب مدينة الرديف ويحتوي متحف قفصة على نماذج من أشكال الصوان المتنوعة التي كان يعتمدها إنسان ماقبل التاريخ في أنشطته . كما كانت إحدى أهم مدن ولاية إفريقيا البروقنصلية في العهد الروماني حيث كانت تعرف بتسمية قبصة كما إندمجت بعد الفتح الإسلامي في الحضارة العربية الإسلامية.
الفترة الرومانيةتوالت على المدنية عدة حضارات(القرطاجنية والبونيقية)وظهرت الحضارة الرومانية سنة 117 ق.م حيث تمتعت بنظام بلدي مرن توج بالحصول على قانون المدينة اللاتينية في عهد الأمبراطور "طراجانوس" 89-117 م. وأثناء الغزو الوندالي كانت قفصة عاصمة جنوب البيزاسانا حتى تولى القائد "حنسريق" تقسيمها سنة 442 إلى جزئين ثم أصبحت بعد وفاة هذا القائد مملكة بربرية حتى وصول البيزنطيين إليها سنة 534 م.
احتل الرومان قبصا في القرن الثاني قبل الميلاد وقد نمت المدينة لتتحول إلى ولاية وخلال هذه الفترة أصبحت أثناء حكم الامبراطور «تراجانوس» (98 ـ 117م) مدينة ذات نظام بلدي يسهر على إدارتها قضاة على الطريقة القرطاجنية
الفترة البيزنطية
جعل منها البيزنطيون بداية من 534 م عاصمة إقليم البيزاسانا (الوسط التونسي) وعرفت ازدهارا حضاريا في تلك الفترة بقيت آثاره إلى اليوم (السور- البرج وعدة لوحات فسيفسائية).
الفترة العربية الإسلامية
أما الفتح الإسلامي فقد تم نهائيا سنة 79 هـ الموافق لـ 698 م على يد القائد العربي حسان ابن النعمان وقد كانت قفصة عاصمة لإقليم شاسع يعتبر ثالث إقليم في إفريقية وبدخول الهلاليين المنقطة وفقدان الحكم المركزي للدولة الزيرية السيطرة على البلاد التي آلت إلى دويلات كانت قفصة عاصمة لإحداها وهي دولة بني الرند التي عمرت قرنا كاملا (445 - 545 هـ ) وانتهت بقيام الدولة الموحدية بالمغرب. وهزمت قفصة سنة 583 هـ على يد المنصور الموحدي نتيجة عصيانها لدولة الموحدين.
وقد حافظت المدينة على أهميتها خلال العصر الوسيط ضمن شبكة الطرقات الرابطة بين المشرق والمغرب وبلاد السودان عبر عنها الادريسي بقوله : «مدينة قفصة مركز، والبلاد بها دائرة». وفي العهد الاغلبي شيّد بمدينة قفصة خلال القرن التاسع ميلادي الجامع الكبير الذي مازال شامخا بصحنه المحاط بأروقة من الجهات الاربعة وقاعة صلاة تقوم على أعمدة وتيجان قديمة. كما ذكرت بعض المصادر ان مدينة قفصة كانت محاطة بأكثر مائة قصر تعرف بقصور قفصة، وتوفر شتى انواع الفواكه وخاصة الفستق الذي يصدّر إلى سائر مدن أفريقية ومصر والاندلس وسلجماسة.
سوق قفصة عام 1930 م