النتائج 1 إلى 10 من 12

الموضوع: تاريخ البلاد التونسية منذ القرن xii ق م

العرض المتطور

  1. #1
    تحيا تونس الصورة الرمزية gem
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    3,349

    تاريخ البلاد التونسية منذ القرن xii ق م








    البلاد التونسية : التاريخ
    تاريخ البلاد التونسية منذ القرن XII ق م


    تمهـــــــيد منذ القرن XII ق م ومن موقع تونس المتميز بين إفريقيا وأروبا والشرق والغرب تشكلت علاقات وخاصة تجارية مع مختلف البلدان المتوسطية . إن إشعاع قرطاج وتاثيرها كمدينة كبيرة تأسست سنة 814 ق م لم يقف عند حدود روما بل تعداها إلى مجالات أوسع .إن سقوطها في القرن الثاني ق م 146 ق م أشر لبداية هيمنة رومانية استغرق 700 عام أثناءها كانت فيها البلاد مؤثرة حضاريا بل وقد كانت تدعى " مطمورة روما " إن تعاقب الحفريات وامتداد الآثار على مجال شاسع في البلاد التونسية اليوم لخير دليل على موقعها الهام المؤثر في الحضارة الرومانية أثناء القرنين الخامس والسادس م تعرضت تونس للزحف الوندالي الذي ظهر مع البيزنطيين وفي القرن السابع م اندمجت تونس في العالم الإسلامي منذ 50 هـ وقد أصبحت القيروان عاصمة وقلب الحياة الدينية إنها المدينة التي يوجد بها جامع عقبة بن نافع مؤسسها وهو الأقدم ببلاد المغرب. أثناء القرن الثامن شهدت الحضارة العربية الإسلامية ذروة قمتها وقد أثر ذلك على البلاد ثم تعاقبت عدة مراحل شهدت بروز عدة ممالك متعاقبة منها الأغلبية ثم الفاطمية ثم الزيرية الصنهاجية مرورا بتونس كولاية موحدية ثم الدولة الحفصية وصولا الى الوجود العثماني ثم فترة الحسينيين .من أهم الاحداث إنشاء جامع الزيتونة والنمو الحضري للبلاد وبروز العلامة بن خلدون كمؤرخ وأب علم الاجتماع الحديث كما سجل نزوح المطرودين المسلمين واليهود من الأندلس بعد حروب "الاسترداد" التي شنها المسيحيون في إسبانيا في القرنين الخامس عشر والسادس عشر .خلال القرن السادس عشر ألحقت تونس بالإمبراطورية العثمانية .خلال القرنXIX كانت تونس أول دولة عربية عرفت دستورا كما منعت العبودية لكن الصعوبات الاقتصادية وسياسة البايات المهيمنة والضغوطات الخارجية أقحمت البلاد في أزمة حادة مالية وسياسية . ومنذ 1881 فرضت فرنسا حمايتها على تونس مما أدى إلى ردود فعل ومقاومة عنيفة ضد هذا الاحتلال.منذ 1920 أنشأ الحزب الحر الدستوري التونسي من قبل ثلة من الوطنيين .كما انشأ الحزب الحر الدستوري الجديد سنة 1934 وقد أصبح سريعا من أهم القوى الوطنية المطالبة باستقلال البلاد . بعد سنوات من المقاومة بأشكالها السياسية والمسلحة والنقابية شهدت البلاد استقلالها في 20 مارس1956. وفي هذه السنة 2006 احتفلت البلاد بخمسينية الاستقلال . في 25 جويلية 1957 أعلن النظام الجمهوري وفي 1 جوان 1959 تمت المصادقة على دستور الجمهورية . في 7 نوفمبر 1987 وبمقتضى الدستور أصبح زين العابدين بن علي رئيسا للجمهورية .
    تاريخ قرطاج
    تقع مدينة قَرْطَاج في البلاد التونسية بالقرب من مدينة تونس . أسسها الفينيقيون، وأصبحت مركز إمبراطورية كبيرة حكمت شواطئ المغرب الكبير وصقلية وإسبانيا حتى سقوطها إثر الحروب البونيقية.كلمة قرطاج كلمة فينيقية الأصل ( قرت- حدشت ) و معناها المدينة الجديدة.
    تأسيس قرطاج
    أسست الأميرة عليسة قرطاج عام 814 قبل الميلاد، حسب رواية المؤرخين القدماء. وجاءت الأميرة هاربة مع أصحابها من مدينة صور في لبنان، وسموا المدينة "قَرْتْ حَدَشْتْ"، وتعني "مدينة جديدة"، فأصبح الاسم "قرطاج" عن طريق النطق اللاتيني . تحتل موقعا استراتيجيا هاما بين شرق وغرب البحر الأبيض المتوسط، سهل عليها التجارة، فذهبت سفنها إلى كل أنحاء البحر، من المشرق حتى أبعد من موريتانيا،خاصة بعد رحلتي خيملك وحنون الاستكشافيتين نحو غرب افريقيا جنوبا ونحو شمال الأطلسي وأسسوا مدنا صغيرة على شواطئ صقلية والمغرب وسرداينيا واسبانيا. كما توسعوا بالبلاد التونسية، فكانوا أصلا يسكنون السواحل خوفا من هجمات البربر السكان الأصليين. فأصبحت المركز التجاري لغرب البحر الأبيض المتوسط كله قبل القرن الخامس قبل الميلاد.
    التاريخ السياسي :

    المرحلة الأولى : من عام 814- 550 ق.م و هي المرحلة الملكية وكانت عبارة عن امتداد للنظام الفينيقي في بلاد الشام حيث تقوم الأسر الغنية باختيار الملك والإنفاق على الجيش والأسطول و حملات الاستكشاف للبحث عن المواد الخام و الأسواق الجديدة. وكانت الإمبراطورية الفينيقية لا تزال تؤسس المستعمرات في سردينيا وايبيريا وشمال إفريقيا وقامت قرطاج برد الهجوم اليوناني على إقليم طرابلس ومن أشهر ملوك هذه الفترة الملكة عليسة(814-760 ق.م).

    المرحلة الثانية : من(550-480 ق.م) وهي فترة أسرة (ماقون) التي تتابع أفرادها على حكم قرطاج طيلة ثلاثة أجيال من ماقون حتى ولديه أميلكار ثم صدر بعل. وجرت خلالها معارك صقلية. وقد بسطت قرطاج نفوذها على مساحات واسعة قبل أن تتحطم قواتها قرب هيميرا. وفي هذه الفترة نشات في قرطاج طبقة جديدة من ملاك الأرض الذين ما لبثوا أن حولوا أراضيهم إلى إقطاعيات شبه مستقلة و شرعوا يضغطون لتقليص سلطة الملك و إرغامه على مشاركتهم في الحكم.

    المرحلة الثالثة : من( 480-290 ق.م) و هي مرحلة الثورة الشاملة التي شهدت تقويض الحكم الفردي المطلق، وقيام الحرب الأولى بين روما وقرطاج، وإنسحاب الأسطول من جبهة البحر المتوسط، وظهور خمس هيئات سياسية جديدة تولت أمور الدولة بدلا من أسرة ماقون وهذه الهيئات هي:

    1.الملكان أو السبطان (الشفطان): تتركز السلطة المباشرة في ايديهما. يسميان ملكان أو سبطان ويتم انتخابهما من أسرتين مختلفتين على غرار الملكين الذين كانا يحكمان إسبارطا في اليونان، والقنصلين الذين كانا يتقاسمان السلطة في روما. يقوم الملكان خدمتهما مدة سنة كاملة (تعرف بأسمهما) ويجمعان كثيرا من الوظائف و السلطات التنفيذية في مختلف الميادين السياسية و العسكرية والقضائية، فهما اللذان يرئسان مجلس الشيوخ، ويعينان جدول أعماله ويقودان جيوش البر و البحر، وينظران في أمور القضاء.
    2. مجلس الشيوخ: يتكون من 300 عضو يتم اختيارهم مدى الحياة من بين الطبقة الثرية. وهو أبرز الهيئات و أعلاها شأنا ، و يتولى جميع شؤون الإدارة العليا، ويقرر أمور السلام و الحرب و يولي قواد الجيش ويعزلهم ، وله الحق –في حالة الضرورة-أن يعقد جلسات سرية و لا يذيع نتيجة التصويت أو يؤجل إذاعتها.
    3. محكمة المائة: تلي في الأهمية مجلس الشيوخ . تتكون من 104 أعضاء يتم انتخابهم حسب الكفاءة . مهام المحكمة و سلطاتها مراقبة الملوك و جميع الحكام وتقديمهم للقضاء إذا أخلوا بواجباتهم.
    4.الجمعيات: وهي جمعيات سياسية و دينية تعتبر أقساما و شعبا انتخابية . كل عضو في أي من هذه الجمعيات ينتخب داخل شعبته ، لكن رأي الأغلبية يعتبر رأي الشعبة كلها و يحسب صوتا واحدا في الانتخاب العام. وينظر أعضاء هذه الجمعيات في شؤون الدولة، وفي أعمال المجالس الشعبية.
    5. مجلس الشعب: هيئة منتخبة من المواطنين تعرض عليها جميع المسائل التي لم يحصل في شأنها الاتفاق بين الملكين من جهة وبين مجلس الشيوخ من جهة أخرى ، وتكون لها الكلمة النهائية. و كانت قرطاج بذلك من الدول الأولى في العالم القديم التي عاشت تجربة النظم الشعبية الخالصة.
    المرحلة الرابعة : من عام 290 ق.م حتى سقوط قرطاج سنة 146 ق.م. جمعت هذه الفترة بين مظاهر المرحلتين الثانية و الثالثة، فتركزت السلطة في يد آل برقة، إلى جانب المجالس الهيئات و المجالس السياسية في نظام ملامحه على النحو التالي:

    1.السلطة العليا: في يد برقة الذين حكموا بمثابة ملوك. و إذا كان لفظ ملك قد زال لفظا، فقد ظل وظيفة، إذ أن نوعية سلطة آل برقة كانت سلطة ملكية.
    2.مجلس الشيوخ: شبيه بمجلس الشيوخ في المرحلة السابقة ، لكن صلاحياته و سلطاته هذه المرة كانت أضيق نطاقا، و تقلص صلاحيات المجلس الشيوخ يعود إلى أن حكام هذه الفترة كانوا يعتمدون على قاعدة شعبية و واسعة بدل الطبقة الثرية و أصحاب الإقطاعيات، وهذا المجلس هو الذي بادر إلى عقد المعاهدة المميتة مع سقيبيو بعد موقعة زاما، وهو الذي شهد بعد ذلك تدمير قرطاج.
    3.الهيئات الشعبية: و هي التنظيمات الشعبية التي أعتمد عليها آل برقة- من أميلكار إلى حنبعل- في مواجهة لمواصلة القتال ضد روما ، وأبرزها هيئتان: الأولى مجلس الثلاثين الذي يتولى فرض الضرائب و الموازنة المالية، والثانية مجلس العشرة الذي يتولى شؤون المعابد والقضاء والداخلية. وصف أرسطو حكومة قرطاج في 340 ق م وقال أنها كانت أساسا حكومة أغنياء المدينة، وأن أساس نجاحها كانت نموها الاقتصادي المتواصل وتوسعها، فهكذا كل مواطن رأى أن حاله كان يتحسن. وكان أكبرهم الـ"شوفط"، قاض القضاة، وقائد الجيوش الذي لم يدخل في حكومة المدينة، وفي القديم أيضا كان لهم ملوك. تحتهم كان مجلس الشيوخ وتحتهم مجلس المدنيين. واختيار الشفطين أو القائدين والملوك كان حسب قراتهم ودرجة ذكائهم ومالهم، ولا يرتبط بعائلتهم. وذكر أرسطو أن من أراد أن يجادل رأي الملوك والشوفطين يستطيع أن يفعل ذالك لما خاطب الملوك والشوفطين الشعب. ولمعظم تاريخهم كان جنودهم أجراء وليس حلفاء، وأحيانا أصبح هذا مشكلة كبيرة كما رأينا.
    مجتمع قرطاج
    المرأة في العهد البونيقي

    لم تدخل منطقة شمال إفريقيا في التاريخ إلا بفضل مجيء الفينيقيين منذ ما بعد منتصف الألف الثانية ق.م، خصوصا ابتداء من سنة 814 ق.م التي توافق تاريخ تأسيس قرطاج ، التي قامت تحت راية امرأة تُدعى (عليسة)، تلك الأم المؤسسة والمرأة التي أظهرت تعلقا شديدا بوطنها. وتتيح لنا عدة وثائق أثرية، ولا سيّما النقائش المكتوبة، سواء كانت نذرية أم جنائزية، استكشاف عالم المرأة خلال عهد قرطاج البونيقية. وإلى جانب نسائها بمجموعة ثرية من النقائش المكتوبة، وخاصة تلك النقائش النذرية التي وهبتها بعض النساء إلى الآلهة، دون أن يغفلن تدوين أسمائهن وسلالتهن.
    وبفضل المرأة تمكنت قرطاج من التشبع بالثقافة اللوبية وتمثلها وذلك من خلال الزيجات المختلطة. وكثيرة هي أمثلة النساء القرطاجيات اللائي كنّ يحملن أسماء لوبية أو كان أحد أسلافهن يلقب باسم بربري، علاوة على النساء اللائي كن يحملن أسماء مشتقة من الجذر الثلاثي العرقي اللوبي " ل ب ت ". وعلاوة على العنصر اللوبي يعود الفضل إلى المرأة أيضا في نقل عناصر ثقافية أخرى كالعنصر اليوناني والسرديني، والمصري وغيرهم كثيرون إلى قرطاج ، عاصمة الحوض الغربي من البحر الأبيض المتوسط الخاضع للسيطرة البونيقية.
    الفئات الاجتماعية القرطاجية

    بفضل النقائش المكتوبة البونيقية، التي عُثر عليها في بقرطاج، أمكن للأخصائيين أيضا الكشف عن وجود عدة فئات اجتماعية، انتمت إليها نساء وهبن أنصابا نذرية للآلهة. وقد ذكر بعضهن في سلسة نسبهن جدا أو أكثر كانوا يشغلون وظيفة أو مهنة " شَفْط" أو "رب". وتحيل العبارتان إلى مناصب إداريّة ـ وبالتالي اجتماعيّة ـ رفيعة لعلها تقابل اليوم منصب كبير القضاة. ولا شك في أن هؤلاء النساء كنّ ينتمين إلى الطبقة الأرستقراطيّة القرطاجية. ويوجد من بينهن نساء كنَّ يمارسن وظائف كهنوتيّة وهنّ على التوالي: تسع كاهنات ورئيستان للكهنة. ونعثر، من بين واهبات الأنصاب النذرية على نساء ينتمين إلى طبقة الصنّاع الحرفيين والموظفين مثلما يُستشفّ من مهنة آبائهن (فهذا طبيب والآخر طبّاخ والثالث نجّار والرابع مَسّاح والخامس عطّار إلى غير ذلك من المهن). ويحسن التذكير بأن النقائش الكتابية التي عثر عليها بقرطاج هي التي سمحت لنا بالتعرف على فئتين من النساء وهن المعتوقات والإماء. وفي جلّ النقائش تُنسب النساء إلى أبائهن ثم إلى سلالتهن، وقلّما يكون الانتساب إلى الآباء والأزواج معا أو إلى الأزواج فقط. وهكذا تسمح مصادرنا الوثائقية بالقول إن المرأة كانت تتمتّع بمقدار من الحريّة، حيث كانت غالبا ما تتولى تقديم القرابين بنفسها. ونلمس هذه الحريّة في نقائش أخرى تُثبت أن النساء كن يشاركن الرجال في القيام بهذه الطّقوس، علما بأننا نلمس هذا النوع من الحريّة حتى على صعيد الطبقات البسيطة من النساء كالإماء والمعتوقات.
    مهن ووظائف دينيّة قرطاجية

    تشهد عدّة وثائق، ومنها ما هو عبارة عن كتابات ومنها ما هو عبارة عن وثائق تصويرية على أنّ المرأة القرطاجيّة، تماما مثل الرجل، تعاطت عدّة مهن في المجتمع. ففي مجال الوظائف الدّينيّة كانت إحداهن " تنتمي إلى رهبانية الإلهة "عشتروت" و كانت أخرى "سادنة الإله" ؛ بالإضافة إلى كاهنات وحتّى "كبيرة كاهنات" و"كبيرة كُهّان". وفي المجال التجاري تشير وثيقة واحدة إلى امرأة كانت تتعاطى هذا النشاط : " شبلت تاجرة المدينة". إن لفظة " س ه ر ت" التي جاءت نعتا لهذه المرأة لا تعني تاجرا أو بائعا لمنتوج معيّن بل تعني التاجر المتنقّل من حيث هو مستورد ومصدّر في آن واحد. وهكذا نلاحظ أنّ المرأة القرطاجيّة كانت تتعامل على قدم المساواة مع الرجل، تدير ممتلكاتها وتمارس سلطة هامّة في المجتمع. إلى جانب هذه الفئة من النساء اللائي كنّ يتعاطين مهنا تزاحم مهن الرجال، كان المجتمع القرطاجي بدون شك يَعُدّ نساء مغمورات لم تخلِّد النقائش ذكرهن، وكنّ، بكل بساطة، زوجات ُمثليات أو مرشّحات للزواج، يسهرن على رعاية بيوتهن وتربية أطفالهن وتعليمهم ويتوليّن غزل الصوف ونسج الأقمشة وإعداد الخبز والطعام وصنع الفخار اليدوي، الذي تعج متاحفنا بنماذج منه.
    وفي مجال النسيج ورثت قرطاج التقنيات الفينيقيّة المشهورة. ألمْ تمجّد القصائد الهوميريّة تلك " الأشغال الجميلة" (الأوديسة، الفصل 15 ص.418) و"الخمارات ذات الزخارف الفنيّة المتنوعة" (هوميروس، الإلياذة ، الفصل6، ص. 291-289) التي صنعتها مطرّزات صيدا. و ممّا لا شك فيه من ناحية أخرى، أنّ اللوبيين سكان شمال إفريقيا، الذين عُرفوا باهتمامهم الكبير بتربية الماشية، كانوا يتقنون صناعة الُمنْتجات الصوفية. ويمثل الغزل أوّل مرحلة في صناعة النسيج. وقد تمّ العثور في مقبرة قرطاج وغالبا في قبور نساء، على مجموعة هائلة من أدوات الغزل ولا سيما المغازل. وإن وجود هذه الأدوات بالقبور لدليل قاطع على أهميّتها في الحياة اليومية للمرأة البونيّة. وكان الغزل نشاطا نسائيا بالأساس. و كان، في العصور القديمة، يُعتبر "أنبل رمز للفضائل المنزلية للمرأة". وورد في التوراة أن المرأة الفاضلة تمسك "الكيزور" " وتحرك "البلك" بكفوفها. وقد يكون "الكيزور" ساق المغزل و"البلك" ثقّالة المغزل التي تدفعها المرأة بحركة دورانيّة لفتل الخيط. و كغيرها من النساء، لم تكن المرأة القرطاجيّة تستنكف من غزل الصوف. والأغلب على الظن أنه كان يمثّل أبرز الأعمال في حياتها اليوميّة، إلى حدّ جعل المغازل ترافقها حتّى في القبر. كما أنّ موضوع المرأة الغازلة قد استعمل في زخرفة المشارط التي كانت تُستعمل في الحلاقة. وفي مجال الخياطة والنسيج والتطريز، عُثر في قبور قرطاجة على بعض الأدوات، خصوصا الإبر المصنوعة من العظم والعاج والبرنز، إلى جانب صفيْحات من العظام تتخلّلها أسنان، وقد كانت تستخدم كمشط للنسيج. كما تمّ اكتشاف ثقّالات مصنوعة من الفخار والحجارة والجبس ذات أشكال مختلفة. وهذه الثقّالات المستعملة في ميدان الصيد تستخدم كذلك كثقّالات للنّول العمودي. وكثيرا ما تعاطت النساء القرطاجيّات النسيج في بيوتهن، حيث كنّ ينسجن الملابس العائلية والأغطية وغيرها من الأقمشة المتداوَلة في الحياة اليومية. على أن ذلك لا يتعارض مع وجود مصانع نسيج يديرها الرجال، كما تشهد على ذلك النقائش الكتابية. والى جانب الأقمشة العادية المستعلمة في الحياة اليوميّة، كانت تُنسج بقرطاجة عدّة ُمنتجات رفيعة كالزرابي(السجاد) والوسادات المطرّزة. وكانت قرطاجة تزاحم أكبر المراكز الشرقية لإنتاج السجاد. كما نشطت صناعة الحلي حيث يضم المتحفان الوطنيان التونسيان بباردو وقرطاج مجموعة من أجمل مجموعات المصوغ التي عُثِر على جلّها في مقبرة قرطاجة، وذلك بالرغم مما تعرضت له العاصمة البونيقية من نهب على أيدي الرومان وانتهاك لحرمة القبور. وقد قدّمت لنا وريثة " صُور"، الواقعة بالحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسّط أطقم مصوغ تكشف بجمالها وأسلوب إنجازها وأصالتها، عن حيوية هذا القطاع الحرفيّ وبراعة التّقنيات المستخدمة فيه. وكان القرطاجيون، شأنهم شأن الفينيقيين، يمتلكون المعادن الثمينة بكميات وفيرة، ومن بين الشّهادات الأدبية على ذلك، نذكر ما أورده المؤرخ الإغريقي"توسديد" الذي أكّد أنّ القرطاجيين كانوا "يملكون من الذهب والفضة الشيء الكثير".
    وكان الذهب يُجلب من إفريقيا والفضة من شبه الجزيرة الأيبيرية. وكانت القرطاجيات يمتلكن كنوزا حقيقية في شكل حُلي. ويذكر التاريخ أنهنّ وهبنها للدولة قبيل تدمير قرطاجة بقليل لمساعدتها على مواجهة أعباء الحرب ضد الغزاة الرومان. ورغم صعوبة تقدير القيمة الحقيقية للغنيمة التي استولى عليها القائد الروماني"شبيون" في عام 209 ق. م. بقرطاجنّة عاصمة آل برقة في شبه الجزيرة الأيبيرية، فإنّنا نعلم أن القطع المصنوعة من المعادن الثمينة كانت وفيرة للغاية. وإنه لمن المؤكد أن القطاع الحرفي المتصل بصناعة المصوغ كان على غاية من التّطوّر. ولا سيّما بسبب الطابع الوقائي للموضوعات المطروقة في زخرفة قطع المصوغ التي وصلتنا من تلك الفترة. وتشير بعض الكتابات البونيقية إلى صانعي الحلي حيث يحمل بعضها عبارة " ن س ك ح ر ش" التي يمكن ترجمتها إلى " سبّاك الذهب". ونعثر أيضا على عبارة " ف ع ل ح ر ش" أي "صانع الذهب" أو الصائغ. وكان الصائغ أحيانا يبيع مشغولاته بنفسه ، على أن ذلك لا يتنافى مع وجود بائع الذهب "م ق ا ر ح ر ش" أي الشخص الذي يزوّد السوق بالسبائك من المعادن الثمينة أو يبيع المصوغ الجاهز. ويبدو أن الصائغين القرطاجيين قد نجحوا في الإستجابة لمطالب ورغبات زبائن أثرياء لم يكن من اليسير إرضاءهم. ولعل ذلك ما يفسّر وفرة العقود العائدة إلى العهود البونيقية العتيقة ( القرنان السادس والسابع ق.م)، وكثرة الخواتم والأقراط بداية من القرن الرابع ق.م. وكانت أطقم الحلي القرطاجيّة ثريّة ومتنوّعة ومنها العقود، وخاصة في القرون الأولى لقرطاج البونيقية، والأقراط والتيجان، بالإضافة إلى دبابيس الشعر وأقراط الأنف والخواتم من ذات الفص الثابت أو المتحرك والخرصان (حلقات الأذنين) ومحافظ التّمائم. ويشكّل جميعها مجموعة في غاية التّنوّع. وكانت سبائك الذّهب تُعالج بالتّطريق، الذي يتيح الحصول على صفائح وأسلاك ذهبية. وكانت الطريقتان الفّنيتان الأساسيتان المتّبعتان في صنع المصوغ القرطاجي هما التطريق والطرق بالبارد للحصول على زخارف ناتئة. وبفضل اللّحام ، كانت الزخرفة تقوم أساسا على الخيوط المعدنية والحبيبات. وعلاوة على الترصيع بعجين الزجاج المتعدّد الألوان أو بالأحجار شبه الكريمة، كان الحفر والنقش يمكّنان الصائغين القرطاجيين من انجاز زينة وزخارف ذات مواضيع متنوّعة، مستلهمة من مختلف التيارات الفنية بالبحر الأبيض المتوسّط. وكانت العقود في العهد العتيق، أي أوائل العصر البونيقي، تعتمد على تقنيات صنع معقدة تجمع بين التحبيب والخيوط المعدنية. وكانت هذه العقود تُنظَم من خرز مصنوعة من أحجار شبه كريمة ومن عجين صواني مطلي أو من معدن كريم ذي زينة محفورة أو على شكل حبيبات. وبدءا من القرن الرابع ق.م أصبحت زخرفة اللآلئ وأشكالها أكثر بساطة. أمّا المناجد )المدلَّيّات( فكانت تُصنع وفق أشكال متنوعة جدّا. وعلاوة على العقود، كان طاقم حلي المرأة القرطاجية يحتوي على علب لحفظ التمائم التي تُستعمل للوقاية من الشر. وتتخذ هذه العلب شكل المسلّة أو الهرم أو التمثال الصغير. وكانت في أغلب الأحيان على هيئة اسطوانة نُقشت عليها صورة حيوان (كبش أو أسد مثلا). وانطلاقا من القرن الرابع وإلى غاية القرن الثاني ق.م، لم تعد العقود متماشية مع ذوق العصر وحلت محلّها موضة أقراط الأذنين وحلقات شد الشعر والخواتم الجميلة ذات الفصوص الثابتة، التي تنقش عليها رسوم مختلفة. وبالإضافة إلى الأقراط وحلقات الشعر يحتفظ متحفا قرطاج وباردو بمجموعة ثرية من الخواتم، أقدمُها من ذات الفصوص المتحركة المصنوعة من حجر شبه كريم، وهي في الأغلب من أصل مصري وخواتم من ذات الفصوص الثابتة تمثل زخارف منقوشة. وتمّ العثور على خواتم رُسمت عليها صورة الإله بعل حمون وبعض الآلهة الأخرى المُستعارة من مجمع الآلهة المصرية أو الفينيقية أو الشرقية أو الهلنستية. إيزابيلا ملكة إسبانيا كان ثلث بحارتها من العرب ويعتمد على خرائط وأدوات عربية، أما أول من وصل إلى القارة الأميركية فهو الملاح الفينيقي(ماتو عشتروت) عام 508 ق.م ثم الملاح القرطاجي (روتان)عام 504 ق.م.

    يتبع
    البلاد التونسية : التاريخ
    تاريخ البلاد التونسية منذ القرن XII ق م






    شرح نص تحضير دروس شرح نصوص ملخصات الدروس موقع تعليمي تونسي
    Explication du texte de préparation des leçons, explication des textes des résumés des leçons, un site pédagogique tunisien

  2. #2
    تحيا تونس الصورة الرمزية gem
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    3,349

    تاريخ البلاد التونسية منذ القرن xii ق م








    البلاد التونسية : التاريخ
    تاريخ البلاد التونسية منذ القرن XII ق م



    تاريخ قرطاج الثقافي

    الفنون القرطاجية

    لم يبق أي كتاب بونيقي (ولا فينيقي) إلا ترجمة يونانية لكتاب ماجون حول الزراعة. لكن يذكر الكاتب الروماني سالوست في كتابه حرب يوغرطان أن قرطاج كانت فيها كتب عديدة تاريخية وجغرافية، وأنه لم يحترقوا في تدمير قرطاجة، بل أخذهم بعض أمراء نوميديا. يبدو من ما اكتشف في رأس الشمرة أن أساطيرهم كانت طويلة ومتنوعة. كانوا يتقنوا صناعة الزجاج، والفينيقيون هم الذين اكتشفوا الزجاج، واشتهروا أيضا بصبغ الملابس.
    اللغة و الثقافة

    اللغة البونيقية هي اللهجة الإفريقية للغة الفينيقية, ومن تأسيس قرطاج حتى نهاية الإمبراطورية الرومانية كانت من أهم لغات شمال إفريقية. إنها لغة سامية مثل العربية الفصحى, ولذا معظم مفرداتها شبيهة بها, لكنها أقرب إلى العبرية القديمة, ومن أراد أن يتقن البونيقية فيجب أن يتقن العبرية. الأبجد البونيقية هي التالي:
    كتب القديس أوغسطينوس في القرن الخامس م أي بعد ستة قرون مرت على تدمير قرطاج و مسحها من الخريطة ،(( إذا سألت أحد سكان هذا البلد عن هويته ، سيقول لك بلسانه البونيقي أنه كنعاني ...)) . اللسان البونيقي الذي يشير إليه القديس أوغسطين هو التسمية الرومانية للغة الكنعانية ،أي لغة قرطاج الفينيقية، فقد دأب الرومان على تسمية الكنعانيين الذين استوطنوا الشواطئ البحر الأبيض المتوسط الغربية بدءاً من القرن الثالث عشر ق.م بالبونيقيين ترجمة للكلمة اليونانية الفينيقيين ، ومازالت التسمية اليونانية شائعة حتى اليوم على الرغم أن من يشار إليهم بهذه التسمية لم يستخدموها حتى بعد أن أصبحت بلادهم على ساحل المتوسط الشرقي تحت الهيمنة اليونانية بدءاً من عام 332 ق.م ، وأصبحت بلادهم على ساحل أفريقيا الشمالي تحت الهيمنة الرومانية بدءا من عام 146 ق.م . وللأسف الشديد لم يتبقى أي كتاب بونيقي (ولا فينيقي) ولكن لدينا أرقام مؤكدة عن عدد من النصوص البونيقية التي ترجمت إلى اللغتين اليونانية و اللاتينية خصوصا ، رحلة حانون الملاح ، الترجمة اليونانية لكتاب ماغون حول الزراعة ، لكن يذكر الكاتب الروماني سالوست في كتابه (حرب يوغرطا) أن قرطاج كانت فيها كتب عديدة جغرافية وتاريخية ، و أنها لم تحرق في تدمير قرطاج ، بل أخذها بعض أمراء نوميديا. يقول أميانوس (إن الملك جوبا الثاني ،يقول نسبة للمراجع البونيقية أن نبع نهر النيل يقع على جبل في موريتانيا ويطل على المحيط ). ويذكر سالوست أيضا أن الملك النوميدي هيمبسال الثاني كان قد كتب عملا أو أكثر باللغة البونيقية . و يقال إن حنبعل برقة نفسه كان قد ألف أعمالا باللغتين البونيقية و اليونانية .
    إن القرطاجيين قاموا بنسخ نموذج الملك الآشوري (آشوربانيبعل) من القرن السابع ق.م ففي قرطاج، ما إنفكّ الإعتراف بالآخر من تقاليد السلف والخلف، فلقد كانت قرطاج، وهي ملكة في المتوسط، تترك أبوابها مفتوحة على مصراعيها أمام قصّادها والذين يبغون الإقامة فيها، فآوت جاليات لوبية ومصرية وأتروسكانية وإغريقية وأخرى كثيرة وإن لم تذكرها النصوص المتوفّرة. وكان القرطاجيون لا يتعففون من الزواج المختلط بل يقبلون على مصاهرة المقيمين عندهم : فمن بين القادة العسكريين في جيش حنبعل ضابطان يشعران بالانتماء إلى قرطاج دون ما تنكّر لجدّهما الإغريقي علّه جاء إلى العاصمة البونيقية مهاجرا. ولمّا استطاب العيش فيها تزوّج قرطاجية أنجبت له طفلين ترعرعا في قرطاج وفيها تعلّما ثم انخرطا في سلك الجيش الحنبعلي وكان أحدهما يسمى (أيْفيقيدس) والثاني (هيبُّقراتس) .
    وتجدر الإشارة أيضا إلى فيلسوف قرطاج اسمه (عزربعل) وكان يسمّى في الأوساط الإغريقية) اقليتوماكوس) وهو من أمّ قرطاجية لم يحتفظ التاريخ باسمها ومن أب إغريقي يسمّى ديوجنيتوس ولعلّه من الجالية الإغريقية التي كانت تقيم بقرطاج وفيها تشتغل ، لاسيما وقد توفّرت لها ظروف إقامة طيّبة، تنعم بالسّلم والرّخاء وقد تمكّنت تلك الجالية من إنشاء مقدس تمارس فيه عبادة الإلهة ديمتره السيراكوسية. ولم تكن هذه الشعائر الإغريقية تزعج عباد الإلهة القرطاجية تانيت بل كان احترام متبادل بين عباد الإلهتين. هذا مع العلم أنّ محفل الآلهة البونيقية يضمّ آلهة مصرية نذكر منهم الثالوث أوزوريس وإيزيس ورع. وممّا يثبت قبول هؤلاء الآلهة المصرية وجود أسمائهم في أسماء القرطاجيين والقرطاجيات : فكثيرون من كانوا يتسمّون عبد إيزيس أو عبد رع وهو ما يثبت أنّ القرطاجيين لم يقبلوا على ترجمة أسماء الآلهة الذين يدخلون ديارهم. فالإلهة إيزيس المصرية تحافظ على إسمها في قرطاج. ولئن تمت الاشارة إلى هذه الظاهرة، فذلك لأنّ الإغريق لا يعترفون إلاّ بقوالب لسانهم ومقاييسه، حتّى أنّهم إذا تحدثوا عن تانيت أو عشتروت رأيتهم يذكرون هذه أو تلك مستعملين اسما إغريقيا يعتبرونه مناسبا. ففي النصوص الإغريقية لا تجد اسم تانيت لأنّه يحجب ويعوّض باسم( هيرا)أمّا في النصوص اللاتينية فقد تتوارى تانيت خلف الإلهة( يونو) . ولم تكن تلك المعادلات من باب الاعتباط بل لها أصول وقواعد لايتسع المجال للخوض فيها .
    شرّعت الإمبراطورية الرومانية حق استقبال اللاجئين السياسيين. وهو بخاصة ملتقى حضارات الشرق الأدنى. واورد عن المؤرخ فيلوستراتس وصفا جميلاً لمدينة قادش التي أسسها أبناء صور في نهاية الألف الثاني قبل الميلاد - نتباهى بمثله اليوم بعد أربعة آلاف سنة - قال( إن فيها معبداً للعصور القديمة إلى جانب معابد للفكر والفن، ومعبد مكرس للحكمة في جميع أنحاء الأرض، من دون عصبية أو تمييز عرقي أو ديني أو لغوي)).
    في مدينة كركوان بالوطن القبلي وهي مدينة بونيقية قرطاجية تقع بين قليبية والهوارية .توجد قبور نقرت في الصخر من المدرج إلى الغرفة الجنائزية مرورا بمعبر ضيق طويل، تأوي رفات شخصين دفن أولهما كالجنين، وهي طريقة إقبار شائعة في الأوساط اللّوبية عاينها علماء الآثار في شمال إفريقيا منذ أقدم العصور القديمة. وامرأة وذلك على أساس الظّهرة الجنائزية ومنها مرءاتان من برونز، والجدير بالذكر أيضا أنّها أقبرت ترميدًا وجمعت عظامها المحروقة في تابوت من الحجر الجيري.
    ففي هذه الغرفة الجنائزية تواجد نوعان من طرق الإقبار : الدفن على هيأة الجنين والترميد، واستنادا إلى معطيات مادية ثابتة أمكن استخلاص النتائج التالية : يعود هذا القبر القرطاجي البونيقي إلى ما بين القرن الرابع والقرن الثالث ق.م. تأوي الغرفة الجنائزية رفات رجل أصوله إفريقية وقد يكون من أرومة محليّة. وإلى جانبه رفات زوجته المرمّدة.
    تواجد طريقتي إقبار مختلفتين في نفس الغرفة الجنائزية وهو ما يجعلنا نفترض أنّ الرجل الإفريقي تزوّج من امرأة أجنبية قد تكون إغريقية أو أتروسكية مع العلم أنّ الإغريق والأتروسكيين كانوا يرمّدون أمواتهم في غالب الأحيان. تمكّنت المرأة من الحفاظ على هويتها الدينية ولم ير أهلها حرجا من ترميدها وإقبار عظامها المحروقة في نفس الغرفة الجنائزية التي آوت رفات زوجها الإفريقي. كان الزوجان على مستوى من الحب والوئام جعلهما يتقاسمان بيت الحياة وغرفة الممات دون أن يفرّطا في الهوية الثقافية ولا في العقيدة والطقوس. فهو الحب والاعتراف بالخصوصية. إنّها روعة حضارية.
    هكذا كان المجتمع القرطاجي البونيقي متفتّحا لا يعرف التعصّب ولا يعمل على إقصاء الآخر بل يفتح ذراعيه استعدادا لمعانقته دون أن يتنافى ذلك مع المنافسة الشريفة والمزاحمة في كل ما يتعلق بشؤون المادّة من صناعة وتجارة وتوسيع مناطق النفوذ. وأيّا كان الأمر، فالقرطاجيون يعترفون بالآخر. ولمّا أشعّت الرّومنة بعد عنف الحروب وضراوتها، توفرت لروما وقرطاج ظروف سلم ووئام، تلك التي ترنّم بها الشاعر اللاتيني ورجليوس Virgile تمجيدا للإمبراطور أوجستوس Auguste ومآثره. على أن الأفريقيين، يعتبرون قصيدة أنّيوس Enée أهزوجة تراقص أفريقة وتعانقها وترفع ذكرها. لقد ترومن الأفريقيون، ولا أدلّ على ذلك من مشاهدة المواقع والمعالم وهي عديدة في مختلف أقطار المغرب الكبير. وفضلا عن المعالم والمواقع مثل دقّة Dougga وتاوسدرة Thysdrus وجميلة Cuicul بالجزائر وليلى Volubilis بالمغرب الأقصى وسبراطة ولبدى Lepcis بليبيا، لا بّد من ملاقاة الرجال وقراءة مآثرهم، سياسية كانت أو عسكرية، ولآخرين مآثر أدبية روحية أو فلسفية وفنية : فهذا أبوليوس المداورشي وذاك افرونتون الكرتي و آخر يدعى كلوديوس ألبينوس الهدرمي، فنحن مدينون لبول مونسو Paul Monceau بكتاب أفرده إلى أدباء وشعراء وفلاسفة من أبناء أفريقية الذين أبدعوا باللّغة اللاتينية، ثم لا بدّ من إشارة إلى سبتميوس سيويروس وهو من عظماء الأباطرة.
    الديانة القرطاجية
    تسلط النقائش والتماثيل وكتابات المؤرخين الضوء عن ملامح الديانة الوثنية القرطاجية ومن أهم ملامحها :
    * تعدد الآلهة : مجتمع وثني حيث عبد القرطاجيون كغيرهم من الشعوب القديمة مجموعة من الآلهة على رأسها بعل حمون كبير الآلهة وحامي القرطاجيين رمز الخصب والرخاء وإله الشمس والمطر . ثم تانيت آلهة الخصوبة وهي الآلهة الأم ثم عشتارت الآلهة الكنعانية رمز الحب والبحر والموت ويشكل الثلاثة مايسمى بالثالوث الإلهي كظاهرة قديمة منتشرة . إضافة الى ذلك عبد القرطاجيون آلهة دخيلة مثل ديمترة الإغريقية ألهة الزراعة التي دخلت في القرن 4 ق م وملقرط حامي المشاريع البحرية والمستوطنات وإله صور ويبرز ذلك من جهة أولى تدين المجتمع القرطاجي ومن جهة أخرى تواصله عقائديا مع أبرز شعوب العالم القديم .
    * أهمية العبادة والطقوس : خصص القرطاجيون فضاءات للعبادة من أبرزها معبدي التوفاة مقر بعل حمون وآشمون ولم تكن هذه المعابد مقتصرة فقط على المجال العقائدي الوثني بل هي مجال لتعلم القراءة والكتابة والعلوم ومجالس للأدب كما تعقد فيها الاجتماعات السياسية المصيرية .
    ضمن معتقداتهم يقدم القرطاجيون قرابين وأضاحي للآلهة يحرقها الكاهن المشرف على المعبد ويضعها في جرار أو قوارير تدفن في المعبد ويوضع عليها نقيشة تضم إسم صاحب القربان وعلى العكس مما ذهب إليه عديد المؤرخين فإن القرطاجيين لم يقدموا ذبائح بشرية حية في معبد التوفاة بقرطاج .
    فنون قرطاج

    إهتم البونيون بالأدب والفنون التي شملت عدة ميادين منها النحت والنقش وسبك المجوهرات كما اعتنوا بالموسيقى . يعتبر فن العمارة عريقا ذا جذور كنعانية من حيث الشكل الشطرنجي المتعامد للمدينة جلبه الفينيقيون من الشرق ومن أبرز مايدل على ذلك مخطط مدينة كركوان بالوطن القبلي . تتكون المدينة البونية من فضاء يحيط به سور مثل سور قرطاج وهي أسوار عريضة تتعدى المترين كسور كركوان تتخلله أبراج ومدارج ومساكن ومن مكونات العمارة السكنية انتشر البيت الموسط كنمط معماري شرقي متأثر بالفن الإغريقي الهلنستي خاصة في زخرفة الأروقة والسواري والأعمدة . كما تأثر المعمار بالفن المصري في شكل الزخارف الجصية البديعة المقورة والمجوفة التي تزين جدران الغرف .
    أدرك الزخرف والنحت مستوى رفيعا مع الاهتمام بزخرفة الأوعية الفخارية والبرنز وعجين الزجاج وقد ازدانت بألوان زاهية وأشكال هندسية ونباتية وحيوانية مع انجاز التماثيل والأقنعة الطينية . أدرك فن النحت في كل المدن البونيقية مستوى راقيا انسجمت فيه الجذور الكنعانية مع الإغريقية والمصرية وغيرها ومن أبرزها توابيت محلاة بصور آدمية من رخام .
    أيضا نجد سبك الحلي والمجوهرات كالخواتم والأخراص والأسورة جمعت بين بريق الذهب وروعة الأحجار الكريمة كالزمرد والفيروز والياقوت ... إكتست بعدا فنيا جماليا وعقائديا .



    يتبع
    البلاد التونسية : التاريخ
    تاريخ البلاد التونسية منذ القرن XII ق م




    شرح نص تحضير دروس شرح نصوص ملخصات الدروس موقع تعليمي تونسي
    Explication du texte de préparation des leçons, explication des textes des résumés des leçons, un site pédagogique tunisien

  3. #3
    تحيا تونس الصورة الرمزية gem
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    3,349

    تاريخ البلاد التونسية منذ القرن xii ق م








    البلاد التونسية : التاريخ
    تاريخ البلاد التونسية منذ القرن XII ق م


    الحروب التي خاضتها قرطاج من وجهة نظر دفاعية
    الحروب الصقلية

    الحرب الصقلية الأولى:

    كان هدف معظم المدن اليونانية هدف قرطاج نفسه - السيطرة على التجارة في البحر الأبيض المتوسط. ولهذا أصبحت بينهما عداوة دائمة. وكلاهما بدأ باستعمار جزيرة صقلية منذ زمن، ولما رأت قرطاج أن جيلون، دكتاتور مدينة سيراكوزا، كان يحاول توحيد المدن اليونانية في صقلية، قررت محاربته في عام 480 قبل الميلاد. فأرسلت جيشا كبيرا بقيادة أميلكارر، ولكن الكثير من الجيش غرق مع سفنه، فهزم في هيميرا قرب باليرمو، وعليه انتحر هملقار وتحولت حكومة قرطاج من أرستقراطية إلى جمهورية.
    الحرب الصقلية الثانية:

    بعد أقل من سبعين عام رجعت قرطاج إلى قوتها الأصلية. أنشأت مدن كثيرة في شمال تونس. ففي عام 409 ق م ذهب حنبعل ماجو حفيد حملقار ليحارب ضد مدن صقلية اليونانية وفتح مدن سلينونتي وهيمبرا. كلها، وخاصة المدينة الأقوى سيراكوزا، لكن دخل الطاعون في جيشه، فماتوا الكثير ومنهم حنبعل ماجو. استنمر القائد حملكو الحرب، واحتل مدينة جيلا، لكن أثر الطاعون عليهم كثير فاتفقوا مع ديونيزيوس ديكتاتور سيراكوزا رجعوا.
    بعد قلبل - في عام 398 ق م - رفض ديونيزيوس اتفاقهم وهاجم على المدينة القرطاجية موتيا في صقلية، فدافع عليها القائد حملكو وبعد نجاحه احتل المدينة اليونانية مسينا أيضا. أخيرا هاجم على سيراكوزا طول عام 397، لكن عاد الطاعون في 396 فهربوا.
    بعد ذالك حاربوا مرات عديدة طول 60 سنة، وانتهت الحروب في 340 ق م بتقسيم الجزيرة بين قرطاج في الجنوب الغربي والمدن اليونانية على الشواطئ الأخرى.
    الحرب الصقلية الثالثة:

    في عام 315 ق م أخذ اغاثوقليس (دكتاتور سيراكوزا) مدينة مسينا، ثم رفض اتفاق السلام بينه وبين قرطاج وهاجم على الجزء القرطاجي لصقلية، وأيضا مدينة اكراغاس. فأرسلت قرطاج حملقار حفيد حنى الطيار ليحاربهم، وكان نجاح عظيم، ففي عام 310 ق م كان يحكم تقريبا كل الجزيرة وكان جيشه حول سيراكوزا نفسها. لكن اغاثوقليس ذهب سرا مع جيش 14000 جندي ليهاجم عن قرطاج نفسها، فدعى مجلس قرطاج حملقار ليعد ويدافع المدينة. فربحت قرطاج جزء كبير من صقلية، لكن حتى بعد نصره على جيش اغاثوقليس لم يقدر على سيراكوزا.
    حروب بيروس الأبيري:

    كان بيروس الأبيري ملك يوناني في البانيا دعته المدن اليونانية في جنوب ايطاليا وصقلية ليحكمهم ويدافع عنهم، فبين الأعوام 280 و 275 ق م، حارب عدويه اللدودين روما وقرطاج. خسر في حروبه، فرجعت صقلية إلى ما كانت وحكمت روما كل جنوب ايطاليا، فقربت إلى قرطاج للمرة الأولى.
    الحروب البونيقية الرومانية

    الحرب البونية الأولى : 264 - 241 ق م

    لما مات الطاغية اليوناني اغاثوقليس عام 288 ق م، كان الأجراء الإيطاليون في جيشه قد فقدوا خدمتهم، فغضبوا وحكموا مدينة مسينا اليونانية في صقلية وسموا أنفسهم "ماميرتين" يعني "تابعي اله الحرب" وأخذوا يحاربون على كل مدن صقلية. فبعدما أصبح هييرون الثاني طاغية سيراكوزا في عام 265 ق م هجم عليهم، فأرسل الماميرتين سفير إلى روما ليطلب عونهم، وسفير ثان إلى قرطاج. وأجابت قرطاج وأرسلت جيشا إلى مدينة مسينا اليونانية ومجلس أعيان روما لم يزل يبحث عن مخرج . لكن بعد فترة اتفق القرطاجيون مع سيراكوزا، فطلب الماميرتين عون روما ليخرجوا جيش قرطاج. قبل الرومان الطلب المامرتيني لأن روما لم تقبل كون دولة قوية مثل قرطاج في مسينا لأنها قريبة جدا إلى جنوب إيطاليا (اليونان الكبرى التي أصبحت تحت السيطرة الرومانية)، فقرروا أن يبعثوا بجيش لتأييد الماميرتين، وبدأت الحرب البونيقية الأولى.
    لم يربح الجيش الروماني الأول المعركة، لكن في عام 263 ق م، بعثت روما جيشا ثان يقدر ب 40,000 ألف مقاتل ، لترهيب و تخويف هييرون الثاني طاغية سيراكوزا ، الذي سرعان ما نقض تحالفه مع قرطاج و تحالف مع الرومان وعقد معهم معاهدة عدم إعتداء لمدة 15 سنة. أخذ الرومان يعدون لمهاجمة قرطاج نفسها إنطلاقا من جزيرة صقلية حيث ثبتوا أقدامهم. فتمكنوا من إعداد أسطول كبير تألف من 250 سفينة حربية، فضلا عن 80 سفينة نقل . ولما علمت قرطاج بالأمر أخذت هي الأخرى بالاستعداد و إن كان أسطولها الباقي أقل من الروماني بقليل.
    في سنة 256 ق.م بعد أبحار الرومان نحو قرطاج التقى الأسطول الروماني بالأسطول القرطاجي عند رأس أقنوموس جنوب صقلية حيث أشتبكا و انتهت المعركة بهزيمة القرطاجيين ، تابع بعدها الاسطول الروماني ابحاره بقيادة القنصل مرقس اتيليوس رجولوس و نزل على الشاطىء الأفريقي حيث أنزل عدة هزائم متتابعة بالقرطاجيين مكنته من التوغل بعيدا عن الشاطىء لقضاء فصل الشتاء في مكان قريب من قرطاج مما جعل الأخيرة تطلب الصلح منه . عرض القنصل الروماني مرقس شروطا قاسية على قرطاج فرفضتها ثم أخذت تستعد للقتال في نهاية الشتاء باستقدام فرقة من المرتزقة المشهود لهم في القتال و التدريب و على رأسهم قائد إسبارطي محترف هو زانتيبوس الذي عمل على فوره على تدريب الجيش القرطاجي وفقا لأفضل الأساليب القتالية الإغريقية.
    وفي ربيع عام 255 ق.م بعد ان أنهى الجيش القرطاجي تدريباته ، أشتبك مع الجيش الروماني الذي هزم و أسر قائده القنصل مرقس . ولكن الأسطول القرطاجي تصدى للأسطول الروماني الذي كان قادما بتعزيزات لمرقس قد مني بخسارة فادحة شلت قدرة قرطاج البحرية لمدة 5 أعوام التالية. وكان الأسطول الروماني وصل بعد أنتهاء المعركة البرية فأنقذ فلول جيشه تجاه شاطىء صقلية الجنوبي و لكن تحطمت أكثر من 250 سفينة– من بينها 100 سفينة قرطاجية كان الرومان قد اغتنموها فلم يتبق من الأسطول الروماني الناجي سوى أكثر من 100 سفينة فقط.
    أعاد الرومان بسرعة كبيرة بناء أسطولهم الذي دمرت معظمه الأنواء و ركزوا هجومهم على القواعد القرطاجية في غرب صقلية . فسقطت مدينة بانورموس (باليرمو) في أيدي الرومان عام 254 ق.م لتتوقف الحرب بين الطرفين لمدة سنتين فقد أشتعلت الحرب بين قرطاجة و نوميديا في شمال أفريقيا عام 253 ق.م. في سنة 250 ق.م حاولت قرطاج إستعادة بانورموس و لكنها منيت بالفشل مما شجع الرومان في العام التالي على مهاجمة مدينة ليلوبايوم و محاصرتها برا وبحرا. إلا أن القرطاجيين تمكنوا من هزيمة الرومان برا و بحرا هذه المرة و أستعادوا سيادتهم البحرية مؤقتا. ووصل إلى صقلية في عام 247 ق.م القائد القرطاجي حملقارت برقا الذي اسندت إليه القيادة القوات القرطاجية في صقلية يعاونه القائدان أذربعل و قرتالو الذان كانا يقومان بتخريب سواحل إيطاليا . كما كان حملقارت يشن حرب عصابات أقضت مضاجع الرومان و أوقعتهم في مأزق مالي بسبب الخسائر و ازدياد النفقات و استولى حملقارت على موقعين منيغين هما جبل هرقيتي قرب بانورموس و جبل إيريكس قرب دربانا و أإتخذ منهما قاعدتين لشن الغارات على القوات الرومانية.
    كاد القرطاجيون أن يححقوا نصرا حاسما في صقلية لولا قرارها المبهم في إستدعاء أسطولها من صقلية لتجمع قواتها للتحكم في مناطق شمال أفريقيا الداخلية جنوب غرب قرطاجة بسبب الحرب مع نوميديا.
    أستغل الرومان الفرصة فأعادوا بناء أسطولهم حيث أنزلوا 200 سفينة إلى البحر بقيادة القنصل لوتاتيوس كاتولوس ليضيق الحصار حول مدينتي دربانا و ليلوبايوم القلعتين القرطاجيتين. عجزت قرطاج عن إعداد أسطول لإنقاذ هاتين القلعتين . ولم تستطع سوى إرسال حملة بحرية هزمها الرومان قرب دربانا في ربيع 241 ق.م أضطر القرطاجيون إلى قبول الصلح مع الرومان في معاهدة(قاتولوس) أو معاهدة سنة 241 ق م .
    حرب الأجراء:

    خسر القرطاجيون مالا كثير للرومان كجزء من اتفاقهم، فلم يكن لهم مال لقبض أجرائهم، ففضبوا وبدأوا حربا ضد قرطاج بعون نوميديا في عام 241 ق م. كان قائدا الأجراء ماثوس اللوبي وسبينديوس العبد الروماني، ويقال أنهم رجموا كل من تكلم عن هدنة، ولهذا أيضا تسمى "حرب لا هدنة". وبعد سنين ربح القائد القرطاجي العظيم حملقار برقة بجند 10000 مواطني قرطاج (وكان معظم الجيش القرطاجي قبل ذالك أجراء وليس مواطنين). وبعد نصره أصبح حملقار برقة على رأس قرطاج متجها إلى شبه الجزيرة الإبرية.
    احتلال إسبانيا أو شبه الجزيرة الإبرية:

    في عام 236 ق م هاجم حملقار برقة على اسبانيا، وحارب هناك حتى موته في القتال في عام 228. وبعده قاد جيشه عزربعل، وكان أميلكار برقة قبل موته في 228 ق م قد فتح اسبانيا حتى نهر الايبرو واتفق مع روما ألا يعبر ذلك النهر. وبعده أصبح قائد الجيش حنبعل ابن أميلكار برقة المشهور. كان حنبعل يكره الرومان وظن أنه على قرطاج أن تحتل روما وإلا فستفشل بالكامل. وفي عام 219 هاجم على ساغونتوم، مدينة مستقلة وراء نهر الايبرو، وكذالك رفض اتفاق عزربعل، فبدأ الحرب البونيقية الثانية.
    الحرب البونية الثانية: 218-201 ق م

    بعد ما عبر إبيريا وجبال البيريني الوعرة سار حنبعل وجيشه بسرعة، وعبروا جبال الألب في 218 ق م. لما وصلوا إلى روما دخل في جيشهم كثير من الأجراء والحلفاء من قبيلة الگول وهزم الجيوش الرومانية في المنطقة بسهولة، ولما رأوا هذا حالفه الكثير من مدن ايطاليا ومنهم سيراكوزا. في نفس الوقت كان جيش روماني يحارب في اسبانيا. وقرب إلى روما حتى وصل إلى ميناء كابوا في 211 ق م، لكن بعد موت أخيه عزربعل في عام 207 رجع إلى مدينة بروتيوم في جنوب ايطاليا. وأخيرا حالف الرومان الملك النوميدي ماسينيسا وأرسلوا جيشاً ليهجم على افريقيا نفسها،وقد نجحت روما في هزم قرطاج وأجبرتها على امضاء معاهدة سلم ، ومنعتها من أي حرب - حتى ولو كانت دفاعا عن نفسها - إلا بإذن روما.

    إندلعت هذه الحرب بعد فترة من السلم دامت 23 سنة وقد تواصلت على مدى 17 سنة واقترنت ببطولات حنبعل ومن أسبابها العميقة تخوفات روما من القوة القرطاجية التي نمت بشبه الجزيرة الإبرية وقد كانت روما مهتمة إلى أبعد الحدود بتطور الأوضاع بهذه المنطقة وقد أرسل السيناتوس أي مجلس الشيوخ الروماني سنة 231 ق م بعثة كلفت بالتعرف على أهداف عبد ملقرط البرقي من إحتلال شبه الجزيرة الإبرية كما إزدادت تخوفاتها بعد سنة 228 ق م . بعد تأسيس مدينة قرطاجنة كعاصمة ثانية بالمنطقة أبرمت روما سنة 226 ق م معاهدة مع عزربعل قائد الجيش القرطاجي تقضي بأن لا يتجاوز الجيش القرطاجي نهر الإبيروس الواقع شمال الأراضي القرطاجية بإبيريا أما قرطاج فقد كانت تخطط لإستعادة مكانتها بالحوض الغربي للمتوسط وقد بينت الأحداث التي تلت معاهدة 226 ق م أن القائد الجديد للجيش القرطاجي حنبعل كان حريصا على استعادة مجد قرطاج بفضل إستغلال ثروات شبه الجزيرة الإبرية حيث أنهى الدفعات المالية الباهضة التي فرضتها روما على قرطاج في المعاهدة الأولى بين سنتي 241 و 237 ق م .
    تعتبر حادثة صاغنتوم السبب المباشر الذي أشعل الحرب بين الجانبين حيث هاجم حنبعل سنة 219 ق م مدينة صاغنتوم الواقعة جنوب نهر الإبيروس وقد رأت روما في ذلك خرقا لبنود معاهدة سنة 241 ق م أبرزها عدم مهاجمة قرطاج لحلفاء روما بإعتبار أن المدينة من حلفائها وأشهرت الحرب ضد قرطاج وأعلمت قادة قرطاج سنة 218 ق م بقرارها .
    أطوار الحرب الثانية : من إنتصارات حنبعل بروما إلى الهزيمة في واقعة زاما بقرطاج
    إشتملت هذه الحرب على 3 مراحل كبرى تميزت اولا بإنتصارات حنبعل على الأراضي الرومانية ثم بإنهزامه في واقعة زاما
    حنبعل يخطط للحرب و يكسب انتصارات كبرى في بدايتها : انطلق من مخطط حنبعل واختياره للطريق البرية لمهاجمة روما من الشمال في أراضيها انطلاقا من المقاطعة القرطاجية بشبه الجزيرة الإبرية وذلك لاعتقاده أن ميزان القوى في المجال البحري لم يكن لصالح قرطاج في حين أن القوات البرية المتكونة من الفرسان والمشاة والفيلة أظهرت فاعليتها في عدة مناسبات حربية حيث تصدت لحملات روما على الأراضي القرطاجية في الحرب الأولى والقضاء على انتفاضة المرتزقة واحتلال شبه الجزيرة الإبرية . استغل حنبعل عنصر المباغتة واستمال قبائل بلاد الغال بفرنسا التي كان بعضها معاديا لروما كما كان ينوي الى عزل روما عن حلفائها في وسط ايطاليا وجنوبها .
    انتصارات حنبعل من 218 الى 212 ق م : بعد عبور جبال البيريني ونهر الون وجبال الآلب تمكن حنبعل من كسب إنتصارات كبرى ضد الجيش الروماني الذي حاول اعتراضه فكانت أولى الانتصارات في معركتي تسنوس وتربيا ثم انتصار معركة بحيرة ترازمنوس بعد سنة حيث تمكنت الجيوش القرطاجية من محق فيلقين من الجنود الرومانيين وبعد سنة حقق الجيش القرطاجي انتصارا جديدا في معركة كانيئ . لم تكن الخسائر القرطاجية كبيرة في هذه المعارك مقارنة بخسائر روما رغم تفوقها العددي والى جانب هذه الإنتصارات اتخذ حنبعل بداية من 216 ق م مبادرا سياسية ترمي الى عزل روما حيث نجح في كسب ولاء عدة مدن واقعة بوسط وجنوب إيطاليا مثل كبوا و طرنطوم كما نجح في استمالة مدينة سرقوسة وأبرم سنة 215 ق م حلفا مع الملك المقدوني فليبوس .
    بين سنتي 212 و 206 ق م قلبت روما ميزان القوى لفائدتها حيث اختارت بعد هزائمها التكررة طريقة جديدة لمواجهة جيش حنبعل وذلك بمنع وصول المدد العسكري القادم من شبه الجزيرة الابرية ومحاصرة جيشه في جنوب ايطاليا والاكتفاء باستعادة ماأمكن من أراضي ومدن فتم إخضاع مدينة كبوا سنة 211 ق م وسرقوسة سنة 212 ق م . إضافة الى تحويل ساحة القتال الى شبه الجزيرة الإبرية فبداية من سنة 216 ق م تمكن الرومان من كسب ولاء عدة قبائل شمال شبه الجزيرة الإبرية ووسطها فتقلص بذلك النفوذ القرطاجي الذي إقتصر على الشريط الساحلي الجنوبي والشرقي وقد تمكنت من عزل جيش حنبعل وقطع الإمداد البحري الإغريقي والقرطاجي عن جيش حنبعل خاصة بعد ما نجح القائد الروماني ببليوس سقيبيو سنة 209 ق م في إحتلال مدينة قرطاجة عاصمة المقاطعة القرطاجية بشبه الجزيرة الإيبرية وبعد التصدي للجيش القرطاجي بقيادة عزربعل أخ حنبعل وهو بصدد ايصال المدد إلى أخيه تم القضاء نهائيا على الحضور القرطاجي بشبه الجزيرة الإبرية سنة 206 ق م .
    نهاية الحرب بعد نزول الجيش الروماني بإفريقيا ومعركة زاما بين 204 و 202 ق م حيث أنه في سنة 204 ق م وافق السيناتوس الروماني على تحويل الحرب الى الأراضي القرطاجية بإفريقيا وأوكل المهمة إلى القائد بيبلوس سقيبيو والي صقلية الذي جهز جيشا كبيرا أرسى به قرب مدينة أوتيكا خلال صيف 204 ق م وقد تمكن من كسب انتصارات منها هزم جيش الملك النوميدي سيفاكس حليف قرطاج وتعويضه بداية من سنة 203 ق م بمسينسان على عرش مملكة نوميديا بعد اتفاق بينهما . وإلحاق هزائم بالجيش القرطاجي مما أجبر حنبعل عل العودة من إيطاليا الى افريقيا ومواجهة التحالف بين الطرفين النوميدي والروماني وقد أرسى حنبعل بجيشه في مدينة هدرمتوم (سوسة ) ثم تقابل الجيشان قرب مدينة جاما حيث انهزم حنبعل واضطرت قرطاج الى امضاء معاهدة صلح ثانية سنة 201 ق م قضت على القوة القرطاجية حيث تخلت عن جيشها وفيلتها واسطولها وأراضيها بشبه الجزيرة الابرية والالتزام بعدم دخول أي حرب الا بعد موافقة روما ومنح ماسينيسا حق استرجاع الأراضي النوميدية الخاضعة لقرطاج .
    حرب ماسينيسا : في سنة 195 ق م، بعد أن طرد الرومان حنبعل من قرطاج، أخذ ماسينيسا ملك نوميديا جزءا كبيرا من ما كان ملك قرطاج في افريقيا، من عنابة في الجزائر حتى لفقي في ليببا، وهو يعرف أنهم لا يستطيعون أن يدافعوا على أنفسهم إلا بإذن حليفه روما. في 160 أخذ المزيد من أراضي قرطاج، فبعثت قرطاج سفير إلى روما لتطلب إذنهم الحرب، وأمر روما ماسينيسا أن يرد لقرطاج بعض المدن، لكن لم يكفي في رأي قرطاج، ففي عام 151 ق م، حاربوا ضد ماسينيسا وخسروا بسرعة. وكان فريق كبير في روما يريد تدمير قرطاج شامل - وأشهرهم مارقوس كاتون الذي زار قرطاج في عام 155 ق م وبعد زيارته كان يكمل كل خطاب له في المجلس بصرخة "Carthago delenda est" "علينا أن ندمر قرطاج" - فقالوا أن قرطاج نقضت الاتفاق وتم الهجوم والقضاء عليها.

    حرب بونيقية ثالثة : 149 - 146 ق م

    كانت روما تبحث عن الذرائع لتشن الحرب على قرطاج من جديد لكن حكام قرطاج بعد الحرب البونيقية الثانية (218-202 ق.م) كن همهم الحفاظ على السلام مع روما و الاهتمام بإنعاش الاقتصاد المتضرر من الحربين السابقتين . ولم يمض كثير من الوقت حتى غدت قرطاج ثاني أكبر مركز تجاري في غرب البحر المتوسط . كما أصبحت أرضها منتجة من جديد . مما جعلها تعرض على روما أن تدفع الأقساط الباقية جميعها دفعة واحدة ، وأن تتبرع لروما و في العام نفسه و في عدة مناسبات تالية بكميات كبيرة من القمح دون مقابل.
    نظرت روما إلى نجاح ونهوض قرطاج من عثرتها بعدم الرضا و القلق الشديد الذي مرجعه الغيرة و الحسد من ناحية و الخوف من أن تعيد قرطاج بناء قوتها مما حذا بالسناتوس الروماني انتظار الفرصة المناسبة لتدمير قرطاج . كان ماسينيسا ملك نوميديا يطمع في أن يسيطر على أراضي قرطاجية كثيرة لذلك كان دائما يزرع الخوف عند الرومان من قدرات قرطاج . فكان يعتدي مرات كثيرة على ألأراضي القرطاجية فترفع قرطاج الأمر للرومان و لكنهم يقفون مع حليفهم الملك ماسنيسا . و حدث أن طلب ماسينيسا من قرطاج السماح له بدخول طرابلس بحجة ملاحقة ثائر فر إلى برقة وعندما رفضت هذا الطلب هاجم إقليم طرابلس و أحتل سهل الجفارة لكنه عجز عن الاستيلاء على مدن طرابلس الثلاث.
    أرسلت روما سفارة إلى قرطاج بشأن الموضوع بقيادة كاتو الكبير فعاد إلى روما محرضا على شن الحرب على القرطاجيين بحجة تكديسهم للأخشاب في الميناء لبناء أسطولهم و أن الجيش الذي حاربوا به ماسينيسا هو نواة جيش الانتقام من روما.أرسلت روما بعثة أخرى إلى قرطاج طلبت من قرطاج تسليم مدن طرابلس الثلاث لماسينيسا مما أثار القرطاجيين و أشعل نار الغضب فيهم لدرجة أن البعثة فرت من قرطاج خوفا على حياتها. و أستمر كاتو في تحريضه ضد قرطاج حيث كان يقول في مجلس السيناتوس (يجب أن تدمر قرطاج، يجب أن تدمر قرطاج). وأنحاز الرومان لماسينيسا الذي تشجع على الخوض في شؤون قرطاج الداخلية فبين عامي 151-150 ق.م ظهرت الخلافات السياسية داخل قرطاج فطرد الحزب الموالي لماسينيسا من المدينة فطلب هذا الأخير بإعادة مواليه إليها الأمر الذي رفضته قرطاج فقامت الحرب بينهما و أنتهت بإنتصار ماسينيسا. قامت قرطاج بعد ذلك بإعدام القادة العسكريين و أرسلت شكوى إلى روما من تصرفات ماسينيسا لكن الرومان أستغلوا الفرصة. وفي عام 149 ق.م استسلمت أوتيكا للرومان فأعلنوا الحرب على قرطاج . في ذلك الوقت توجهت بعثة قرطاجية إلى روما تطلب الاستسلام دون شرط أو قيد كما أورد السيناتوس بأنه سيسمح ببقاء حرية القرطاجيين وقوانينهم و إقليمهم و ممتلكاتهم العامة و الخاصة شرط أن يسلموا ثلاثمائة من أبرز رجالهم كرهينة و أن يطيعوا الأوامر التي يصدرها القنصلان الرومانيان المتوجهان إلى أوتيكا. فوافق القرطاجيون على كل ذلك . و عند وصول القنصلين إلى أفريقيا كشفا هدف السيناتوس الحقيقي بأن طلبوا من القرطاجيين أن يخلوا مدينتهم و أن يبتعدوا عن الشاطئ لـ16 ميلا وكان ذلك الشرط المفاجئ المخادع بقصد تدمير إقتصاد قرطاج. لكن القرطاجيين لم يتخلوا عن مدينتهم و بدؤوا بالتحصن فيها إلى أن سقطت و أحرقت نهائيا ودمرت بعد حصار ثلاثة أعوام متتالية (149-146 ق.م).
    كانت الحرب البونيقية الثالثة أسرع من الحروب التي كانت قبلها. أولا حاصر جنود روما قرطاج طول 3 سنين، وأخيرا نجحوا ودمروا قرطاج تدميرا شاملا. ذبحوا معظم المدنيين وباعوا الآخرين كعبيد، وحرقوا المدينة ودمروا جدرانها، ويقال أنهم حرثوا الأرض بالملح لكي لا ينمو فيها أي نبات أبدا ولا يسكنها أحد. وانتهت شهرة قرطاج وثبتت إمبراطورية روما.



    يتبع
    البلاد التونسية : التاريخ
    تاريخ البلاد التونسية منذ القرن XII ق م




    شرح نص تحضير دروس شرح نصوص ملخصات الدروس موقع تعليمي تونسي
    Explication du texte de préparation des leçons, explication des textes des résumés des leçons, un site pédagogique tunisien

  4. #4
    تحيا تونس الصورة الرمزية gem
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    3,349

    تاريخ البلاد التونسية منذ القرن xii ق م








    البلاد التونسية : التاريخ
    تاريخ البلاد التونسية منذ القرن xii ق م



    قرطاج الجديدة

    لم يبق شيء من قرطاج، لكن موقعها لم يزل من أفضل أماكن البحر الأبيض المتوسط لبناية مدينة. وبعد قرون، قرر يوليوس قيصر في عام أن يبني هناك قرطاج جديدة ليسكنها الرومان. وأصبحت قرطاج الجديدة عاصمة افريقية الرومانية. في عام 439 م أخذ غيسريك ملك قبيلة الفاندال الألمانية قرطاج، وحكموها حتى عودة الرومان البيزنطيين 15 أكتوبر 533 بقيادة بيليساريوس. لكن في أواخر سنين الإمبراطورية الرومانية قل عدد سكان افريقية الشمالية، وبعد فتح قرطاج في 698 م أصبحت مدينة قريبة منها تسمى تونس أهم منها، وأخيرا رجع قرطاج أثر غير مسكون، يبنون بها سكان تونس بيوتهم.
    من الواضح وما نستخلصه من تلك الحروب التي وقفت فيها قرطاج مدافعة عن كينونتها ضد الغطرسة الرومانية كانت قرطاج خير مثال على روح التصدي والمقاومة والتنظيم والحضارة والنمو ولعل ذلك ما أثار تخوفات روما التي بقيت عاجزة عن مواكبة التحولات الحضارية التي شهدتها قرطاج ورغم ذلك تموت حضارة القوة وتبقى قوة الحضارة مستمرة فقرطاج التي كانت قوة يحسب لها ويهاب جانبها بقيت آثارها الى اليوم شاهدا على الاستمرارية في الزمن كحضارة متميزة استهوت أقلام المؤرخين والادباء والفنانين وغيرهم من كافة أنحاء العالم كما بقي تاريخها وملاحمها يدرسان إلى اليوم بأرقى المعاهد والجامعات عالميا .

    الفترة النوميدية

    نوميديا هي مملكة امازيغية قديمة قامت في غرب شمال افريقيا ممتدة من غرب تونس لتشمل الجزائر وجزء من المغرب الحالي, وكانت تسكنها مجموعتين كبيرتين, احداهما تسمى: المازيليون, في الجهة الغربية من مملكة نوميديا, وهم قبيلة تميزت بمحالفة الرومان والتعاون في ما بينهم ضد قرطاج, اما القبيلة الأخرى فكانت تسمى بالمسايسوليون وهم على عكس المازيليين كانوا معادين لروما متحالفين مع قرطاج وكان موطنهم يمتد في المناطق الممتدة بين سطيف والجزائر العاصمة ووهران الحالية. وكان لكل قبيلة منهما ملك يحكمها اذ حكم ماسينيسا/ماسينيزا على القبيلة المزيلية في حين حكم سيفاكس على المسايسوليين.
    تاريخ تأسيس نوميديا

    لا يعرف تاريخ تأسيس مملكة نوميديا على وجه التحديد, فبعض المصادر القديمة سواء المصرية الفرعونية او اللاتينية اشارت الى وجود ملوك امازيغ في شمال افريقيا, بحيث تروي بعض الروايات الأسطورية او التأريخية ان الأميرة الفنيقية أليسا المعروفة بديدو ابتسمت باغراء لأرضاء الملك الأمازيغي النوميدي يارباس ليسمح لها بالأقامة في مملكته, وهو ما رواه المؤرخ اللاتيني يوستينيوس نقلا عن غيره. كما اشارت بعض المصادر اللاتينية ان كلا من الملكين الأمازيغيين: يارباس ويوفاس رغبا في التزوج بالأميرة الفينيقية أليسا, كما اشار الشاعر فيرخيليوس الى ان يارباس كان يفرض زواجه على أليسا كما كان يقدم القرابين لأبيه جوبيتر-آمون في معابده الباهرة ليحقق له امنيته. غير ان هذه الأساطير ليست دقيقة فالأستاذ محمد شفيق يتساءل عما اذا كان المقصودون هنا هم زعماء القبائل. وحسب الأستاذ نفسه فأنه من المحقق انه كان هناك ملوك للأراضي النوميدية, وان جل المؤرخين يعتقدون ان أيلماس هو المؤسس لمملكة نوميديا, وللأشارة فان الملك ماسينيسا الذي ينتمي الى اسرة أيلماس كان يطالب باسترداد اراضي اجداده في حربه ضد قرطاج ومملكة موريطانيا مدعوما بروما.
    نوميديا في عهد ماسينيسا

    يعتبر ماسينيسا اشهر الملوك النوميديين, اذ تميز بقدراته العسكرية بحيث تمكن من هزم خصمه الأمازيغي سيفاكس, كما تمكن من هزم حنبعل القرطاجي اعظم الجنيرالات التاريخيين, في معركة زاما بتونس الحالية سنة 202 قبل الميلاد. ولربما لأسباب عاطفية تكمن في تزويج القرطاجيين خطيبته : صوفونيسا لخصمه المسايسولي سيفاكس, رافعا شعاره الشهير: افريقيا للأفارقة, متحالفا مع روما, عاملا على تأسيس دولة امازيغية قادرة على مواجهة التحديات الخارجية. وفي عهده برزت نوميديا في ميادين عسكرية وثقافية متبعا التقاليد الأغريقية في ما يتعلق بالطقوس الملكية, ومتبنيا الثقافة البونيقية في الميادين الثقافية. كما جهز الأساطيل ونظم الجيش وشجع على الأستقرار وتعاطي الزراعة وشجع التجارة الشيء الذي جعله يعتبر ابرز الملوك الأمازيغ القدماء.
    نوميديا بعد ماسينيسا

    ماسينيسا الذي بلغ من الكبر لم يأخذ بالحسبان القوة الرومانية , كما انه لم ينظم امور الملك, فبعد وفاته قامت صراعات بين ابنائه لحيازة العرش, فتدخل الرومان ووزعوا حكم نوميديا التي اصبحت الخطر القادم بعد انهيار قرطاج, على ثلاثة من ابنائه, ونصبوا مسيبسا حاكما لنوميديا وعمل على مد جسور العلاقات الودية مع روما, في حين جعل اخوه غيلاسا قائدا للجيش, بينما جعل الأخ الثالث: ماستانابال القائد الأعلى في مملكة نوميديا, غير ان ميسيسا سينفرد بالملك بعد وفاة اخوته في وقت مبكر.
    نوميديا بعد ميسيبسا

    بعد وفاة ميسيبسا سيندلع ايضا صراع بين ابناء ميسيبسا وهم: هيمبسل وأدهربل واحد ابنائه الذي هو حفيد لماسينيزا, وعلى غرار التجربة الأولى عملت روما على التدخل لتوزيع مملكة نوميديا قصد اضعافها غير ان يوغرطا تميز بقوميته على غرار جده ماسينيسا حالما بأنشاء مملكة نوميدية امازيغية قوية, بعيدة عن تأثير القوة الرومانية.
    نوميديا في عهد يوغرطا

    بعد الصراع بين ابناء ميسيبسا تمكن يوغرطا من القضاء عليهم, ومن مدينته سيرطا التي اختارها كمنطلق لحروبه ضد الرومان كبد روما خسائر كبيرة في جنودها حتى بدا وكأن الفوز سيكون لا محال من نصيب يوغرطا, غير انه وحسب الروايات المتداولة قام احد ملوك موريطانيا الأمازيغ التي وجدت في منطقة المغرب الحالي وهو بوخوس بالغدر به في فخ روماني, وبذلك تم القبض عليه وسجن ومات في سجنه.
    حرب الرومان ويوغرطان : 110 ق م - 105 ق م شهدت طورين كبيرين فبعد محاولة الصلح الفاشلة طلب السيناتوس الروماني من الملك النوميدي يوغرطا الحضور الى روما قصد التحقيق معه مباشرة وقد أقام يوغرطا في روما وعرف كيف يدافع عن سياسته الا أن أعداءه نجحوا في استفزازه بابراز شخصية نوميدية منافسة له وهي الأكير ميفسان فلم يتردد الملك النوميدي في تدبير عملية اغتيال لخصمه وتنفيذها في روما بالذات حيث كان الأمير يقيم منذ سقوط قيرطة .
    أجمع الرومان على إدانة هذا الإغتيال الذي إعتبر تحديا لروما وسلطتها حيث عبر السيناتوس عن غضبه الشديد وأمر يوغرطا بمغادرة المدينة فورا وكانت تلك الحادثة سببا مباشرا في قيام الحرب سنة 110 ق م بدأت بطور أول من 110 الى 109 ق م انتصر فيه يوغرطا حيث في شتاء 109 ق م كانت المعارك لفائدته حيث هزم الجيش الروماني بقيادة أولوس ثم انتصارات أخرى سنة 108 ق م ضد القائد الروماني ميتلوس . وكان الملك النوميدي يباشر الحرب شخصيا معتمدا على عنصر المباغتة والحركة المستمرة لهجماته مما دفع الرومان الى التخلي عن المعارك التقليدية والدخول في حرب مناوشات وعصابات مع مداهمة المدن الهامة مثل جاما وسقا بشمال تونس الغربي وقد حاول ميتلوس تدبير المكائد ليوغرطا بإغراء عدد من أعضائه المقربين لكن دون جدوى ولم يمنع ذلك يوغرطا من تحقيق انتصار جديد في واقعة واقة أي باجة حاليا حيث أوقع بالحامية الرومانية المرابطة قرب هذه المدينة مستفيدا من مساعدة السكان .
    بعد 108 ق م تغيرت الحرب لفائدة روما حيث عقب مؤامرة ثانية تخلص يوغرطا من ظباط متواطئين مع روما وبعد معركة دامية لم يتمكن من المحافظة على موقع قالة كقلعة محصنة صمدت طويلا في وجه القائد الروماني ميتلوس بعد انسحاب يوغرطا وفي نفس السنة سقطت مدن أخرى في يد روما مثل العاصمة النوميدية قيرطة اتخذ منها ميتلوس قاعدة عملياته الحربية مما جعل يوغرطا يتجه الى المناطق القاحلة جنوبا ويتصل بالقبائل البدوية لضمها الى جيشه كما ربط علاقات متينة مع ملك موريطانيا بخوس الذي زوجه ابنته وتحالف معه ضد روما .
    في هذه المرحلة عين القائد الروماني الجديد قايوس ماريوس بعد أن كان مساعد ميتلوس وكون وحدات المرتزقة الأفارقة المنتسبين الى قبائل الجيتوليين ثم ركز خطته الحربية على عزل يوغرطا عن قواعد التموين بالمدن النوميدية لكن لم يتوصل إلى الانتصار .
    التحم الجيشان المتحاربان في وقائع منها واقعة قبصا (قفصة) في أواخر صيف 107 ق م انتهت بسقوط المدينة بيد الرومان الذين أحرقوها وقتلوا سكانها وأسروهم سعيا من القائد الروماني بهذه الأخلاق المنافية لقواعد القتال الى النيل بمعنويات الأفارقة المناصرين ليوغرطا . أما في معركة قلعة الملوية التي جرت في ربيع سنة 106 ق م فإن يوغرطا وجد الدعم من الجيش الذي التحق بالقتال فهزم جيش الرومان في مناسبتين تمكن من خلالها يوغرطا استرجاع مواقع نوميدية هامة منها العاصمة قيرطة لكنه لم ينجح في المحافظة عليها طويلا بعد هجمات ماريوس القوية والمركزة في خريف سنة 106 ق م .
    أخيرا ملك موريطانيا بخوس يغدر بيوغرطا ويسلمه لروما حيث تخوف من الخطر الروماني الذي وصل الى مشارف مملكته ودخل في محادثات سرية مع ماريوس أدت الى الغدر والايقاع بصهره يوغرطا وهكذا تمكن القائد الروماني ماريوس وبالغدر والمكائد لا في ساحة القتال وجها لوجه من الايقاع بخصمه اللدود يوغرطا في مفاوضات سلم وهمية استغل فيها بخوس ثقة صهره وسلمه الى أعدائه وبذلك انتهت الحرب بعد أن أعدم يوغرطا بطريقة وحشية في سجن التليانوم بروما يوم 1 جانفي 104 ق م ليتدعم الحضور الروماني بشمال افريقيا ليسجل التاريخ نهاية مأسوية جديدة لصراع الأفارقة ضد الرومان ويضل يوغرطا على غرار سلفه حنبعل رمزا للصمود والتحدي وقد اقترن اسمه بوحدة نوميديا والتصدي للغطرسة وسياسة الهيمنة والتقسيم التي سعت روما الى اقرارها بالمنطقة منذ سنة 146 ق م أي من سقوط قرطاج .
    نوميديا بعد هزيمة يوغرطا

    بعد هذه الهزيمة أصبحت شمال إفريقيا غنيمة في يد الرومان, وبدل جعلها عمالة تابعة لروما, نصبوا ملوكا امازيغا على شرط قيامهم بمد روما بالثروات الأفريقية, وبذلك تم تقسيم مملكة نوميديا الى ثلاثة مماليك, استأثر فيها بوشوس بالجزء الغربي جزاء عمالته, في حين حصل غودا على الجزء الشرقي, اما ماستانونزوس فقد حصل على الجزء الأوسط من مملكة نوميديا الموزعة.
    التوسع الروماني والمقاومة
    مراحل التوسع الروماني على انقاض الدولة القرطاجية :
    التوسع الإستيطاني : باحداث المستوطنات بولايتي افريقا القديمة وافريقيا الجديدة : فبعد فشل احداث مستوطنة رومانية بقرطاج أثناء العهد الروماني الجمهوري اتجه يوليوس قيصر عندما حل بولاية افريقيا في 47 و 46 ق م ببعثها من جديد لكنها لم تتأسس إلا في سنة 40 ق م على يد أقتاويانوس الذي واصل تأسيس المستوطنات الرومانية ببلدان المغرب وقد استقرت أفواج المحاربين الرومان القدامى بمدن جديدة مثل وذنا ووزعت عليهم الحقول في أريافها كما استقرت أفواج المستوطنين بمدن أخرى مثل أوتيكا وشمتو وغيرها وقد وقع الاختيار خاصة على الاراضي الخصبة بقراها ومدنها بوادي مليان بتونس حاليا ووادي مجردة والسواحل القريبة من قرطاج .
    أحدثت المستوطنات غرب إفريقيا البروقنصلية في نهاية القرن 1 وبداية القرن 2 موطن قبيلة الموزولاميين حيث نمت مدن مثل مادوروس وسفيطلة والقصرين وبلاريجيا وحيدرة بالكاف حاليا
    نوميديا في عهد يوبا الأول

    بعد خلفاء بوخوس ملك موريطانيا الذين تميزوا بإقامة علاقات ودية مع روما, ظهر ملك امازيغي نوميدي آخر, وهو حفيد ليوغرطا وكان اسمه يوبا الأول. هذا الأخير حلم على نهج أجداده يوغرطا وماسينيزا لبناء دولة امازيغية نوميدية مستقلة تكفيهم التدخلات الأجنبية. وفي سنة 48 قبل الميلاد بدت الفرصة سانحة لتحقيق هذا المأرب, ذلك ان صراعا قام بين بومبيوس وسيزر حول حكم روما. واعتقد يوبا الأول ان النصر سيكون حليفا لبوميوس وراهن على حلف بينهما غير ان النصر كان مخالفا لتوقعات يوبا الأول وتمكن سيزر من هزم خصمه بومبيوس. ففي سنة 48 قبل الميلاد تمكن الجنود الرومان وجنود كل من بوخوس الثاني وبوغود الثاني من تحقيق نصر مدمر ضد جيوش يوبا الأول وبومبيوس. وعلى الرغم من تمكن يوبا الأول من الفرار الى انه انتحر بطريقية فريدة دعا فيها احد مرافقيه من القادة الرومان الى مبارزة كان الموت فيها لكل منهما.
    نوميديا كمقاطعة رومانية

    بعد هزيمة يوبا الأول فقدت نوميديا استقلالها السياسي, وكانت نهايتهاعام 46 ق.م بعد مرور مائة سنة على ذكرى قرطاج سنة 146 ق.م وبهذا دخلت نوميديا فترة جديدة وهي فترة الحكم الروماني.

    تونس في العهد الروماني
    تحولت تونس بعد تحطيم قرطاج تدريجيا ضمن المد الروماني ببلاد المغرب إلى مستوطنة رومانية وخلال الفترة الرومانية كان لها أثرا كبيرا على الحضارة الروماني التي أسهمت في بنائها في كافة الميادين.

    التنظيم الاداري والنظم البلدية الرومانية بإفريقيا البروقنصلية
    يشرف والي إفريقيا البروقنصلية على مختلف المصالح الإدارية والمالية والاقتصادية يتولى القضاء ويكلف مفوضين جهويين بتسيير الشؤون الإدارية
    1- والي البروقنصلية يعينه مجلس السيناتوس : منذ انتهاء الحكم الجمهوري لم يحتفظ مجلس السيناتوس الا بالسلطة التي كان يمارسها في بعض الولايات الهادئة ، ومن بينها ولاية افريقيا البروقنصلية

    ازدهار المدن في القرن الثاني بعد الميلاد
    تكثيف شبكة المدن والمستوطنات لنشر الرومنة :
    تهيئة المجال الحضري للمدن الإفريقية
    وظائف المدينة وأمثلة من المدن :
    العمـــــــران :
    أهمية الفلاحة والإزدهار الإقتصادي
    إزدهار الفلاحة بولاية افريقيا البروقنصلية :
    النشاط الصناعي والتجــــــاري :
    الآداب والفنون في العهد الروماني
    1 - الإنتاج الفكري والأدبي بقرطاج في العهد الروماني :
    2- الفنـــــــون :


    يتبع
    البلاد التونسية : التاريخ
    تاريخ البلاد التونسية منذ القرن xii ق م




    شرح نص تحضير دروس شرح نصوص ملخصات الدروس موقع تعليمي تونسي
    Explication du texte de préparation des leçons, explication des textes des résumés des leçons, un site pédagogique tunisien

  5. #5
    تحيا تونس الصورة الرمزية gem
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    3,349

    تاريخ البلاد التونسية منذ القرن xii ق م








    البلاد التونسية : التاريخ
    تاريخ البلاد التونسية منذ القرن xii ق م



    العهد الإسلامي
    انتهى الوجود البيزنطي مع حلول الفاتحين المسلمين ويعتبر إنشاء القيروان سنة 670 م /50 هـ كقاعدة إستراتيجية متقدمة للمسلمين غرب الدولة الإسلامية بمثابة التحول الهام في تاريخ المنطقة التي شهدت ومنذ الفتح الإسلامي تعاقب عدة فترات .
    الفتوحات الإسلامية الأولى بإفريقية وبلاد المغرب

    كانت افريقية وهي تونس حاليا في بداية القرن 7 م ترزح تحت النفوذ البيزنطي منذ أن استرجعها جيوش جوستنيان سنة 533 م على حساب الوندال وكانت السلطة البيزنطية منحصرة في كل من البروقنصلية والمزاق بينما كانت المناطق المغربية الأخرى غير موحدة سياسيا تحكمها أحلاف قبلية بربرية متعددة .
    بدأت العمليات الاستطلاعية الأولى في عهد الخليفة عثمان بن عفان الذي جمع الناس في المدينة لفتح افريقية واسند قيادة الحملة لعبد الله بن أبي سرح والي مصر آنذاك وتسمى الغزوة غزوة العبادلة انتصر فيه الجيش العربي الإسلامي سنة 27 هـ / 647 م على الجيش البيزنطي بقادة جرجير في موضع يسمى عقوبة . توقفت العمليات العسكرية بافريقية إلى حين ما بعد الفتنة الكبرى .
    في خلافة معاوية بن أبي سفيان قام معاوية بن حديج السكوني بحملتين سنة 41 هـ/661 م ثم سنة 45 هـ / 665 م تمكن من خلالها المسلمون من الاستقرار في جبل القرن وأرسلت عدة سرايا باتجاه سوسة وجلولاء قرب القيروان لكن ابن حديج عاد إلى مصر دون ترك حامية بالبلاد .
    قبل الخليفة معاوية ابن ابي سفيان أن يعين عقبة بن نافع الفهري على رأس افريقية سنة 50 هـ / 670 م الذي كان مقيما ببرقة بليبيا شارك في عدة حملات ضد البيزنطيين والبربر وقد وصل افريقية عبر الصحراء على رأس جيش كثيف بلغ 10000 مقاتل واتخذ قيروانا أي معسكرا تتجمع فيه كل صفات التمصير وقد دامت عملية بناء القيروان 4 سنوات وفي الأثناء كان يوجه السرايا لتوطيد الحكم الإسلامي ونشر الإسلام بين البربر . لكنه عزل وعوض أبو المهاجر دينار سنة 55 هـ /674 م الذي تمكن من هزم كسيلة زعيم البربر البرانس الذين عارضوا التواجد العربي الإسلامي بافريقية ثم صالحه وحالفه غير أن سياسة أبي المهاجر المرنة تجاه البربر قلصت حجم الغنائم التي تصل مركز الخلافة بدمشق مما جعل الخليفة الأموي يزيد بن معاوية يعزله ويعوضه بعقبة الذي رجع ثانية الى افريقية سنة 62 هـ / 682 م حيث تمكن من هزيمة البربر والروم باتجاه المحيط الأطلسي غربا ومع رجوعه الى القيروان على راس كتيبة صغيرة فوجئ بمنطقة بسكرة من طرف كسيلة وحلفائه الروم فقتل وأصحابه في موضع يسمى تاهودا سنة 64 هـ / 684 م . ومن نتائج ذلك هزيمة المسلمين وخروجهم من القيروان التي استقر بها كسيلة ضمن كيان سياسي تواصل الى 69 هـ / 689 م كما استعاد الروم نفوذهم على مناطق الزاب وافريقية .
    في الهد الأموي المرواني مع عبد الملك بن مروان أرسل زهير بن قيس البلوي لمواصلة الصراع ضد البربر والروم فتم له استرجاع القيروان وقتل كسيلة سنة 69 هـ / 688 م الا أن الروم قد أرسلوا أسطولا بحريا سنة 71 هـ / 690 م الى مدينة برقة لسبي المسلمين وقتل البلوي في مواجهتهم .
    من جديد أرسل الخليفة عبد الملك بن مروان جيشا يتكوم من 40 ألف مقاتل بقيادة حسان بن النعمان الغساني وأسند إليه ولاية كل المغرب سنة 75 هـ / 694 م تمكن من دخول قرطاجنة سنة 76 هـ / 695 م وطرد الروم منها كما كرس كل جهوده لمواجهة البربر البتر بقيادة الكاهنة دهياء بنت ثابت بن تيفان من قبيلة جراوة تلقب بملكة الأوراس . لكن المسلمين انهزموا في واقعة وادي العذاري بجبال الأوراس مما جعل حسان يتراجع بجيوشه نحو قابس ومنها الى برقة بينما سيطرت الكاهنة على أجزاء هامة من بلاد المغرب كما خربت البلاد متبعة سياسة الأرض المحروقة لمنع المسلمين من الاستقرار لكن حسان بن النعمان نجح سنة 82 هـ / 701 م من القضاء عل مقاومة البربر وقتل الكاهنة ثم عاد من جديد الى القيروان للسيطرة على افريقية نهائيا .
    قام حسان بن النعمان بتنظيم البلاد المفتوحة وأدخل البربر في شكل منظم في الجيش مما سهل عملية اندماجهم مع العرب في إطار الإسلام غير أن الخليفة الوليد بن عبد الملك عزله وعوضه بموسى بن نصير الذي اتخذ القيروان عاصمة له واصبحت بلاد المغرب ولاية مستقلة عن مصر باية من سنة 86 هـ / 705 م وكانت القيروان قاعدة الانتشار نحوبقية بلاد المغرب ونحو الاندلس .

    العهد الأغلبي
    العهد الفاطمي
    الدولة الصنهاجية
    الزيريون، بنو زيري، الصنهاجيون : (في شمال إفريقية): سلالة بربرية حكمت في تونس و شمال الجزائر مابين 971-1152 م.مقرها المنصورية بالقيروان منذ 971 م ثم القيروان منذ 1048 م ثم المهدية منذ 1057 م.
    كان بنو زيري و كبيرهم "زيري بن مناد" من أتباع الفاطميين منذ 935 م. تولى الأخير سنة 971 م الحكم في قلعة آشير (الجزائر). تمتع ابنه من بعده بلكين بن زيري (971-984 م) باستقلالية أكبر عندما حكم بلاد تونس و الشمال الجزائري (شرق اليلاد ابتداءا من قسنطينة)، تمكن من أن يمد في دولته غربا حتى سبتة.
    دخل الزيريون بعدها في صراع مع أبناء عمومتهم. منذ 995 بدأت تتفرع عنهم سلالات أخرى، كفرع الزيريين الذي حكم في غرناطة، ثم الحماديين سنوات 1007-1015 م. قام المعز بن باديس (1016-1062 م) سنة 1045 م بالدعوة للخليفة العباسي في بغداد. كرد فعل، قام الفاطميون و منذ 57/1058 م بتشجيع قبائل بني هلال و بني المعقل و بني سليم العربية على غزو إفريقية. انحصرت رقعة الدولة أثناء عهد تميم (1062-1108 م) في المناطق الساحلية حول تونس.
    منذ 1148 م و مع غزوات روجر الثاني (النورمندي، ملك صقلية) فر آخر الملوك الحسن (1121-1148/52 م) عند أقربائه من حكام الجزائر. ثم قام بتسليم المدينة عند مقدم الموحدين سنة 1152 م.

    هجرة القبائل الهلالية إلى شمال إفريقية
    الفترة الموحدية
    الفترة الحفصية
    تأسست دولة الحفصيين على يد أحد الولاة الموحدين بإفريقية هو أبو زكرياء يحي بن أبي حفص عمر الهنتاتي الذي استغل ضعف الحكم الموحدي والصراع القائم على السلطة بمراكش وخاصة اقدام الخليفة المأمون على قتل شيوخ الموحدين المساندين لابن أخيه يحي بن الناصر ومن بينهم أصيلي قبيلة هنتاتة التي ينتسب اليها الحفصيون ، وإسقاط اسم المهدي محمد بن تومرت من الخطبة والسكة سنة 626 هـ / 1236 م . رشح أبو زكرياء نفسه للحكم الموحدي الذي أصبح في نظره شاغرا وغير شرعي بمراكش وادرج إسمه في خطبة الجمعة على منابر افريقية وتلقب بالأمير فكانت الخطوة الحاسمة في استقلال افريقية وتأسيس الدولة الحفصية بها .
    انتصبت الدولة الحفصية بالجزء الشرقي من بلاد المغرب متخذين من مدينة تونس عاصمة لهم بعد ان اتخذها الموحدون مركز ولايتهم وتراجع دور القيروان وقد امتدت من بجاية غربا الى حدود برقة شرقا ودامت قرابة 3 قرون ونصف عرفت خلالها فترات من الاستقرار والازدهار وفترات من الاضطراب والتراجع وقد سقطت على أيدي الأتراك العثمانيين سنة 982 هـ / 1574 م .
    أقام الحفصيون دولة مستقلة ذات نظام وراثي أما عن ألقابهم فقد اقتصر أبو زكرياء الأول على لقب الأمير ثم اتخذ من بعده ألقابا مختلفة كالسلطان والمولى والملك إلى جانب الألقاب الشرفية كالتي اتخذها بنو العباس مثل المستنصر بالله والواثق بالله والمتوكل على الله . كما ظهرت تسمية أمير المؤمنين منذ أن بويع المستنصر بن ابي زكرياء الأول بالخلافة سنة 657 هـ /1259 م من قبل جل مناطق العالم الإسلامي وضلت هذه التسمية متداولة عند الحفصيين .
    تتكون السلطة المركزية مما يلي :
    * السلطان : يحتل أعلى هرم السلطة يتمتع بنفوذ مطلق سياسيا ودينيا وعسكريا كما يعتمد في ممارسة الحكم على كبار رجال الدولة من شيوخ الموحدين وعلى كفاءات أخرى من الاندلسيين الذين شرعوا في الهجرة إلى إفريقية أومن أصيلي البلاد أو من العبيد المعتقين وقد أسندوا لهم الوظائف الهامة في الدولة .
    * الوزارة والحجابة : استعان سلاطين بني حفص في تسيير دواليب الدولة بوزراء يكونون المخزن أو الحكومة وكانوا في البداية 3 وزراء يتقدمهم الوزير الأكبر الذي يسمى كبير الدولة وينتمي إلى سلك الموحدين كما أسندت له وزارة الجند وكان ينوب الأمير أثناء غيابه عن الحاضرة تونس ثم يأتي في المرتبة الثانية وزير المال أو صاحب الأشغال ثم وزير الفضل أو المشرف على ديوان الإنشاء . بمرور الزمن تطور هذا الجهاز الحكومي فازداد عدد الوزراء وتغير ترتيبهم التفاضلي كما شهدت خطة الوزير الأكبر تراجعا أمام خطة الحجابة التي أصبح مع الحاجب "ابن تافراجين " في منتصف القرن 8 هـ / 14 م من أرقى الخطط وأكثرها نفوذا ثم أخذت في التراجع إلى أن أصبحت في نهاية القرن 15 وبداية القرن 16 في المرتبة السادسة في سلم الوظائف الحفصية .
    * الدواوين : ينتظم فيها موظفوا الإدارة السلطانية في مصالح مختصة ومن أهمها ديوان الجند يهتم بالأمور المتعلقة بالجيش من حيث التنظيم والحاجيات والرواتب وقد اسند الحفصيون لفترة طويلة وزارة الجند إلى الوزير الأكبر ثم أصبح المشرف عليها يسمى "المزوار" ويحتل المرتبة الثانية في سلم وظائف الدولة . ثم ديوان الأشغال يشرف عليه وزير يسمى صاحب الأشغال وهو بمثابة وزير المالية يمسك الحسابات ويعنى بالتصرف في المداخيل والمصاريف وقد تداول على هذه الخطة في بداية العهد الحفصي شيوخ الموحدين والأندلسيين قبل أن تتحول إلى خطة إدارية يتولاها أصحاب الاختصاص من أهل البلاد وغيرهم . ثم ديوان الإنشاء يشرف عليه وزير يسمى وزير الفضل ويسمى صاحب العلامة ويعتني بكتابة المراسيم والأوامر السلطانية ويضع عليها الأختام والعلامات وقد أسندت هذه الوظيفة إلى أشخاص ينتسبون عادة إلى أهل الأدب من الأندلسيين وغيرهم ممن يجيدون الترسيل ويؤتمنون على الأسرار حسب ابن خلدون . ثم ديوان البحر وهو عبارة عن إدارة للجمارك تشرف على استخلاص الآداءات الجمركية الموظفة على التجارة البحرية في ميناء تونس وبقية موانئ افريقية وكان يرأسها صاحب الديوان .
    * السلطة الجهوية : تتكون من الولاة على الجهات يكونون من الأمراء أبناء السلاطين أو من أفراد الأسرة الحاكمة ومن مشائخ الموحدين وكانت للأمراء الولاة وخاصة في المدن الغربية الكبرى مثل بجاية وقسنطينة إدارة مكونة من الموظفين المختصين في تسيير شؤون الولاية أو جباية الضرائب تحيط بهم حاشية وهي عبارة عن صورة مصغرة للبلاط السلطاني ثم تطور الأمر في القرن 9 هـ / 15 م وأصبح الولاة يعينون من بين العبيد المحررين وكانوا يسمون بالقواد وذلك للحد من ظاهرة الانفصال عن السلطة المركزية . ثم رؤساء القبائل الذين فرض بهم بنو حفص سلطتهم على مناطق البدو الذين كانو يستخلصون الجباية ويوفرون المدد العسكري للسلطان وقد كانوا قد اشترطوا في فترة ضعف الحفصيين على السلطة المخزنية الحصول على امتيازات واقطاعات مقابل مساندتهم للدولة .
    * من أبرز دعائم السلطة القضاء والجيش . أما القضاء فكان يكتسي طابعا دينيا سياسيا لذا فقد ولي أهمية كبرى من قبل السلاطين الذين اضطلعوا بمهمة الرئاسة العليا للقضاء وباشروا بأنفسهم رد المظالم وأشرفوا كل أسبوع على مجلس قضاء أعلى للنظر في القضايا الكبرى والشائكة . اما مهمة فصل النزاعات بين الناس فقد اهتم بها قضاة متضلعين في الشريعة الإسلامية كما عينوا القضاة في الولايات وقاضي الجماعة بتونس ويوازي قاضي القضاة بالشرق يكون من مشاهير الفقهاء الموالين للسلطة .
    أما الجيش الحفصي فيتألف من جيش نظامي تكونت نواته الأولى من القبائل الموحدية ثم انضمت إليها كتائب من سكان البلاد سواء كانوا جنودا قارين أو فرسانا مجمعين من القبائل الموالية للسلطة مقابل الإقطاعات ويتكون أيضا من المرتزقة ومنهم الناشبة والرماة من الأندلسيين والمشرقيين والزنوج والموالي المعتقين وكذلك المسيحيين الذين كانوا يكونون الحرس الخاص للسلطان ويتعزز هذا الجيش في حالات الحرب ضد النصارى بفرق من المتطوعين . أما الأسلحة المعتمدة فقد اقتصرت على السيوف والرماح والخناجر ولم تستعمل الأسلحة النارية إلا في أواخر القرن 14 م كما لم يول الحفصيون عناية كافية بتحصين المدن وتطوير أسطولهم البحري الذي وان عاضد الجيش البري في عدة مناسبات أثناء التصدي للقوات النصرانية في نطاق ردود الفعل الحفصية على هجمات النصارى فإنه لم يقو على مواجهة الأساطيل الأوربية التي شهدت تطورا نوعيا مطردا مكن هذه الدول من التفوق العسكري البحري على حساب دول الغرب الإسلامي .
    الفترة العثمانية
    تجربة الحكم المباشر 1574 - 1594
    انطلقت منذ 1574 تاريخ انطلاق فترة الغلبة التركية حيث حول الموفد العثماني سنان باشا تونس إلى إيالة خاضعة لمركز الإمبراطورية العثمانية وعادت السلطة العليا إلى الباشا الذي يمثل السلطان مع الاستعانة بسامي ضباط الجيش الانكشاري الذين شكلوا مجلس الديوان والقاضي أفندي الحنفي الذي تولى النظر في المسائل القضائية والدينية وقد طبع هذا النظام بسمة عسكرية طاغية نظرا لموقع البلاد المجاور للقوى النصرانية الأوربية ولم يفرض الباب العالي إتاوات مالية منتظمة على غرار الايالات المشرقية وقد كان لإسراف المستفيدين من هذا الأسلوب العثماني المباشر في ممارسة الحكم وتعويلهم على تواطؤ أعوان الإدارة المركزية بالآستانة معهم في عمليات نهب ثروات البلاد دورا حاسما في دخول العناصر السفلى من ضباط الوجق الانكشاري أي الدايات في حركة تمرد سنة 1591 استهدفت تصفية كبار الضباط أو البلكباشية وإرساء حكم عسكري جماعي لم يعمر سوى بضع سنوات انفرد على إثره عثمان داي بالسلطة بعد ان تعهد بلعب حلقة الوصل بين الأتراك ومصالح أصحاب البلاد .
    عهد الدايات
    نجح عثمان داي 1594- 1910 الذي استفاد من ثقة الانكشارية واتساع ثروته المتأتية من إسهامه في التجهيز للقرصنة في الانفراد بالحكم وسن القوانين وحصن البلاد ونشط الحياة الاقتصادية بالمدن والأرياف مشجعا وفود المماليك والمهاجرين الموريسكسسن أي مهاجروا الأندلس وقد تواصل هذا الرخاء النسبي مع خلفائه المباشرين طيلة النصف الأول من القرن 17 مع يوسف داي (1610-1637) وأسطا مراد (1637- 1640 ) وأحمد خوجة (1640-1648) ويعزى ذلك الى ارتفاع مردود القرصنة البحرية الذي استفاد من الصعوبات التي واجهتها أروبا خلال حرب الثلاثين من سنة 1618- 1648 كما عاينت هذه المرحلة تباينا في المصالح بين حكام أوجاق الغرب الثلاثة واتصل ذلك بمسألة ضبط الحدود مما ساعد على تشكل المجال الترابي لكل إيالة .
    العهد المرادي
    انطلق من حكم وراثي اتصلت تجربته السلالية بملوك من أصول كورسيكية نسبة الى جزيرة كورسيكا ويدعى المؤسس مراد كورسو امتلكه رمضان باي ( 1598 - 1613 ) وهو أول من تولى قيادة المحلة ذلك الجهاز الجبائي والعسكري الموروث عن الحفصيين يجمع ضرائب مفروضة على دواخل البلاد وقد تمكن كورسو من قيادة المحلة خلال عشرينات القرن السابع عشر وقام بتوريثها لابنه الوحيد محمد بن مراد باي المعروف بحمودة مكتفيا بمنصب الباشا الذي جد في طلبه من الباب العالي وتحصل عليه سنة 1631.
    سلك المراديون سياسة ملكية أعادت الحياة للتقاليد السياسية الحفصية فقد توارثوا خطة قيادة المحلة واعتمدوا على مداخيل الجباية وانفتحوا على رؤساء التجمعات الداخلية ومتنوا روابطهم المصلحية بهم وتحالفوا مع عدة قبائل ذات تقاليد عريقة في الخدمة المخزنية مثل قبيلة دريد وذلك لاخضاع القبائل الخارجة عن سلطة الدولة وبذلك تراجعت سلطة الدايات لتقوم سلطة البايات المراديين .
    شهد النظام المرادي خلال الربع الأخير من القرن 17 أزمة حادة تضافرت على تعميقها عدة عوامل اقتصادية واجتماعية نذكر من بينها تراجع المبادلات وتدني الانتاج وظهور المجاعات والأوبئة من 1676 - 1689 واندلاع الصراعات الداخلية التي أججها تنافس الأخوين محمد وعلي إبني مراد الثاني للإنفراد بالحكم وقد تسببت تلك الأزمة الحادة في أعلى هرم السلطة في تدخل "أوجاق الغرابة " أي الفيالق العسكرية الخاصة بإيالة الجزائر ويتعلق الأمر بإنكشارية الجزائر وقسنطينة أساسا . في ثلاث مناسبات وذلك خلال أقل من عقدين من الزمن في سنوات 1686-1694و 1705 واستفحلت الفوضى نتيجة لسياسة الباي مراد الثالث (1699 - 1702 ) المزاجية والدموية وقد إستغل أغا الصبايحية داخل الوجق إبراهيم الشريف تلك الفرصة لإزاحة جميع أفراد البيت المرادي وإعادة الحكم بعد استئصالهم بيد ممثلي الوجق التركي .
    العهد الحسيني
    الحسينون: سلالة من البايات حكمت في تونس سنوات 1705-1957 م.مقرها تونس (قصر باردو).كان مؤسس السلالة الحسين بن علي تركي(1705 - 1735 م) الذي ينتسب والده الى مدينة كنديا بجزيرة كريت اليونانية استقر والده سنة 1669 م وانخرط في الخدمة بالجيش الانكشاري متزوجا من امرأتين تنتسبان الى فصيلة بدويتين محليتين هما بني شنوف وشارن فكان ابناه حسين ومحمد كورغليان محسوبان على الأتراك وقد دخل حسين بن علي خدمة البلاط المرادي صغيرا وتقلد عدة مناصب كخزنة دار أغا الصبايحية وقايد الاعراض كاهية للباي ثم قائدا على فرقة الخيالة في الجيش العثماني. بعد اضطراب الأوضاع السياسية في تونس، استولى على الحكم على حساب المراديين بعد مقاومة أتراك الجزائر بعد وقوع الباي ابراهيم الشريف في أسر عسكرهم أخذ يستقل بالأمر حتى أصبحت دولته كيانا قائما بذاته (على حساب الأتراك العثمانيين) . هذا وقد نجح في توطيد حكم السلالة الجديدة باحداث توازن سياسي واداري بين مختلف العناصر الفاعلة في البلاد من كورغليين وأعيان وأتراك الذين أشركهم في الاستفادة من مخزنه في استغلال خيرات البلاد عن طريق اللزم والوكالات والوظائف والمناصب السامية غير أن تطويره لسياسة الاتجار مع البلدان الأروبية خلال عقد المعاهدات مع فرنسا (1710 - 1728 ) وانجلترا سنة 1716 واسبانيا سنة 1720 والنمسا سنة 1725 وهولندا سنة 1728 قد دفعه الى ممارسة سياسة " المشترى" المتمثلة في الحصول عل جانب من المنتوج الزراعي باسعار متدنية وذلك قصد الاستفادة من بيعه الى التجار الأجانب وهو ما آثار غضب سكان البوادي وجعلهم يقفون في صف ابن أخيه علي باشا بمجرد قيامه ضده بعد أن تراجع عن تعيينه وليا للعهد لفائدة ابنه محمد الرشيد .
    أدت الحروب العائلية التي عرفتها دولة الحسينيين في تونس من 1728 الى 1756 في عهد (ابن أخ المؤسس) علي باشا (1735-1756 م) إلى غزو البلاد سنة 1756 م، ثم قيام وصاية على تونس من طرف حكام الجزائر (دايات الجزائر).حيث ثار ولي العهد المخلوع وهو باي الأمحال ضد عمه والتجأ الى جبل وسلات مع حلول شهر فيفري سنة 1728 وانقسمت البلاد الى شقين متنازعين الأول حسيني مع الباي حسين بن علي وقسم باشي مع ابن أخيه وترتبط الأحداث بعدة أسباب منها التركيبة المجزئة للمجتمع وتقاليده القبلية المتواصلة وتأثر الجهاز السياسي للدولة بهذا الواقع المحلي تبعا لمحدودية تجذره مع سياسة الباي حسين الاستغلالية التي أخطأت في تقييم غضب سكان المناطق الداخلية ولم يتوصل علي باشا الى إزاحة عمه الا بمساعدة الأتراك دايات الجزائر مقابل دفعه غرامة مالية هامة كما ان انفراده بالسلطة لم بخل من القهر كما اعتمد نفس الأساليب التي أضعفت سلفه لذلم استغل أبناء حسين بن علي محمد الرشيد وعلي باي خروج ابن الباشا علي يونس عن طوع والده سنة 1751 لاستعادة الحكم بدعم من عسكر الجزائر .
    خلفت الحرب الأهلية عدة نتائج خاصة منها عودة الانقسام وتعدد تدخل الأجانب من أتراك الجزائر سنوات 1705 -1735 -1746 - 1756 اتسم بفضاعته الشديدة ارتبط به مصير حكام البلاد بمصير محكوميهم واختلافهم عن أجوارهم الجزائريين
    استعادت الدولة عافيتها أثناء عهد علي باي بن حسين (1759-1782 م) ثم حمودة باشا بن حسين بن علي (1782 - 1814 م)، سميت هذه الفترة بالفترة الذهبية . اكتمل استقلال تونس سنة 1807 م وأصبحت دولة كاملة السيادة. بدأت في نفس الفترة عملية تعريب البلاد، من خلال إحياء الثقافة، كما تم إدخال نظام تعليمي أشرفت عليه الدولة. بعد أن قامت فرنسا باحتلال الجزائر سنة 1830 م، أصبحت تونس تحت رحمة القوى الأوروبية، كما أصبح اقتصادها مرتبطا بها أكثر. حاول أحمد باي (1837-1855 م) ثم محمد الصادق بن حسين (1859-1882 م) القيام بإصلاحات على الطريقة الأوروبية.
    المنهج الإصلاحي التونسي في القرن التاسع عشر
    خير الدين باشا نموذجا
    حركة الاصلاح في تونس من 1840 إلى 1861

    * بوادر الاصلاح بتونس في عهد أحمد باشا باي
    - الجيش النظامي والمدرسة الحربية بباردو
    - الإصلاحات الاجتماعية ومن أبرزها إلغاء الرق والعبودية بتونس
    * الإصلاحات الدستورية
    - عهد الآمان
    مستوحى من التنظيمات العثمانية الخيرية المتمثلة خاصة في مرسومي هاميون وشريف كلخانة . تضمن عهد الآمان الذي أعلنه محمد باشا باي يوم 9 سبتمبر 1957 جملة من الحقوق والمبادئ السياسية والاجتماعية وردت ضمن 11 مادة من أهم ما جاء بها مبدأ المساواة أمام القانون والجباية كما أقر عهد الأمان حرية ممارسة الديانات وحرية التجارة وسمح للأجانب امتلاك العقارات بعد أن حرموا من ذلك في عهد حمودة باشا الحسيني . وجاء عهد الأمان في مجمله كإجراء سياسي يوفر الأمن لسائر السكان ويضع حدا للإستبداد والظلم والتفرقة بين سكان الايالة أو المملكة التونسية ولما تبين لقناصل الدول الأروبية من جهة وللبعض من المصلحين امثال أحمد بن أبي الضياف وخير الدين باشا محدودية عهد الآمان دفعوا محمد الصادق باشا باي الى إصدار الدستور .
    - دستور 1861
    أول دستور في التاريخ العربي الإسلامي تولت لجنة من رجال الدولة وبعض العلماء إعداده وأعلن عنه محمد الصادق باي يوم 29 جانفي 1861 وحدد يوم 26 أفريل من نفس السنة كتاريخ ابتداء العمل به . لقي الإعلان استحسان النخبة التي سعت من خلاله الى تجسيد التنظيمات السياسية الأوربية وإصلاح نظام الحكم بتونس كما سعت الدول الاروبية وعلى رأسها فرنسا وانجلترا من وراء حث الباي على هذه الإصلاحات إلى ضمان مصالح جالياتها بتونس وفتح أسواق البلاد لبضائعها ورؤوس أموالها .
    احتوى الدستور 114 فصلا حددت حقوق وواجبات العائلة المالكة والوزراء والموظفين والرعية كما أقر مبدأ الفصل بين السلطات الثلاثة ونظم العلاقات بينها . فأعطى السلطة التنفيذية للباي لكن جرده من عدة حقوق كالتصرف في أموال الدولة وأصبح الياي مسؤولا أمام المجلس الأكبر الذي بوسعه خلع الباي إذا خالف القانون . أما السلطة التشريعية فجعلها الدستور مشتركة بين الباي والمجلس الأكبر الذي يتألف من 60 عضوا ثلثيه من أعيان البلاد والثلث الآخر من رجال الدولة وللمجلس الأكبر النظر في ميزانية الدولة وله مراقبة الوزراء ومحاسبتهم . أما السلطة القضائية فقد أصبحت مستقلة عن الباي وأسندت إلى 10 مجالس جنايات وأحكام عرفية بمثابة المحاكم الابتدائية ومجلس التحقيق بتونس العاصمة بمثابة محكمة استئناف واسندت مشمولات محكمة التعقيب الى المجلس الأكبر . انبثق عن الدستور إحداث مجالس كمجلس التجارة ومجلس الحرب ومجالس الضبطية ( الحكم في الجنايات الخفيفة ) .
    خير الدين وإصلاحاته 1873 - 1877
    أفكار خير الدين الإصلاحية و شخصيته وتكوينه
    إصلاحاته الإدارية والاقتصادية والإجتماعية
    ابتدءا من سنة 1869 م أصبحت الدول الأوروبية تتدخل مباشرة في تدبير الشؤون المالية الدول (الخزينة) كما تم تعطيل الإصلاحات السابقة. سنة 1881 م وبموجب اتفاقية باردو، أصبحت تونس تحت الحماية الفرنسية. تأرجحت سياسة البايات بين الإملاءات الفرنسية ورغبتهم في دعم المطلب الشعبي والمتمثل في الاستقلال، كان الحزب الدستوري يتزعم القوى الشعبية. قام الفرنسيون سنة 1943 م بخلع الباي منصف باي بن الناصر باي بعد أن أبدى نزعة وطنية. مع قيام الجمهورية سنة 1957 م، قام الحبيب بورقيبة بدوره بخلع آخر البايات الحسينيين الأمين باي بن محمد الحبيب (1943-1957م).



    يتبع
    البلاد التونسية : التاريخ
    تاريخ البلاد التونسية منذ القرن xii ق م




    شرح نص تحضير دروس شرح نصوص ملخصات الدروس موقع تعليمي تونسي
    Explication du texte de préparation des leçons, explication des textes des résumés des leçons, un site pédagogique tunisien

  6. #6
    تحيا تونس الصورة الرمزية gem
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    3,349

    تاريخ البلاد التونسية منذ القرن xii ق م









    البلاد التونسية : التاريخ
    تاريخ البلاد التونسية منذ القرن xii ق م




    قائمة البايات




    1
    حسين بن علي
    1669-1740
    1705-1735
    2
    علي باشا
    1689-1756
    1735-1756
    3
    محمد الرشيد بن حسين
    1710-1759
    1756-1759
    4
    علي باي بن حسين
    1712-1782
    1759-1782
    5
    حمودة باشا بن علي
    1759-1814
    1782-1814
    6
    عثمان بن علي
    1763-1814
    1814-1814
    7
    محمد باي بن حمودة
    1757-1824
    1814-1824
    8
    حسين باي بن محمد
    1784-1835
    1824-1835
    9
    مصطفى باي بن محمد
    1786-1837
    1835-1837
    10
    أحمد باي بن مصطفى
    1806-1855
    1837-1855
    11
    محمد باي بن حسين
    1810-1859
    1855-1859
    12
    محمد الصادق بن حسين
    1814-1882
    1859-1882
    13
    علي باي بن حسين
    1817-1902
    1882-1902
    14
    محمد الهادي باي بن علي
    1855-1906
    1902-1906
    15
    محمد الناصر بن محمد باي
    1855-1922
    1906-1922
    16
    محمد الحبيب
    1858-1929
    1922-1929
    17
    أحمد باي بن علي باي
    1862-1942
    1929-1942
    18
    منصف باي بن الناصر باي
    1881-1948
    1942-1943
    19
    الأمين باي بن محمد الحبيب




    يتبع
    البلاد التونسية : التاريخ
    تاريخ البلاد التونسية منذ القرن xii ق م




    شرح نص تحضير دروس شرح نصوص ملخصات الدروس موقع تعليمي تونسي
    Explication du texte de préparation des leçons, explication des textes des résumés des leçons, un site pédagogique tunisien

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190