أجمل القصائد التي قيلت في تونس للشاعر نزار قباني.
هذه القصيد الرائعة كتبها نزار قباني في تونس عند زياته لبلدنا بمناسبة مهرجان الشعر بمدينة القيروان .
ياتونس الخضراء جئتك عاشقا // وعلى جبيني وردة وكتاب
إني الدمشقي الذي احترف الهوى// فاخضوضرت بغنائه الأعشاب
أحرقت من خلفي جميع مراكبي// إن الهوى ألا يكون إياب
أنا فوق أجفان النساء مكسر// قطع فعمري الموج والأخشاب
لم أنس اسماء النساء ..وإنما // للحسن أسباب ولي أسباب
ياساكنات البحر في قرطاجة // جف الشذى وتفرق الأصحاب
أين اللواتي حبهن عبادة // وغيابهن وقربهن عذاب
اللابسات قصائدي ومدامعي // عاتبتهن فما أفاد عتاب
أحببتهن وهن ما أحببنني // وصدقتهن ووعدهن كذاب
إني لأشعر بالدوار فناهد // لي يطمئن وناهد يرتاب
هل دولة الحب التي أسستها // سقطت علي وسددت الأبواب
تبكي الكؤوس ، فبعد ثغر حبيبتي// حلفت بألا تُسكر الأعناب
أيصدني نهد تعبت برسمه؟ // وتخونني الأقراط والأثواب؟
ماذا جرى لممالكي وبيارقي؟// أدعو رباب فلا تجيب رباب
أأحاسب امرأة على نسيانها // ومتى استقام مع النساء حساب
ما تبت عن عشقي ولا استغفرته// ما أسخف العشاق لو هم تابوا
قمر دمشقي يسافر في دمي// وبلابل وسنابل وقباب
الفل يبدأ من دمشق بياضُه // وبعطرها تتطيب الأطياب
والماء يبدأ من دمشق فحيثما // أسندت رأسك جدول ينساب
والشعر عصفور يمد جناحه // فوق الشآم وشاعر جواب
والحب يبدأ من دمشق فأهلنا // عبدوا الجمال وذوبوه وذابوا
والخيل تبدأ من دمشق مسارها // وتشد للفتح الكبير ركاب
والدهر يبدأ من دمشق وعندها // تبقى اللغات وتحفظ الأنساب
ودمشق تعطي للعروبة شكلها // وبأرضها تتشكل الأحقاب
بدأ الزفاف فمن تكون مضيفتي // هذا المساء ومن هو العراب
أأنا مغني القصر يا قرطاجة // كيف الحضور وما علي ثياب
ماذا أقول ؟ فمي يفتش عن فمي // والمفردات حجارة وتراب
فمآدب عربية .. وقصائد// همزية .. ووسائد وحباب
لا الكأس تنسينا مساحة حزننا // يوما ولا كل الشراب شراب
من أين يأتي الشعر يا قرطاجة// والله مات وعادت الأنصاب
من أين يأتي الشعر ؟حين نهارنا// قمع وحين مساؤنا إرهاب
سرقوا أصابعنا .وعطر حروفنا// فبأي شيء يكتب الكتاب
والحكم شرطي يسير وراءنا // سرا فنكهة خبزنا استجواب
الشعر رغم سياطهم وسجونهم// ملك وهم في بابه حجاب
من أين أدخل في القصيدة يا ترى// وحدائق الشعر الجميل خراب
لم يبق في دار البلابل بلبل// لا البحتري هنا ولا زرياب
.شعراء هذا اليوم جنس ثالث// فالقول فوضى والكلام ضباب
يتكلمون مع الفارغ فما هم// عجم إذا نطقوا ولا أعراب
اللاهثون على هوامش عمرنا // سيان إن حضروا وإن هم غابوا
يتهكمون على النبيذ معتقا // وهم على سطح النبيذ ذباب
الخمر تبقى إن تقادم عهدها // خمرا وقد تتغير الأكواب
من أين أدخل في القصيدة ياترى// والشمس فوق رؤوسنا سرداب
إن القصيدة ليس ما كتبت يدي // لكنها ما تكتب الأهداب
نار الكتابة أحرقت أعمارنا // فحياتنا الكبريت والأحطاب
ما الشعر؟ ما وجع الكتابة ؟ ما الرؤى؟// أولى ضحايانا هم الكتاب
يعطوننا الفرح الجميل وحظهم // حظ البغايا ما لهن ثواب
ياتونس الخضراء هذا عالم// يثري به الأمي والنصاب
فمن الخليج إلى المحيط .. قبائل// بَطِرَت فلا فكر ولا آداب
في عصر زيت الكاز يطلب شاعر// ثوبا وترفل بالحرير قـ..ب!!
هل في العيون التونسية شاطيء// ترتاح فوق رماله الأعصاب
أنا يا صديقة متعب بعروبتي// فهل العروبة لعنة وعقاب
أمشي على ورق الخريطة خائفا// فعلى الخريطة كلنا أغراب
أتكلم الفصحى أمام عشيرتي// وأعيد .. لكن ما هناك جواب
لولا العباءات التي التفوا بها// ما كنت أحسب أنهم أعراب
يتقاتلون على بقايا تمرة// فخناجر مرفوعة وحراب
قبلاتهم عربية .. من ذا رأى// فيما رأى قبلا لها أنياب
ياتونس الخضراء كأسي علقم // أعلى الهزيمة تشرب الأنخاب؟
وخريطة الوطن الكبير فضيحة// فحواجز ومخافر وكلاب
والعالم العربي إما نعجة// مذبوحة أو حاكم قصاب
والعالم العربي يرهن سيفه// فحكاية الشرف الرفيع سراب
والعالم العربي يخزن نفطه// في خصيتيه وربك الوهاب
والناس قبل النفط أو من بعده // مستنزفون فسادة ودواب
ياتونس الخضراء كيف خلاصنا // لم يبق من كتب السماء كتاب
ماتت خيول بني أمية كلها // خجلا وظل الصرف والإعراب
فكأنما كتب التراث خرافة// كبرى فلا عمر ولا خطاب
وبيارق ابن العاص تمسح دمعها // وعزيز مصر بالفصام مصاب
من ذا يصدق أن مصر تهودت // فمقام سيدنا الحسين يباب
ما هذه مصر فإن صلاتها // عبرية وإمامها كذاب
ما هذه مصر فإن سماءها // صغرت وإن نساءها أسلاب
إن جاء كافور فكم من حاكم// قهر الشعوب وتاجه قبقاب
بحرية العينين ياقرطاجة // شاخ الزمان وأنت بعد شباب
هل لي بعض البحر نصف جزيرة // أم أن حبي التونسي سراب
أنا متعب ودفاتري تعبت معي// هل للدفاتر يا ترى أعصاب؟
حزني بنفسجة يبللها الندى// وضفاف جرحي روضة معشاب
لا تعذليني إن كشفت مواجعي // وجه الحقيقة ما عليه نقاب.
الجنون وراء نصف قصائدي/ أوليس في بعض الجنون صواب؟
فتحملي غضبي الجميل فربما // ثارت على أمر السماء هضاب
فإذا صرخت بوجه من أحببتهم // فلك يعيش الحب والأحباب
وإذا قسوت على العروبة مرة // فلقد تضيق بكحلها الأهداب
فلربما تجد العروبة نفسها // ويضيء في قلب الظلام شهاب
ولقد تطير من العقال حمامة // ومن العباءة تطلع الأعشاب
قرطاجة :قرطاجة:قرطاجة:// هل لي لصدرك رجعة ومتاب؟
لا تغضبي مني إذا غلب الهوى // إن الهوى في طبعه غلاب
فذنوب شعري كلها مغفورة // والله جل جلاله التواب