بحث حول : الآلات الموسيقية الكهربائية الإلكترونية
تصنف هذه الآلات في فئتين أساسيتين: كهربائية وإلكترونية. فالكهربائية هي آلات موسيقية تقليدية تعمل المواد المصوتة فيها كالأوتار أو القصبات أو الألسنة المعدنية وغيرها، بفعل الكهرباء كما في الغيتار الكهربائي "ر. الغيتار". أي أن الكهرباء تكون وسيلة لنقل الاهتزازات الصوتية إلى الآلة من خلال أجهزة تضخيم amplifiers ومكبرات صوت loud speakers، أو أنها واسطة لتسهيل العملية الميكانيكية في الآلة الموسيقية كالأرغن. أما الآلات الإلكترونية فهي التي تستخدم دارات أو صمامات إلكترونية أو ما شابهها لتكون مولدة ومبدلة لمختلف الأصوات فيها. وفي معظم هذه الآلات لوحة ملامس لتسهيل عملية العزف. وفيها كلها مضخم ومكبر للصوت لسماع أصواتها بدقة ووضوح.
ومن الآلات الإلكترونية ما هي أحادية الصوت، كموجات مارتنو ondes Martenot، أي إنها لا تؤدي إلا أصواتاً منفردة، وهي تصلح لأداء الألحان والنغمات الأساسية. ومنها ما هي متعددة الأصوات كأنواع الأورغ الإلكتروني، إذ إنها تستطيع أداء أصوات متعددة في آن واحد (اتفاقات accords, chords).
طُبق استخدام الكهرباء في ميكانيكية الآلات الموسيقية أول مرة عندما اخترع الفرنسي ديلابورد Delaborde عام 1761 آلة هاربسيكورد كهربائية. وبقيت التجارب الميكانيكية الكهربائية تتوالى في القرن التاسع عشر في كل مكان. ومنذ بداية القرن العشرين حتى الحرب العالمية الثانية، ابتكرت آلات موسيقية ذات مولدات رحوية rotary generators وما ماثلها لتحول النبضات الكهربائية إلى أصوات. كما اخترعت آلات متنوعة كانت بداية للآلات الموسيقية الإلكترونية الحديثة مثل الثيرمين (theremin (1920، وموجات مارتنو (1928)، وتراوتونيوم (trautonium (1930، واستخدمها بعض الموسيقيين على نطاق واسع. فقد كتب لها، كثير من المؤلفين الموسيقيين مثل ريتشارد شتراوس [ر] R.Strauss، وهِندِميث[ر] Hindemith، وأونيغر[ر] Honegger. وفي وقت لاحق استخدم شريط التسجيل المغناطيسي magnatic tape recording في أجهزة موسيقية كثيرة. واخترعت أجهزة «توليف» synthesizer لشتى أنواع الأصوات التأثيرية، و بعض هذه الأجهزة استخدم الحاسوب في إصدار مختلف الذبذبات الصوتية التي تزيد على عشرة آلاف وحدة.
أسهمت الآلات الإلكترونية في اتساع الثروة الموسيقية، ففتحت للموسيقيين آفاقاً جديدة أمكن استغلالها في تركيبات صوتية كثيرة بدءاً من الصوت الأحادي المجرد حتى أعقد الأصوات تركيباً، إضافة إلى الإحداثات الإيقاعية المتنوعة. فأعطت للفن الموسيقي الحديث صفة جديدة إذ سميت «الموسيقى الإلكترونية». كما أنها ساعدت المؤلف الموسيقي في السيطرة المباشرة على مؤلفته المؤداة، وحققت له إمكانات فنية واسعة فاستغنى عن إسهام المؤدين معتمداً على مكبرات الصوت المنتشرة في قاعة الاستماع. وقد استخدم المؤلف الموسيقي إدغارد فاريز [ر] E.Varèse أربعمئة مكبر صوت في مؤلفته «قصيدة إلكترونية» poème électronique عام 1958 في أثناء أدائها في معرض بروكسل العالمي.
وللآلات الموسيقية الإلكترونية، وبعض الآلات الكهربائية، خصائص تمتاز بها من الآلات الموسيقية الاعتيادية الأخرى من حيث إنها تستطيع أن تتحكم في شدة الصوت، وطابعه، ومدته الزمنية. فشدة الصوت في الآلات الاعتيادية محدودة نسبياً، في حين تبدأ الآلات الكهربائية والإلكترونية من الضعيف جداً حتى أشد الأصوات قوة. كما أن إصدار الأصوات الصنعية artificial sounds في هذه الأخيرة إمكانات توسع في مداها الصوتي في حين لا يتجاوز هذا المدى في الآلات الاعتيادية أكثر من أربعة دواوين للواحدة منها على الأغلب، عدا البيانو والأرغن والهارب والقليل غيرها. وأما الطابع الصوتي في الآلات الإلكترونية فواسع التبديل والتغيير، إذ من المستطاع حذف مدروجات صوتية overtones أو إضافتها بحسب الرغبة في الوقت المناسب لتبديل، أو إحداث طابع صوتي جديد في الآلة. فيمكن التنقل، مثلاً، من صوت فلوت لامع حاد إلى صوت كمان عميق. أضف إلى ذلك إمكان التحكم في مدة استمرار الصوت المتواصل دون انقطاع إلى مدة زمنية لا تجاريها فيها الآلات الموسيقية الاعتيادية.
وفي الحقيقة، فإن بعض التطورات الموسيقية التي حدثت خلال القرن العشرين، كما في موسيقى الجاز والموسيقى المسماة بـ «العرَضية» aleatory قد أعطت الموسيقيين دوراً حراً ومسؤولية جديدة نحو موسيقاهم وذلك في تقنية التأليف للآلات الموسيقية التقليدية.
إن جميع الآلات الموسيقية الاعتيادية يمكنها أن تصبح آلات كهربائية حينما تصدر أصواتاً عن طريق الكهرباء وذلك عندما يلصق بجسمها مذياع microphone صغير يتصل بمضخم صوت. وقد استخدمت هذه الطريقة في كثير من الآلات الوترية كالعود وأفراد أسرة الكمان، وفي آلات النفخ كالفلوت والساكسوفون.
وتقع الآلات الإلكترونية في صنفين رئيسيين هما: الآلات الأحادية الصوت والآلات المتعددة الأصوات.
أ ـ الآلات الأحادية الصوت، ومنها:
ـ التيرمين: مخترع هذه الآلة هو ليف تيرمين Lev Thermin الروسي، وذلك عام 1920. يصدر الصوت فيها عن راسمي اهتزاز (مذبذب) oscillatorrs، أحدهما يثبت الترددات frequencies والآخر يبدلها نتيجة سيطرة العازف على الاختلاف الناتج عن هذه الترددات بحسب وضع يده بالقرب من هوائي الآلة.
ومن المؤلفين الموسيقيين الذين ألّفوا لها مارتينو [ر] B.Martinù التشيكي في مؤلفته «فانتازيا للرباعي الوتري والأوبوا والبيانو» عام 1945 مستغلاً صوتها الشبيه بعويل الصفارات.
ـ موجات مارتنو: وتسمى أيضاً الموجات الموسيقية، سميت كذلك نسبة إلى مخترعها الفرنسي مارتنو (1898-1980) Martenot الذي اخترعها عام 1928 وتشبه، شكلاً، البيانو. وهي كالترمين لا تصلح إلا لعزف الألحان والنغمات المفردة. وقد كتب بيير بوليه [ر] P.Boulez الفرنسي رباعية لها.
ب ـ الآلات المتعددة الأصوات، ومن أهمها:
أورغ هاموند Hammond organ، والبيانو الإلكتروني "ر. البيانو"، والسنثيسايزر synthesizer (المولّفة)، وهي آلة إلكترونية معقّدة تتألف من عدة مولدات صوتية لإصدار أي صوت يمكن تخيله، سواء أكان لآلات موسيقية مختلفة أم لتأثيرات صوتية خاصة كصفير الرياح وصوت الرعد والضوضاء وغيرها. مرت الآلة في عدة تطورات فنية وتقنية منذ منتصف القرن العشرين، وأصبحت تصنع في أنواع وأحجام مختلفة، منها آلة السينْكِت synket، وهي تشتمل على ديوانين في ثلاث لوحات ملامس، وآلة موغ moog ولها لوحتا ملامس في خمسة دواوين لكل منهما، وأنواع أخرى متفرقة. وقد تستخدم هذه الآلة مع الحاسوب، وفي هذه الحال يُدخل المؤلف الموسيقي تعليماته إلى الحاسوب الذي ينقل إلى الآلة معطياته لأداء الأصوات المختارة. ومن الذين استخدموا هذه الآلة المؤلف الموسيقي الأمريكي ميلتون بابيت M.Babbitt في قطعة .موسيقية بعنوان "فيلوميه" Philomet عام 1963.
.
ومع أن بعض الآلات الموسيقية الإلكترونية استهوت الكثير من المؤلفين الموسيقيين فكتبوا لها ألحاناً خاصة. وبمرافقة الأوركسترا أحياناً، فإنها لم تنضم بعد إلى الأوركسترا السمفونية عضواً ثابتاً فيها.
تونس كافيه tunisiacafe اصوات الاورغات