خطر انتشارواستعمال ما يعرف بلغة الشات على اللغة العربية.
كان لانتشار الوسائل التكنولوجية المتعددة، من حاسوب إلى جوال إلى القنوات الفضائية وغير ذلك من وسائل تقينة حديثة أثرها في انتشار ما يعرف في عالم التكنولوجيا اليوم بـ" لغة الشات"، هذه اللغة ذات المصطلحات الخاصة التي تختلط فيها اللغة الأجنبية باللغة العربية فيصبح من أساسيات اللغة العربية استخدام تعابير مثل " كانسل الموعد" أو " شيك على الإيميل" أو اعمل لي ميسد كول" أو " مسج لي على التلفون" وغير ذلك من التعابير التي انتشر استعمالها في كافة الأوساط والطبقات الشعبية.
أما أخطر نتائج هذه اللغة فهو يتأتي عن كتابة اللغة العربية بالحرف اللاتيني، وقد بدأت هذه الظاهرة بعد أن بدأ الشباب باستخدام الوسائل التكنولوجية في المحادثة والدردشة، وبما أن بعض برامج الدردشة، لا تسمح بإدخال نص الحديث باللغة العربية، تحوّل بعض الشباب الذين لا يجيدون اللغة الانجليزية إلى كتابة اللغة العربية بالأحرف اللاتينية، وعمدوا إلى حل إشكال بعض الحروف التي لا يوجد رديف لها في اللغة الانجليزية باستخدام بعض الأرقام للدلالة عليها، وهكذا أصبحت السبعة تعني حرف الحاء والثلاثة تعني حرف العين والتسعة تعني حرف الطاء والى آخره.
وأصبحت عبارة كيف حالك تكتب على الشكل التالي keef 7alak .
لقد كان لتزايد استخدام الحرف اللاتيني في المحادثة أثره على ثقافة بعض الشباب حيث أخذوا يستخدمون هذه اللغة على أنها اللغة الأصيلة، واصبحت هي وسيلة التخاطب بينهم حتى عبر الرسائل الورقية العادية، بل إن أحد الطلاب بلغ به الحد أن كتب بعض العبارات في امتحان اللغة الانجليزية بلغة الشات .
إن خطورة استخدام هذه الوسيلة في التحدث، والتي لا يعيها كثير من الشباب اليوم، تندرج في إطار خطط الغزو الثقافي التي تقوده الأمم الغربية ضد الأمة العربية والإسلامية، والتي من بينها التدريس باللغات الأجنبية، والدعوة إلى الكتابة باللهجة العامية، وقد ظهر في هذا المجال مشروع أميركي صريح يدعو إلى " تغيير شكل حروف اللغة العربية واستبدال اللغة اللاتينية بها" وذلك تحت حجة التقريب بين الشعوب العربية والشعوب الغربية .
إن قراءة هذه الظاهرة تستدعي من كل مسلم غيور على لغة القرآن الكريم إلى الانتباه لخطورة الانجراف وراءها وقراءة أبعادها التي لا تقتصر على تحويل الكتابة بالحرف العربي إلى كتابة مستهجنة لا تستخدم إلا في الدوائر والمعاملات الرسمية أو تعرض في المعارض الفنية التي تبرز جماليات الخط العربي، بل إنها يمكن أن تصل إلى القرآن نفسه، بحيث يسهل على المسلم قبول الفصل بينه وبين اللغة العربية، ولقد قرأ كثير من علماء الإسلام منذ قرون بعيدة أبعاد وخطورة كتابة القرآن الكريم بالأحرف اللاتينية فرفضوا هذا الأمر ولو على سبيل التعلم وذلك حفاظاً على الرابط بين هذا الكتاب العظيم وبين اللغة العربية والذي أوضحها الله عز وجل بقوله: " إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " .
إن الركون إلى حفظ الله سبحانه وتعالى للقرآن الكريم والذي أكد عليه بقوله تعالى: " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " لا ينبغي أن تجعل المسلم يتقاعس عن حماية القرآن الكريم في وجه الهجمات المستمرة التي تشن عليه من كل جانب، فلقد جاء من أولويات المشروع الأميركي الذي أشرنا إليه سابقاً ضرورة إقناع العرب والمسلمين "بترجمة هذا الكتاب المقدس "القرآن" إلي اللغة اللاتينية وتغيير أشكال الحروف العربية لأن هذا سيساهم في انتشار أوسع له " .
ولا يجب أن ننسى أن هذه الحرب، القديمة الحديثة، نجحت في الماضي في إلزام كثير من الدول الإسلامية على استبدال حرفهم العربي بالحرف اللاتيني، وآثار التحويل إلى الحروف اللاتينية لا زالت نتائجها ظاهرة إلى الآن في مناطق عديدة من العالم، حيث كان لاستبدال تركيا الحرف العربي بالحرف اللاتيني أثره في فقدان الشعب صلته بحضارته العربية والتراث الإسلامي الموجود في الكتب العربية القديمة، كما أن الجمهوريات الإسلامية في دول آسيا التي فرض الاتحاد السوفياتي عليها استبدال الحرف العربي بالحرف الروسي، لم ينجح معظمها وعلى رغم حصوله على الاستقلال من استعادة الكتابة بالحرف العربي بل فرض عليها استخدام الحرف اللاتيني عوضاً عن الحرف الروسي .
من هنا فإن الدعوة إلى الانتباه لمخاطر الانجراف وراء استخدام الحرف اللاتيني في الكتابة تستوجب من العلماء والدعاة وحماة اللغة العربية القيام بحملة توعية كبيرة لبيان أبعاد ومخاطر التخلي عن الحرف العربي، وبيان بطلان الادعاءات حول صعوبة اللغة العربية وعدم تكيّفها للتطور التكنولوجي الحاصل أو الاشاعة بأن استخدام الحرف اللاتيني أكثر سهولة ويسراً وغير ذلك من الأمور التي يسهل دحضها بالبراهين، فإذا أخذنا مثلاً كلمة من كلمات اللغة العربية مثل حَجَر ثم كتبناها بالحرف اللاتيني نجد أننا بالكتابة الأولى نستخدم ثلاثة أحرف بينما نستخدم ستة أحرف إذ أردنا أن نكتبها بالحرف اللاتيني .
وهذه الحقيقة يؤكد عليها الغربيون أنفسهم، فلقد ذكر المستشرق (ريتر) أستاذ اللغات الشرقية في جامعة استانبول وهو من الخبراء الذين حاضروا في العهدين العثماني، والكمالي قال: (إن الطلبة قبل الانقلاب الأخير في تركيا ، كانوا يكتبون ما أتلو عليهم بسرعة فائقة، لأن الحرف العربي اختزالي بطبيعته •• أما اليوم فإن الطلاب يكتبون بالحرف اللاتيني ولذلك فهم لا يفتأون يطلبون إلى أن أعيد عليهم العبارات مراراً •• إنهم معذورون - ولا شك - فيما يطلبون لأن الكتابة اللاتينية لا اختزال فيها ، فلابد من كتابة الحروف بتمامها •• أما الكتابة العربية ، فهي أسهل كتابات العالم ، وأوضحها •• فمن العبث إجهاد النفس في ابتكار طريقة جديدة لتسهيل السهل ، وتوضيح الواضح) •
كما أن مما يجب التنبيه إليه إلى أن هذه الدعوة الكاذبة إلى التسهيل والتيسير على الناس باستخدام الحرف اللاتيني إنما تؤدي إلى فقدان اللغة العربية اثنا عشر حرفا من حروفها لعدم وجود الحرف المقابل لها في الحرف اللاتيني، وهذه الحروف هي: الثاء والجيم والحاء والدال والذال والصاد والضاد والطاء والظاء والعين والغين.
أخيراً، إن العمل على المحافظة على اللغة العربية كتابة وقراءة تستدعي من المسلمين كل من موقعه الدفاع عن لغة القرآن الكريم، وهذا الأمر ليس بالأمر الصعب مع إمكانية تحويل الوسائل التكنولوجية إلى اللغة العربية، فلا يوجد اليوم "هاتف خلوي " لا يوجد فيه خيار اللغة العربية ، كما ان الحواسيب كلها يوجد فيها برامج ولوحات مفاتيح عربي، والأمر لا يتطلب إلا دورة تدريب، فمن غير المعقول أن يتعلم الناشئ كل شيء عن الحاسب ولا يعرف كيف يستخدم لوحة المفاتيح العربية.