تعريف الليبرالية
لم يحدد صناع الليبرالية والمنظِّرين تعريفاً يحدد المعنى بوضوح لليبرالية، لكنهم قد اتفقوا على وصفها بـ " الحرية المطلقة "، حيث يقول دونالد سترومبرج : إنَّ كلمة الليبرالية مصطلحٌ عريض، وغامض، ولا يزال إلى يومنا هذا على حالةٍ من الغموض والإبهام.
وأن الليبرالية هي فكرةٌ لا تعود إلى صنع عَقلٍ بشري واحد ، ولكنها تعتبر وليدة بيئةٍ ثقَافيةٍ أو ظروفٍ زمَنيةٍ واحدة ، حيث أن التعريفات لها تعددت حتى استقرت استقرت فلسفةً فكرية غربية وضعية ، تنزع إلى المادية والفردية والتحرر من كل قيدٍ أو ثابت ، إلا ثابت عدم الثَّبات .
كما وعرفها المفكر اليهودي (هاليفي) بأنها: الاستقلال عن العلل الخارجية ، فتكون أجناسها: الحرية المادية والحرية المدنية أو السياسية، والحرية النفسية والحرية الميتافيزيقية (الدينية).
ويعرفها أيضاًَ الفيلسوف الوجودي (جان جاك روسو) بأنها: الحرية الحقة في أن نطبق القوانين التي اشترعناها نحن لأنفسنا .
وهنا تعريف للفيلسوف (هوبز) بأنها: غياب العوائق الخارجية التي تحد من قدرة الإنسان على أن يفعل ما يشاء.
وقام بتعريفها المفكر (برنيس) بأنها: الاستقلال الناتج عن غياب الإكراه ، سواء كان ببواعث مادية خارجية ، أو بواعث داخلية أخلاقية ، والناتج أيضاً عن قوة إعمال العقل .
ومن هنا فإننا نرى بأن جميع تعريفات الليبرالية قد تتفق على أنها انكفاءٌ على النفس مع انفتاحٌ على الهوى ؛ بحيث لا يكون الإنسان تابعاً إلا لنفسه ، ولا أسيراً إلا لهواه ، وهو ما اختصره المفكر الفرنسي (لاشييه) في قوله: « الليبرالية هي الانفلات المطلق .
وكذا فإن لليبرالية جوهرٌ أساسي يتفق عليه جميعُ الليبراليين في كافةِ العصُور مع اختلافِ توجُّهَاتهم وكيفيةِ تطبيقها كوَسيلةٍ من وسَائلِ الإصلاح والإنتاج ، هذا الجوهرُ هو : أن الليبرالية تعتبر الحرية المبدأ والمنتهى , الباعث والهدف , الأصل والنتيجة في حياة الإنسان , وهي المنظومة الفكرية الوحيدة التي لا تطمع في شيء سوى وصف النشاط البشري الحر وشرح أوجهه والتعليق عليه
فالليبراليةُ تدعو إلى الحريةِ المطلقة التي لا تعترفُ بدينٍ ولا شرعٍ ولا نصٍ مُقدَّس ولا عادَاتٍ ولا تقاليد ، وتجرُّ الإنسانَ كي ينصاعَ إلى الهوى والشهوة ، وتجعله قائماً على الحظوظِ الشخصيَّة ونبذ الأصول المتينة ، والقواعدِ الرَّصينة ، التي منها انطلق سلفُ هذه الأمة في فهمِ الدين وعبادةِ رب العالمين .