تونس في آخر يوم من ايام حكم بن علي
تم الإفراج عن 150 موقوفا بصفاقس على ذمة العدالة من الذين طالتهم الاعتقالات على إثر الاحتجاجات التي شهدتها الجهة في اليومين الأخيرين.
ورغم إطلاق سراح المعتقلين، إلا أن الاحتجاجات تواصلت يوم أمس الجمعة بصفاقس، وقد توزعت على مسيرتين مختلفتين واحدة نظمها اتحاد الشغل بنقاباته الأساسية وشغاليه مع المحامين وبعض مكونات المجتمع المدني، وثانية محتشمة نظمها التجمع الدستوري الديمقراطي ولم يكن نفسها طويلا إذ سرعان ما انتهت جولتها.
مسيرة الشغالين ومكونات المجتمع المدني عبرت عن تطلعات أهالي صفاقس الذين نادوا باستمرار بإقالة بن علي نظرا للتجاوزات الحاصلة في عهده، فأهالي عاصمة الجنوب عادة ما اشتكوا بصمت من نظام بن علي، لكن مع مسيرة أمس وما قبلها من الأيام، أصبح الصوت عاليا حتى أن الشعارات قالت بوضوح «خبز وماء وبن علي لا»، كما رددت «ألفين وحداش، بن علي ما ثماش» وغيرها من الشعارات التي ألهبت المشاعر في حضور ما قدر بـ 20 ألفا بين شاب وشابة وأطفال ونساء ورجال.
المسيرة التي جابت شوارع صفاقس ، نادت بمحاكمة أقارب بن علي وأصهاره ، ولئن انطلقت المسيرة الضخمة من أمام مقر اتحاد الشغل، إلا أنها جابت أغلب شوارع صفاقس المدينة ومنها إلى مقر الولاية بشارع 7 نوفمبر حيث رابط المحتشدون أمام «مقر السيادة» منادين بنفس الشعارات وبنفس النبرة معتمدين على مضخمات صوت.
الجيش الوطني لم يتدخل وكذلك أعوان الأمن في مرحلة أولى، باعتبار أن المسيرة كانت سلمية وقد قادها في بعض مراحلها بعض الشبان من طلبة الكليات الذين أكدوا أن مظاهرتهم سلمية ولا هدف منها إلا الإطاحة بنظام بن علي، لذلك لم تحصل أعمال تخريب وتهشيم وحرق باستثناء محاولة واحدة سجلت بقلب المدينة ونفذها بعض الأطراف الخارجين عن المسيرة ولن تنجح أمام إصرار المواطنين على الطابع السلمي للمسيرة ..
أمام الولاية تسمر المحتشدون وكانوا يعتزمون قضاء كامل الليلة أمامها، لكن إعلان حضر الجولان الذي جاء متأخرا جعل المسيرة توقف على أمل تنظيمها من جديد اليوم السبت والأيام المقبلة حتى نهاية نظام بن علي ومحاسبة كل المتهمين بالفساد والرشوة وسرقة الأموال العمومية وشركائهم..
هذا في صفاقس، أما في قرقنة، فقد هاجم «أحفاد حشاد» الغاضبون من الأوضاع مقر المعتمدية وعبروا للمعتمد عن استيائهم من تخاذله في تشغيلهم بالشركات البترولية المنتصبة بالجزيرة والتي كانت في الواقع موضوع انتقاد من كل الأهالي، وقد اضطر المعتمد للفرار إلى مركز الأمن أين تابعه المحتشدون وقد أطلق أعوان الأمن النار الحي على بعض الشبان.
وتؤكد مصادر «الشروق» أن الشاب سليم الحضري أصيب بطلقة نارية، ورغم نقله إلى المستشفى الجهوي بقرقنة، إلا أنه استشهد متأثرا بإصابته بالرصاص الحي.
رحم الله الفقيد بواسع رحمته ورزق أهله وذويه جميل الصبر والسلوان.
الشعب التونسي يقدم درسا للعالم: أكثر من 20 ألفا في وسط العاصمة ومواجهـــــات مـــع الشرطـــة فــي الأنهـج الخلفيــة
بلغ التأثر بالناس صبيحة الأمس الجمعة حد البكاء ومعانقة بعضهم بعضا في شارع بورقيبة، وبلغ الانضباط بين المشاركين في المسيرة السلمية درجة غير مسبوقة في تونس، فلم تشهد أي شكل من أشكال العنف أو المغالاة أو حتى التدافع، فيما اختار أعوان الأمن من فرق التدخل وذوي الأزياء النظامية السوداء الانسحاب إلى الأنهج الخلفية للشارع الرئيسي ومراقبة ما يحدث عن كثب. ومن سطوح العمارات، وقف العديد من أعوان الأمن لتصوير تطورات المسيرة بآلات تصوير حديثة مزودة بأدوات التقريب.
لقد بدا المشهد الذي عاشته العاصمة صبيحة الأمس خياليا وعصيا عن التصديق: آلاف المتظاهرين يتدفقون من كل المداخل والمنافذ نحو وزارة الداخلية التي كان مجرد التوقف أمامها مثيرا للخوف. يصرخ الناس بشعارات تنادي بسقوط النظام وبالوفاء لدماء الشهداء الذين أعطوا للشعب التونسي هذه الفرصة كي يكشف عن الوعي الجماعي الراقي الذي بلغه الناس من كل الأعمار والفئات.
معلومات
بدأت هذه المسيرة عند الساعة التاسعة صباحا في بداية شارع بورقيبة، حيث وقعت محاولة أولية لمنع تقدمها. وقد كان واضحا أن نواتها الأولى قد انطلقت من مقر اتحاد الشغل في ساحة محمد علي ومن مداخل المدينة العتيقة. وكنا قبل ذلك ننتظر آخر المعلومات عن المسيرة التي وعد اتحاد الشغل بتنظيمها اليوم في العاصمة حتى فاجأتنا الصفوف الأولى للمسيرة السلمية الصباحية. ورغم محاولات التصدي للمسيرة فقد نجحت الصفوف الأولى في اختراق الحصار والتقدم، وقال مساهمون في المسيرة إن أعوان الأمن سواء بالأزياء النظامية أو بالزي المدني قد تلقوا تعليمات بتفادي الاصطدام بالمتظاهرين الذي بدا عددهم وتصميمهم أكبر من أي محاولة لمنع تقدمهم. وهكذا انسحب المئات من أعوان التدخل من شارع بورقيبة نحو الأنهج الفرعية مثل نج الجزائر. وعند التاسعة والنصف كان عدد المشاركين في المسيرة يعد بالآلاف، واقتربوا دون أي مواجهة من وزارة الداخلية التي هجر أعوان الحراسة بوابتها المغلقة واكتفوا بوضع الحواجز المعدنية التي احترمها المتظاهرون بانظباط يدعو إلى الدهشة. ومع تقدم الوقت وتضاعف عدد المشاركين ظهرت الشعارات واضحة سواء المكتوبة أو التي تصرخ بها حناجر المشاركين تدعو لرحيل الرئيس وكل ما له علاقة بالنظام. سوف يكون من غير المجدي الحديث عن الوجوه المعروفة سواء من السياسيين أو من المجتمع المدني التي حضرت هذه المسيرة السلمية التي أبهرت بنظامها وانضباطها حتى أن أحد المراسلين الأجانب ظل يسألني مرارا إن كان هناك من يقودها أو ينظمها.
وجوه
لم يكن هناك أي تيار سياسي وراء هذه المسيرة التي بلغ عدد المشاركين فيها أكثر من 15 ألف شخص عند منتصف النهار. وقد راج أن اتحاد الشغل هو الذي أطلقها كما كان منتظرا، فيما حضر المحامون بكثافة والكثير منهم كان بزيه المهني، وقال لنا أحد المحامين إن الكثير من القضاة قد غادروا أماكن عملهم ونزلوا إلى الشارع بين الجمهور. كما حضر العديد من وجوه الثقافة والفكر والفن والشعراء، وبعض وجوه التلفزة والإعلام. شهدت المسيرة أيضا حضورا مكثفا لمراسلي وكالات الإعلام الأجنبية حيث شاهدنا أكثر من 20 صحفيا أجنبيا بصدد إجراء الحوارات والتقاط الصور. كما حضرت العديد من كاميرات قنوات الأخبار العالمية المعروفة.
ظلت المسيرة محافظة على نظامها وانضباطها، غادرها كثيرون وجاءتها أمواج بشرية زحفت على الشارع الرئيس مرددة الشعارات نفسها التي تطالب برحيل الرئيس ومحاسبة رموز الفساد. وعند الساعة الثانية، بدأت فرق الأمن وخصوصا التدخل الذين يمتطون الدراجات النارية القوية في القيام بحركات مريبة تدل على تغير الوضع وربما صدور تعليمات جديدة وهو ما تأكد فعلا، حيث بدأ أعوان الأمن في دفع المشاركين في المسيرة ودعوتهم لمغادرة المكان. وعندما سرت في الجموع همهمات حول تدخل الشرطة تعقد الوضع وامتلأت سماء الشارع بكهرباء تنذر بالمواجهة التي لم تتأخر.
مواجهات
عند الساعة الثانية والنصف بعد الزوال بدأت المواجهة بين المتظاهرين وأعوان الأمن الذين شنوا هجمات عنيفة عليهم مع إطلاق مكثف للغاز، كما سمعت أصداء إطلاق نار قد يكون لرصاص مطاطي لأننا لم نسمع عن سقوط ضحايا. تعقدت المواجهة على مستوى أنهج القاهرة وكمال أتاتورك وخصوصا شارع جون جوريس في كر وفر بين المتظاهرين والشرطة في ظل مخاوف من سقوط قتلى بالرصاص. الطريف أن المتظاهرين نجحوا في افتكاك العديد من معدات الشرطة مثل الخوذات والدروع. ولم تفلح حملات الشرطة على المتظاهرين في إبعادهم عن هدفهم وهو العودة إلى شارع بورقيبة. وعند الساعة الثالثة بدا المتظاهرون أكثر استعدادا للمواجهة المستمرة واستنزاف قوى الشرطة وأكثر قدرة على التنظيم وإحكام الهجمات على الشرطة انطلاقا من شارع جون جوريس.
كمال الشارني
في مظاهرات عنيفة بالعاصمة: قتل واغتصاب وعمليات نهب بالمليارات
ضحايا بشرية.. اعتداءات.. فوضى وخسائر مادية قدرها أصحابها بالمليارات.. تلك هي مخلفات المظاهرات التي عاشتها البلاد التونسية منذ ما يقارب الأسابيع الأربعة والتي ربما تتواصل الى أجل غير محدّد بعدما شملت مختلف الجهات دون استثناء..
فوضى عارمة شهدتها بلادنا رغبة من أبنائها في تحقيق مطالبهم، لكن أن تتحول هذه المطالب الى ممارسة للشغب والاعتداء والنهب. فهذا ما رفضه أغلب المواطنين الذين تضرّروا ماديا ومعنويا جرّاء هذه الممارسات.
رصدت بعض مواقف المواطنين المتضرّرين الذين عبّروا عن أسفهم الشديد لما لحق بمحلاّتهم التجارية من اتلاف وفساد وتكسير متسائلين عن الذنب الذي اقترفوه ليتعرّضوا الى مثل هذه الاعتداءات التي تسببت في فقدانهم لموارد رزقهم.
عمليات نهب تساوي المليارات
محمد النعيمي (وكيل بشركة للتجارة العامة) بجهة الزهروني أفادنا أنه مساء أول أمس وبينما كان بمحلّه التجاري صحبة العاملين معه هجم عليه حشد كبير من المتظاهرين يقارب عددهم 500 شخص مسلحين بهراوات وقوارير غاز مشلّ للحركة وزجاجات حارقة وغيرها وانهالوا على أبواب المحلّ فهشموها ثم استولوا من داخل المحلّ على بضائع (مواد غذائية، فواكه جافة، توابل ومصبرّات بقول) قدرت بـ3 مليارات كما استولوا على مبلغ مالي قدره 20 ألف دينار من «الكاسة» اضافة الى أجهزة كاميرا مراقبة و5 حواسيب وثلاجتين من الحجم الكبير و3 آلات للطباعة الى جانب اتلاف جميع الوثائق الادارية والشيكات التابعة للحرفاء.
هذا المواطن أجابنا بألم كبير بأن محلّه كان مورد رزق لـ18 عاملا مؤكدا: «من حقهم أن يحتجوا وأن يطالبوا بحقوقهم ولكن بطريقة سلمية فما ذنب «الخضّار» و«العطّار» وغيره مضيفا:«لقد نقلوا بضاعتي على متن شاحنات اكتروها خصيصا لنقل المسروق ولقد سجلت بعض أرقام لوحاتها المنجمية كما أن أغلبية هؤلاء المتظاهرين هم أبناء المنطقة وأعرفهم جيّدا.. لقد استغلوا هذا الظرف للنهب والاستحواذ على ممتلكات الغير».
يغتصب ابنة جيرانه ويحتمي بالمسيرة
أما منطقة حي التضامن فقد شهدت أول أمس خرابا بعد أن تعرضت الى عمليات نهب واتلاف لعديد المحلات التجارية الى جانب المؤسسات العمومية والخاصة. كما استغل أحد المتظاهرين الاشتباكات العنيفة الحاصلة بالمنطقة وحول وجهة فتاة قاصر لم يتجاوز عمرها 15 سنة وابنة أحد جيرانه الى أحد المعاهد الثانوية النائية بالمنطقة مهدّدا إياها بسكين ثم اعتدى على شرفها قبل أن يلوذ بالفرار ملتحقا بالمسيرة متظاهرا بالمطالبة بحقوقه مستغلا في الآن ذاته الظرف للنهب والتخريب شأنه شأن العديد من المتظاهرين. وباسنطاقه من من قبل باحث البداية اعترف بما نسب إليه مؤكدا أنه لم يكن يتوقع أن يتم إلقاء القبض عليه في خضم تلك المسيرة الحاشدة.
مصرع كهل في حي الخضراء
لقي كهل مصرعه صباح أمس بجهة حي الخضراء اختناقا بمسيلات الدموع التي ألقيت داخل المنازل بسبب تواصل الاشتباكات العنيفة بين المتظاهرين وأعوان الأمن.
بنزرت: مسيـــرات حاشــــدة طــالبت بالتغييــــــر وبمحاكمــة المتجــاوزيـن.. والأهالـي يدافعـون عن الممتلكـات
مكتب بنزرت ـ
كان من المرتقب أن تجوب صبيحة أمس الجمعة مسيرة شعبية عددا من الشوارع الرئيسية بمدينة بنزرت من تنظيم لجنة تنسيق التجمع الدستوري الديمقراطي وذلك في حدود العاشرة صباحا بعنوان: «اللّه يحفظ تونس» لكن وفي ذات الوقت الذي تجمهر فيه عدد من الاطارات التجمعية فاجأت الجميع مسيرة انطلاقا من وسط المدينة باتجاه الولاية نظمتها أحزاب المعارضة والتي كانت تحمل شعارات تنادي بتغيير السلطة
.
وقد قطعت بذلك الطريق على مسيرة ممثلي حزب التجمع الذين رابطوا في مقر ومحيط لجنة التنسيق فيما انظم الى هذه المسيرة الثانية عناصر جديدة وبالتوازي مع المسيرتين المذكورتين شهدت مختلف الأنهج وشوارع بنزرت المدينة على مدى صباح أمس مسيرة احتجاجية كبرى بمشاركة نقابيين ومحامين ومواطنين من تنظيم الاتحاد العام التونسي للشغل التحقوا بها على مراحل انطلاقا من كل الأنهج والطرقات مطالبين بالمحاسبة ومحاكمة كل الفاسدين وكانت الليلة الفاصلة بين يومي الخميس والجمعة شهدت تنظيم عمليات حراسة أمنها عدد هام من أهالي ومتساكني بعض معتمديات جهة بنزرت لمنشآت خاصة وعامة.
وشهدت أحياء من بنزرت المدينة على غرار: حي الرمل ـ حي الأندلس والجلاء ومناطق كالبحيرة.. تطوع مجموعة من الشباب وعدد من العائلات هناك للتصدي لعمليات النهب والسطو والحرق والتكسير التي كانت طالت منذ أيام الفضاءات التجارية والمالية لمدن ومناطق مختلفة من الجهة.
كما شرع عدد من أهالي معتمديتي ماطر ومنزل بورقيبة في تكوين لجان خاصة بحراسة في ممتلكات خاصة وعامة مع العمل كذلك على تنظيم حملات للنظافة عاشت على وقعها عديد الأنهج والشوارع.
القصرين: مظاهرات حاشدة ومطالبة بمحاكمة القتلة
شهدت مدينة القصرين نهار أمس مظاهرات حاشدة شارك فيها أغلب أهالي المدينة وتمركزوا بوسط المدينة رافعين شعارات تنادي بمحاسبة الشرذمة الضالة التي قامت بازهاق دماء الآمنين العزل والتأكيد على اجراء محاكمات عادلة للقصاص من كل من تثبت مشاركته سواء باطلاق النار أو باصدار الأوامر.
وقد قام المتظاهرون بمسيرات وجابوا كل الشوارع وجمعوا التبرعات لبعض الضحايا وقد لوحظ غياب كلي للأمن بالمدينة.
مدنين: مقتل أستاذة بالرصاص داخل سيارتها
قتلت الأستاذة نرجس نويرة مساء أول أمس على الساعة الثامنة والنصف بمدينة مدنين بينما كانت جالسة في سيارتها صحبة ابنتها تنتظر زوجها الأستاذ الذي كان يستخلص بعض النقود من احدى الموزعات المالية.
وتمثلت الحادثة حسب شهود عيان في مرور بعض السيارات واحدة من نوع (كيا) واثنتان من نوع اسيسوزي وأخرى من نوع ميتسيبتشي وقد خفظت هذه السيارات من سرعتها قريبا من سيارة الأستاذة وفجأة انهمر الرصاص نحوها منطلقا من السيارة الأولى وقد أكدت بعض المصادر أن المعتدي عون أمن معروف، وقد أصيبت الأستاذة بأربع رصاصات في الصدر ورصاصتان في اليد وتوفيت على عين المكان.
وذكرت بعض المصادر أن الطلقات النارية تواصلت حتى الساعة الواحدة ليلا صوب بعض المارة والجالسين في أحد منتزهات المدينة وقد أصيب شخصان بجروح.
وتجمعت صباح أمس جموع من الناس أمام المستشفى حيث يوجد جثمان الضحية والتحقت بهم جموع من المتظاهرين الوافدين من تجمع نظمه الاتحاد الجهوي للشغل الذي أعلن الاضراب العام وقد قام مناضلو الاتحاد بتأطير المتظاهرين وجابوا الشوارع منددين بالاعتداءات الوحشية غير المبرّرة التي يتعرض لها المواطنون العزل من طرف بعض المسلحين المشبوهين وقد رفعت شعارات تنادي بتغيير السلطة باعتبارها مسؤولة عما يجري مع محاسبة كل من يثبت تورطه سواء بالتنفيذ أو باعطاء الأوامر بالقتل.
القيروان: القيروان تشيع جنازة شهيدين ومسيرات منددة... وهدوء حذر
مع طلوع شمس يوم أمس الجمعة دبت الحياة في شوارع ولاية القيروان، غير ان شمس هذا اليوم كشفت حجم الأضرار التي خلّفتها أيادي المتظاهرين بالليل مساء الخميس. مؤسسات بنكية وعمومية وشركات تامين وبلديات وعدد من المرافق العمومية ومراكز للشرطة طالتها أياد حارقة وعبثت بمحتوياتها.
يوم أمس الجمعة عادت الحياة الى طبيعتها في جو يتوجس خيفة من عودة الاضطرابات والفوضى بعد الإضراب الشامل الذي شل الحياة في مدينة القيروان خلال النهار ليتحول الليل الى شاهد عيان وحيد عن حالة العنف والانفلات الأمني التي عرفتها مدينة القيروان في سابقة تاريخية.
حرائق وقتيلان بالرصاص
لم يكن ذلك هو حجم الخسائر فقد لقي شابان مصرعهما بالرصاص وجرح 5 آخرون على يد قناصة اثناء المظاهرات التي جابت عددا من الشوارع والأحياء بمدينة القيروان. كما تم الاستيلاء على جميع الدراجات النارية المحجوزة التي تعود ملكيتها الى المواطنين ويفوق عددها ال300 دراجة تم الاستيلاء عليها وحرق عدد من السيارات.
حيث خرجت مئات والأصوات في ظاهرة سلمية صباح الجمعة رافعة شعارات اجتماعية متنوعة والأيادي التي تحمل عدة أدوات تخريبية بين هراوات وآلات حادة كانت وسائلهم في تخريب عدة مؤسسات عمومية انطلقت من حرق مركز للشرطة والعبث بمحتوياته ثم التوجه الى وسط المدينة لينطلق مسلسل الدمار والتخريب قبل ان يصاب عدد من الشبان برصاص قناصة وفق شهود عيان بمجرد اقترابهم من بعض المؤسسات العمومية أدت الى وفاة شابين أحدهم يدعى السيد الكسراوي (23 سنة) بحي الجبلية والشاب الثاني (20 سنة) بحي طريق حفوز وهما القتيلان الوحيدان في عاصمة الأغالبة واكد شهود عيان ان الشابين كانا يسيران في الشارع ولم يعبثا بالممتلكات.
وذكر أحد المصابين ان مطلق الرصاص تعمد قنصهم من مكان قريب وهددهم قبل إطلاق النار. في حين قدرت بعض المصادر ان عدد القتلى بلغ أربعة شبان الى غاية ظهر امس الجمعة ولم يتسن التأكد من ذلك بسبب وجود تعتيم على الخبر.
كما تم إيقاف عدد من الشبان يشتبه في تورط بعضهم في أعمال شغب وآخرون على خلفية مواقفهم السياسية الى غاية امس الجمعة وسط تنديد من قبل محتجين مطالبين بطلاق سراح الموقوفين والتحقيق مع من قتل الشبان العزل. بينما لايزال عدد من المصابين تحت العلاج بمستشفى الأغالبة بالقيروان متأثرين بطلقات الرصاص التي وجهها قناصة حسب شهود عيان.
300 دراجة مسلوبة
وقد توجه عدد من أصحاب الدراجات النارية والسيارات المحتجزة بمستودع الحجز البلدي للاستفسار عن مصير ممتلكاتهم المحجوزة لكنهم لم يتلقوا اية إجابة سوى «لا أعلم» أمام حالة إغلاق عديد مراكز الشرطة بما يمكن المتضررين من التقدم بشكاوى. وقد تم فتح تحقيقات امنية موسعة في أعمال العنف بينما شهدت مدينة القيروان أمس الجمعة مسيرة سلمية لعدد من الحقوقيين والمحامين ومئات الشبان من عائلات المصابين جابت عدد من الشوارع والأحياء منددة باستخدام الرصاص الحي ورافعة شعارات حقوقية وسياسية ومطالبة بالتحقيق في المسؤولين.
هدوء حذر
هدوء مشوب بالحذر وعودة الى مختلف الأنشطة المعيشية والإدارية يحرس الجيش التونسي بعض مقراتها ومسيرات سلمية وخسائر بملايين الدينارات تحتاج الى تدخل لإعادة البناء بمنأى عن الخطابات والمطالب السياسية وحالة من الخوف والترقب الحذر تحت ضوء شمس أمس الجمعة من مجهول يحمله ظلام الليل وعمليات التخريب التي يقودها بعض الشبان من الأحياء الشعبية من العاطلين والمنقطعين عن الدراسة وغيرهم في حالة مخيفة شبيهة بقصة «يأجوج ومأجوج».
ولاتزال القيروان منفتحة على المجهول رغم حالة الاستبشار المشوب بالحذر من الخطاب الرئاسي وخصوصا المتعلق بالتخفيض في اسعار المواد الغذائية الاساسية. غير انه لا يمكن الحسم التام بهدوء الشوارع خاصة وان احد اعوان الامن قال عندما سألناه عن دور الامن في التحقيق في عمليات السلب والنهب، قال ان الحكم الان بيد الشعب...ربما حان دور الحكمة والقرارات الحاسمة لعودة الهدوء والأمان الى القيروان وسائر الجهات ومواصلة جهود التنمية.
ناجح الزغــدودي
سوسة: مسيرة حاشدة طالبت الرئيس بالتنحي ومحاكمة «أولاد الطرابلسي»
شهدت مدينة سوسة يوم أمس أكبر مظاهرة منذ انطلاق الأحداث الأخيرة ببلادنا.
الملفت في هذه المظاهرة هو إضافة الى مشاركة جميع الشرائح الاجتماعية والمدنية الوقت الذي استغرقته إذ انطلقت صباحا لتتواصل لأكثر من خمس ساعات.
المسيرة الحاشدة انطلقت من أمام مستشفى فرحات حشاد بمشاركة الإطار الطبي وشبه الطبي لتمرّ أمام المحكمة حيث انضمّ الى المحتجين عدد من المحامين ثم كان التوجّه الى مقر الاتحاد الجهوي للشغل بباب البحر وانضمام النقابيين الى المتظاهرين.
وواصلت المسيرة طريقها الى مقر إقليم الحرس الوطني وهنا همّ عدد من المحتجين برمي الحجارة على المقر ولكن تدخل المئات لمنعهم مردّدين شعار «لا للتخريب.. نعم لحرية التعبير».
ومرورا بشارع سنغور حيث توقّف المحتجون أمام مغازة «مونوبري» رافعين شعار «محاكمة شعبية لأولاد الطرابلسية».
الحزن يخيّم على جوهرة الساحل
خيّم الهدود يوم أمس على مدينة سوسة التي شهدت دخول قوات الجيش الوطني وتمركز عدد من الوحدات التابعة له حول عدد من المؤسسات الادارية كمركز البريد ومعتمدية بوحسينة ومقرّ القباضة المالية بقبادجي.
كما شهدت المدينة غلق عدد من المغازات الكبري ونذكر هنا مغازة مونوبري التي قام المشرفون عليها بالاستعانة بالآجر لغلق واجهتها البلورية تحسّبا لأية أعمال عنف وتخريب.
كما عرفت المدينة غلق عدد من المطاعم السياحية وأكشاك بيع التبغ.
وبالنسبة الى البنوك فإنها مع محافظتها على سير عمليات السحب والدفع قامت بغلق أبوابها الخارجية وتكليف أعوان لفتحها لكل حريف..
وقد نتج عن كل هذا ركود تجاري غير مسبوق وخيّم الحزن على كل أرجاء جوهرة الساحل.
ولأنها بالفعل كانت مسيرة حاشدة وغاضبة شارك فيها الآلاف فإنها واصلت طريقها الى مقرّ الولاية.
وبكل موضوعية نقول إن عديد الشعارات المرفوعة كانت غاضبة بشكل لم نعهده من قبل حيث وصل الأمر الى حدّ المطالبة باستقالة أغلى هرم بالسلطة ولعل شعارات مثل «خبز وماء وبن علي لا» لا تحتاج الى توضيح.
المسيرة كانت سلمية ولم تشهد أية أعمال عنف أو تخريب ولكنها غاضبة الي درجة مطالبة الرئيس بالتنحّي ومحاكمة العائلة الحاكمة.
علي وطارق
مجهولون اقتحموا 10 فروع للبنك الوطني الفلاحي
تجاوز عدد فروع البنك الوطني الفلاحي التي تم اقتحامها وتكسيرها العشرة منذ بداية الحركة الاحتجاجية بمختلف مناطق البلاد والمنادية بالحق في العمل والتنمية الجهوية العادلة.
وعلى الرغم من جدية التساؤل عن أسباب الاستهداف المحيز لفروع البنك الوطني الفلاحي وخاصة في المناطق الفلاحية مثل الرقاب وسيدي بوزيد ومكثر... الخ. فان الخطر الذي يتعرض له زملائنا في الفروع أصبح كبيرا بحكم اجبار الأعوان على مواصلة العمل أثناء عمليات التظاهر دون الانتباه لما يمكن أن يتعرض له أعوان البنك من اعتداءات وقد أصيب فعلا أحد زملائنا في أحد الفروع.
كذلك وبشهادة زملائنا بفرع حاجب العيون ، تم بالأمس اقتحام الفرع من طرف أشخاص ملثمين على مرأي من أعوان الأمن الذين لازموا « الصمت والحياد» وهو ما يطرح أكثر من تساؤل حول هوية الميليشيا التي اقتحمت فرع حاجب العيون. لذلك فان المكتب النقابي يدعو وبكل جدية إدارة البنك الوطني الفلاحي لتحمل مسؤولياتها كاملة في ضمان كرامة زملائنا وإيلاء السلامة البدنية والنفسية للأعوان الأولوية المطلقة قبل المقاصة« Compensatin» ومعالجة الشيكات وغيرها فلا يمكن أن يدفع أي عون ضريبة الصورة التي يمكن أن يحملها أي كان عن البنك كما يعلم المكتب النقابي أنه متمسك بمكاسبنا المادية والتجهيزات على حد السواء.
قبلي: المتظاهرون يقصون التجمعيين ويكونون لجانا لحماية الأملاك العامة والخاصة
شهدت مختلف معتمديات ولاية قبلي وأساسا قبلي ودوز وسوق الأحد مظاهرات حاشدة وتدخلات في بعض الساحات العامة والشوارع كردة فعل من المتظاهرين على «التجمعيين» الذين حاولوا العودة إلى الشوارع لأول مرة وبعد غياب ملحوظ منذ انطلاق الأحداث.
وشكّل المواطنون لجانا شعبية لحماية الممتلكات الخاصة والعامة ومتابعة الأوضاع ليلا نهارا.
ويذكر أنه لم تحصل مواجهات في الشوارع سواء بين المواطنين أو بينهم وبين قوات الأمن.
المنستير: مسيرة مشتركة ومناداة بالعفو التشريعي العام وبكشف الحقائق والإسراع بتنفيذ القــــرارات
انتظمت صباح أمس بمدينة المنستير مسيرة سلمية انطلقت من مقر المستشفى الجامعي فطومة بورقيبة وجابت الشارع الرئيسي فطومة بورقيبة في اتجاه مقر الولاية والحي القضائي وشارك فيها الأطباء والممرضون وقد طالب المشاركون بسن العفو التشريعي العام وبكشف الحقائق في خصوص ما تخلل الأحداث الأخيرة من تجاوزات خطيرة وخاصة في ما يتعلق بعدد القتلى والأسباب ومن يتحمل المسؤولية في ذلك وبالإسراع بتنفيذ القرارات وإيجاد الضمانات القانونية لتطبيقها.
وعند وصولها إلى مقر المحكمة الابتدائية بالمدينة انضم إلى هذه المسيرة المحامون الذين كانوا قد تجمعوا في بهو المحكمة وعادوا معا إلى المستشفى وواصلوا معا رفع عديد الشعارات التي تراوحت بين الجوانب الاجتماعية والمطالب السياسية.
المنجي المجريسي
توزر: مسيرة واعتصام أمام مقر الولاية للمطالبة باطلاق سراح المساجين
نظم الاتحاد الجهوي للشغل بتوزر صباح أمس الجمعة مسيرة حاشدة جابت الشوارع الرئيسية لمدينة توزر تخللها اجتماع عام أمام مقر الاتحاد الجهوي للشغل ألقى خلاله أعضاء المكتب التنفيذي كلمات فنادوا باطلاق سراح مساجين الأحداث الأخيرة بتوزر وتحقيق العديد من المطالب الاجتماعية والسياسية ورفع المتظاهرون شعارات منددة بالحزب الحاكم ورئيسه ونادوا بتكوين حكومة انقاذ وطني اثرها توجهت لجنة مكونة من أعضاء المكتب التنفيذي الى مقر الولاية للاجتماع بوالي الجهة ومطالبته باطلاق سراح كل مساجين الأحداث الأخيرة بتوزر فورا في حين ظلت الجماهير المحتجة معتصمة الى حين إطلاق سراح المساجين أمام مقر الولاية التي تحميها قوات من الجيش الوطني.
بوبكر حريزي
الرديف: إحراق مركز للحرس الحدودي
هاجمت مجموعة من المتظاهرين في حدود الساعة العاشرة ليلا من مساء الخميس مركزا للحرس الحدودي بمعتمدية الرديف من ولاية قفصة وكان الهجوم مباغتا وسريعا واستعمل فيه المهاجمون الزجاجات الحارقة وقد تمكن أعوان الأمن الذين كانوا مرابطين به من الفرار خارجا.
هذه العملية تجمع على إثرها شبان المنطقة وشرعوا في القيام بمسيرات حاشدة تتضمن رفضهم للإجراءات التي تمّ الاعلان عنها وتدعو لمحاسبة من مارسوا إطلاق النار وقتل الأبرياء ثم وصلت الى المنطقة تعزيزات أمنية كبيرة دخلت في اشتباكات مع المتظاهرين باستعمال الغاز المسيل للدموع وأمكن لها بعد جهود مضنية من تفريقهم.
المصدر جريدة الشروق التونسية
15 جانفي 2011