((( فــــن الإعـــــــتـذار )))
هو صفة أو سلوك انساني يدل على النقاء و الصفاء ، نستطيع به ملامسة قلوب من أخطأنا في حقهم لنلتمس العذر منهم بمحبة و سلام .
الاعتذار هو فعل نبيل وكريم يعطي الأمل بتجديد العلاقة وتعزيزها
وهو التزام لأنه يحثنا على العمل على تحسين العلاقة و على تطوير الــــذات .
الاعتذار فن له قواعده و مهارة إجتماعية نستطيع أن نتعلمها ,,
و هو ليس مجرد لطافة بل هو أسلوب تصرف .
الانسان بطبعه خطاء ، وكثيرا ما يمر بمواقف يكون فيها المخطئ أو يتقاسم الخطأ مع الآخرين ، ومهما كان كبر الخطأ الذي اقترفه في حق نفسه أو حق الآخرين ، فإنه في النهاية يتحمل تبعاته و نتائجه لوحده حتى لو لم يصدق بأنه كان بهذه القسوة في اقتراف الخطأ ، وقد يتعب من كثرة تأنيب ضميره له فلا يجد مخرج من هذه الداومة إلا بطريقة واحدة ألا وهي صفة لو تحلى بها لمسحت البقع السوداء جراء هذا الخطأ ... الصفة هذه كثير منا لا يتحلى بها بحجة الكبرياء و التعالي و بعضهم يحسها جرحا لكرامته ونقصا لرجولته او مقامه ، مع أنها صفة تعتبر كفن بل أسلوب تصرف لو اتقنه الانسان لجدد حياته بما هو جميل ولعمل على مسح البقع السوداء التي تناثرت جراء خطأه .
هذه الحياة .. نعيشها , تطل علينا بأيام سعيدة كما تمطرنا بأيام حزينه نتعامل معها من خلال مشاعرنا
فرح ,, ضيق ,, حزن ,, محبة ,, كرهـ ,, رضى ,, غضب . جميل أن نبقى على اتصال بما يجري داخلنا
لكن هل هذا يعطينا العذر أن نتجاهل مشاعر الغير ؟ أن نجرح مشاعرهم و نتعدى على حقوقهم أو أن ندوس على كرامتهم ..؟
للأسف
هذا ما يقوم به الكثير منا , معتقدين بأنهم مركز الحياة و قادتها و على الآخرين أن يتحملوا ما يصدر عنهم .
قد نخطيء
و لكن دائما لدينا الأسباب التي دفعتنا إلى ذلك فتجدنا أبرع من يقدم الأعذار لا الإعتذار .
وقد تكون المشكلة الأكبر
أننا لا نعاني فقط من الجهل
بأساليب الاعتذار و لكننا نكابر و نتعالى و نعتبر الاعتــــــذار هزيمة أو ضعف او إنقاص للشخصية و المقام .. و كأننا نعيش في حرب دائمة مع الغير
الأعذار
فمثلا نجد أن
الام تنصح ابنتها بعدم الأعتذار لزوجها
والاب ينصح الابن بعدم الاعتذار لأن رجل البيت لا يعتذر
و المدير لا يعتذر للموظف لان مركزه لا يسمح له بذلك والمعلمة لا تعتذر للطالبة لأن ذلك سوف ينقص من احترام الطالبات لها سيدة المنزل لا تعتذر للخادمة و قس على ذلك الكثير
اليوم نجد بينا من يدّعي التمدن و الحضارة
باستخدام الكلمات الأجنبية في مواقف عابرة مثل الاصطدام الخفيف خلال المشي و لكن عندما يظهر الموقف الذي يحتاج إلى اعتذار حقيقي نرى تجاهلا !!!
كم يمر علينا من الإشكاليات التي تحل لو قدم
اعتذار بسيط بدل من تقديم الأعذارالتي لا تراعي شعور الغير أو إطلاق الإتهامات للهروب من الموقف
إن الإعتذار مهاره من مهارات الاتصال الإجتماعية مكون من ثلاث نقاط أساسية :
1 أن تشعر بالندم عما صدر منك
2 أن تتحمل المسؤليه
3 أن تكون لديك الرغبة في إصلاح الوضع
و المقصود من فن الاعتذار هو تحقيق النجاح في الإعتذار
و من الأسباب المؤديه للنجاح في الإعتذار :
1 اختيار الوقت المناسب بأن ينتظر المخطئ بعد أن تهدأ فورة الغضب التي انتابت الآخر
2 أن يختار المكان المناسب لإبداء اعتذاره , فمثلا زيارة لمنزل الطرف الآخر كفيلة بتهدئة التوتر و إنجاح الإعتذار
3 لا بد أن تخرج حروف الإعتذار من أعماق القلب لكي تعبر عن الصدق , فالتبريرات الواهية فاضحة ومفشلة لعملية الاعتذار
4 اختيار طرق مبتكرة في تقديم الإعتذار له أثر بليغ
5 بالإضافة إلى ممارسة العلاقة بشكل طبيعي بعد تقديم الإعتذار كتبادل الزيارات و الحديث بعفوية كما كان قبل حلول المشكلة يتوج الإعتذار بالنجاح
معظمنا يتصور أن الإعتذار يتنافى مع الكرامة والعكس هو الصحيح تماما لأن
((( الإنسان الكريم هو الذى يأبى على نفسه أن يكون مكابرا أو ظالما ويقدر على أن يصفح )))
و من أهم فوائد الإعتذار
1 أنه يساعدنا في التغلب على إحتقارنا لذاتنا وتأنيب ضميرنا
2 و هو يعيد الإحترام للذين أسأنا اليهم و يجردهم من الشعوربالغضب
3 و يفتح باب المواصلة الذي أوصدناه
4 و فوق هذا كله هو شفاء الجراح والقلوب المحطمة
هناك نقطة مهمه يجب الانتباه لها
ألا وهي أنك بتقديم الاعتذار لا يعني بالضرورة أن يتقبله الآخر أنت قمت بذلك لأنك قررت تحمل مسؤولية تصرفك المهم عليك أن تتوقع عند تقديم الاعتذار أن المتلقي قد يحتاج إلى وقت لتقبل أعذارك و أحياناً أخرى قد يرفض اعتذارك
((( و هذا لايخلي مسؤوليتك تجاه القيام بالتصرف السليم نحو الآخر )))
تكلمنا باختصار عن فن الاعتذار ولكن هناك أيضا نقطة مهمه جدا ألا وهي فن قبول الإعتذار والعفو على من أخطأ وقدم عذره
.
وهنا يجب أن يكون الانسان قد تخلص بالفعل من كل ما يجعله متحاملا على أخيه عند قبوله للعذر ولا يكون مجاملا على حساب نفسه أو الاخرين وقد علمنا معلم البشرية في قولة صلوات الله وسلامه عليه : "من عفى عن مظلمة أبدله الله عزّاً في الدنيا والآخرة" .
فهناك أجر كبير في الاخرة عند العفو عمن أخطأ وهذا من الفوائد التي يجنيها الانسان عند عفوه وتسامحه إلى جانب انتشار المحبة بين الجميع ونبذ البغض والكراهية .
وثمرة الإعتذار المرجوة والمرتقبة هي السماح ,,, فما هو السماح ؟؟؟
وغالبا لا يحصل السماح إلا بعد قبول العذر
السماح هو ما نفعله عندما نتخطى مشاعر الغضب الناتجة عن أذى تعرضنا له , والسماح لا يعني النسيان بل هو محاوله ل التقدم للأمام , ويؤدي الى السلامة العقلية والجسدية , ولا يكفي ان نقول سامحتك وانما يجب ان نغيير سلوكنا
و السماح لا يعني الصلح واستئناف الحياة مع المذنب ,
و من أنبل الأمور التي نقوم بها (السماح الأحادي) حيث ليس بالضرورة في هذا السماح اعتراف المذنب بذنبه لتسامحه
و السماح أصعب بكثير من الإعتذار , فالإعتذار واجب ولكن السماح ليس بواجبا إنما فضيلة ولا يجوز فرضها , والسماح لا يحصل بين ليلة وضحاها وإنما هو عملية تتطلب وقتا وتفكيرا
( وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ )
بسم الله الرحمن الرحيم
( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
((( من عفى عن مظلمة أبدله الله عزّاً في الدنيا والآخرة )))
صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم
أرق تحياتى للجميع
أبو مروان