تبدأ أهميَّة العلاقة بين الأم وطفلها بالظهور منذ اللحظات الأولى من حياة الطفل ، وتتمثَّل هذه الأهمِّيَّة في عوامل تبدو غير مترابطة في الظاهر ، لكن ينبغي في الواقع مراعاتها وفهمها فهماً صحيحاً ، وربَّما سأل سائل عن سبب توقَّف الطفل عن البكاء فوراً عندما تحضنه أمُّه بين ذارعيها ، أو عن سبب قدرة الطفل على تمييز الوجه البشري من بين الوجوه جميعاً ابتداء من لحظة الولادة .

إن هذه العوامل تفسِّر لنا العناية الكبيرة بالمولود الجديد في المستشفى منذ اللحظات الأولى من حياته ، ولعلَّ أسرع وأبسط طريقة لتعزيز العلاقة بين الأم ووليدها تقديم الوليد إليها في غرفة الولادة بالمستشفى ، أو عندما تتمُّ الولادة في المنزل ، والسماح لها بحضنه حتى قبل تغسيله ، هذا إن لم تكن هناك معالجات فوريَّة ينبغي إخضاع الوليد لها .

ويتعرَّف الوليد الجديد بسرعة على خواص أمِّه ، فهو يشم رائحة جسمها ، ويحسُّ بحرارته ، كما يتعرَّف على الخواصِّ الأخرى لسلوكها ، تلك هي بداية علاقة بين الطفل وأمِّه تظهر منذ الشهور الأولى من حياته ، ولقد ثبت فعلاً أن الأطفال الحديثي الولادة الذين تحضنهم أمَّهاتهم إلى صدروهنَّ يقلُّ بكاؤهم ، ويتكيفون بصورة أسرع ، ويتميزون بمزاجٍ هادئ ، ويصبحون أقلُّ عرضةً للإصابة بالأمراض من الأطفال الذين يبقون بعيدين عن أمهاتهم .