مشاهدة النسخة كاملة : موسوعة خطب مكتوبة للشيخ عبد الرحمن السديس - خطب الجمعة للشيخ عبد الرحمن السديس
التربية الموسيقية - Education musicale
04-26-2015, 07:15 PM
موسوعة خطب مكتوبة للشيخ عبد الرحمن السديس - خطب الجمعة للشيخ عبد الرحمن السديس
http://oi57.tinypic.com/2r3wpkg.jpg
محاضرات | ودروس | وندوات | وخطب | محاضرات | دروس | خطب | علم | دروس دينية | إسلامية | كتابة نص موضوع خطبة جمعة | كيف تحضر خطبة الجمعة | نصائح | منهج في إعداد خطبة الجمعة | طريقة مختصرة تحضير خطبة الجمعة
موضوع : كل نفس ذائقة الموت
:الخطبة الاولى:
الحمد لله الذي قضى بالفناء على هذه الدار، وأمر بأخذ العدة لدار القرار، أحمده تعالى وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، أزهد الناس في الدنيا، وأكثرهم للموت ذكراً وللآخرة استعداداً، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أهل الفضل والتقى، والتابعين ومن تبعهم بخيرٍ وإحسانٍ واقتفى.
أما بعد:
أيها المسلمون: اتقوا الله تبارك وتعالى.
عباد الله: حقيقةٌ قاسيةٌ لا محيد عنها، وقضيةٌ رهيبةٌ مسلمةٌ لا مفر منها تواجه أهل الدنيا، فلا يستطيعون لها رداً، ولا يملكون لها دفعاً، حقيقةٌ تتكرر كل لحظة، ونعايشها مرة بعد مرة، والناس سواءٌ أمام هذه الحقيقة المُسَلَمة، والمصير المحتوم، يواجهها الآباء والأبناء، والأغنياء والفقراء، والضعفاء والأقوياء، والرجال والنساء، والمرءوسون والرؤساء، والعامة والعلماء، والمغمورون والوجهاء، وأهل الشجاعة والجبناء، يقفون منها موقفاً موحداً، لا يستطيعون لها حيلة، ولا يملكون لردها وسيلة، ولا يقدرون تجاهها دفعاً ولا تأجيلاً، إنها حقيقة النهاية والفناء والموت، الموت الذي لا مفر ولا محيد من الاستسلام له، ولا يملك البشر حياله شيئاً.
إخوة الإسلام: إن كل حيٍ يسلم بهذه الحقيقة عقيدة ونظراً، لكن الذين يتذكرونها ويعملون لما وراءها قليل، فالقلوب عن هذه الحقيقة غافلة، والنفوس شاردة، والعقول منصرفة، والهمم مشغولة، ومشاغل الحياة وزخرفها من الأموال والقصور، والأولاد والدور، والمراكب والمراتب، والأعمال والمناصب، كل ذلك وغيره أطال أمل الناس فيها، وإلا فالله عز وجل يقول: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [العنكبوت:57] ويقول جل وعلا: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ [الرحمن:26-27].
ونبيكم صلى الله عليه وسلم، يقول لـعبد الله بن عمر رضي الله عنهما: {كن في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابر سبيل } وكان ابن عمر يقول: [[إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك ]] رواه البخاري .
وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أكثروا من ذكر هادم اللذات } أي: الموت، وكان عليه الصلاة والسلام، إذا ذهب ثلث الليل قام فقال: {يا أيها الناس! اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعه الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه } خرّجه الترمذي من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه، فالكل مرجعهم إلى الله، والجميع محشورون إليه، الموت في الموعد المحتوم، والأجل المقسوم: وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً [آل عمران:145]، فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف:34] وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المنافقون:11] وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ [لقمان:34].
أمة الإسلام: إنه لابد أن تستقر هذه الحقيقة في نفوس الناس استقراراً واستشعاراً؛ حتى يكون له أثرٌ عمليٌ في حياة المسلم، بالإقبال على الطاعات وترك المعاصي والمحرمات، والمبادرة إلى التوبة وترك التسويف، فاستشعار قصر الأمل، يتطلب الجد في العمل، يجب أن نتذكر هذه الحقيقة دائماً وأبداً، حقيقة أن الدنيا مدبرةٌ فانية: إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ [غافر:39] وأن المرد إلى الله، وأن الحياة موقوتة، والآجال محدودة، والأنفاس معدودة، ثم تأتي النهاية الحتمية، ويحل هادم اللذات، ومفرق الجماعات، ثم بعد ذلك يكون الناس فريقين فإما إلى جنة عالية، قطوفها دانية، وإما إلى نار حامية، نعوذ بالله من غضبه وأليم عقابه، فكأس الموت تتذوقه كل النفوس، وجرعته يتحساها كل حيٍ في هذه الحياة، لا فرق بين إنسانٍ وآخر، إنما الشأن كل الشأن ما بعد هذه اللحظة الحاسمة، من المصير الذي يستحق أن يعمل من أجله العاملون.
فلو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت غاية كل حي
ولكنا إذا متنا بعثنا ونسأل بعدها عن كل شيء
فيا أيها المسلمون: تذكروا هذه الحقيقة: فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ [لقمان:33].
أين الاتعاض والاعتبار؟ عشرات الجنائز نصلي عليها في اليوم والليلة، وعشرات الموتى نشيعهم إلى القبور، حيث ضيق اللحود ومراتع الدود، أما نعتبر بكثرة الموتى من حوادث السيارات، ومن موتى الفجأة والسكتات؟!
كم من إنسان أمسى ولم يصبح، وأصبح فلم يمسِ، وخرج من بيته فلم يعد، وكم من صحيحٍ سليم يأتيك خبره، ويبلغك موته:
تزود من التقوى فإنك لا تدري إذا جن ليلٌ هل تعيش إلى الفجر
فكم من سليمٍ مات من غير علةٍ وكم من سقيمٍ عاش حيناً من الدهر
وكم من فتىً يمسي ويصبح آمناً وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري
فتذكروا -يا عباد الله- هجوم هادم اللذات، وتصوروا نزول ملك الموت بكم، في هذه اللحظات يندم المفرطون ويتحسر المقصرون: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:99-100].
تذكروا الموت وسكراته، يا من تلهون وتعبثون في دنياكم، وأنتم عن الآخرة غافلون! تذكروا هذا الموقف العصيب يا من تتثاقلون عن أداء الصلاة، وتبخلون بإخراج الزكاة! تذكروا ساعة الاحتضار يا من تظلمون عباد الله، وتقعون في أعراضهم، وتبخسونهم أشياءهم، وتغشونهم وتماطلونهم حقوقهم! فلله يومٌ يجمع فيه الأولين والآخرين لفصل القضاء بينهم، وكتابٌ لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها، هل تظنون أنكم مخلدون في هذه الحياة؟!
روى الترمذي في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك } فماذا قدم كل واحدٍ منا لهذه اللحظات الحاسمة، والمواقف العصيبة: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ [فاطر:37].
كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، إذا ذكر عنده الموت انتفض انتفاض الطير، وقال الحسن البصري رحمه الله: [[ فضح الموت الدنيا، فلن يترك لذي لبٍ بها فرحاً ]] هكذا كان سلف هذه الأمة، من قوة الإيمان وشدة الخوف من عذاب الله، مع اجتهادهم في طاعة الله، فغريب حالنا اليوم، كلنا قد أيقن بالموت وما نرى له من مستعد! وكلنا قد أيقن بالجنة وما نرى لها عاملاً! وكلنا قد أيقن بالنار وما نرى لها خائفاً! فعلام الفرح مع التفريط في جنب الله! إنه لا ينبغي لمن آمن بالله واليوم الآخر، ولا يليق بمن عرف مصير الأوائل والأواخر، ويرى أن الموت يأخذ الأصاغر والأكابر، أن يركن إلى هذه الدنيا وقد امتلأت المقابر.
فيا من يفاخرون بأموالهم وأولادهم وأعمالهم: كيف بكم إذا واراكم الثرى وسرى بكم البلى! حقاً كفى بالموت واعظاً.
أمة الإسلام! إنني أذكر بهذه الحقيقة القاسية، والنهاية الحتمية في الوقت الذي نودع فيه عاماً تصرمت أيامه، وقوضت خيامه، مضى وانقضى وهو شاهدٌ لنا أو علينا بما أودعناه فيه من أعمال، ونستقبل عاماً جديداً لا ندري هل نستكمله، أم يحول بيننا وبين ذلك هاذم اللذات!
وإنه ليجدر بنا أن نحاسب أنفسنا: ماذا عملنا في العام المنصرم؟ وماذا عسانا أن نعمل في هذا العام الجديد؟ وأن نأخذ الدروس والعبر من مرور الليالي والأيام، وتصرم الشهور والأعوام، فيدفعنا ذلك إلى التوبة الصادقة، والإقلاع عن المعاصي والذنوب والاستعداد للآخرة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر:18].
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيدي المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ ومعصية، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
:الخطبة الثانية:
الحمد لله الباقي فلا يفنى ولا يبيد، وأشهد أن لا إله إلا الله المبدء المعيد، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله أفضل الأنبياء وأكرم العبيد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:-
فاتقوا الله -عباد الله- واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله، واتقوا يوماً لا يجزي والدٌ عن ولده، ولا مولودٌ هو جازٍ عن والده شيئاً.
عباد الله: إذا أيقنا أن مرور الأعوام وانقراض الأزمان إنما هو من أعمارنا، وأن الأيام مراحل تقربنا إلى الآخرة، فإن علينا ونحن بين عامين، بين عامٍ مضى، لا ندري ما الله صانعٌ فيه، وبين عامٍ قد أتى لا ندري ما الله قاضٍ فيه، إن علينا أن نستعد للموت وما بعده؛ وذلك بالتوبة الصادقة والإقلاع من الذنوب والتخفف من الدنيا، وكثرة ذكر الموت وزيارة القبور، والاعتبار والاتعاظ بما نرى ونسمع من أحوال الراحلين، فالموت الذي تخطانا إليهم سيتخطى غيرنا إلينا، وإن علينا أن نقف وقفة تأملٍ ومحاسبةٍ للنفوس، فإلى متى الغفلة يا عباد الله؟!
إن مرور عامٍ في حياة الفرد المسلم والأمة المسلمة حدثٌ يستحق التأمل والمحاسبة، فهل نقوم بهذا الأمر، وهل نعي حقيقة الحياة ونهايتها، وهل نستقبل هذا العام الجديد بالتوبة والإنابة، والعودة الصادقة إلى ديننا، هذا ما نأمله ونرجوه، إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد، وإني لأرجو أن تكون هذه الذكرى عهداً يأخذه كلٌ منا على نفسه وميثاقاً يعمل بمقتضاه فيما بقي من حياته، ليتحقق له الخير والفلاح في العاجل والآجل.
هذا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على النبي المصطفى والرسول المجتبى كما أمركم بذلك ربكم جل وعلا، فقال عز من قائل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56]. (http://www.tunisia-cafe.com/vb/index.php)
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد بن عبد الله، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولاية المسلمين فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفق إمامنا بتوفيقك، وأيده بتأييدك، اللهم ارزقه البطانة الصالحة، اللهم اكتب على يده جمع كلمة المسلمين يا رب العالمين.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر يا سميع الدعاء.
اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم انصرهم عاجلاً غير آجل يا قوي يا عزيز.
اللهم اجعل خير أعمالنا أواخرها، وخير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم نلقاك، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر.
اللهم اجعل عامنا الجديد عام عزٍ ونصرٍ للمسلمين، اللهم اجعله عام نصرٍ للمسلمين يا رب العالمين.
اللهم حرر فيه مقدساتهم، وانصرهم فيه على أعدائهم، واجمع كلمتهم على الحق والهدى يا ذا الجلال والإكرام.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تصْنَعُونََ.
يتبع ان شاء الله الموضوع متجدد
http://i59.tinypic.com/dwos8.jpg (http://www.jobs4ar.com/jobs/index.php)
خطب الجمعة نصوص و مواضيع جاهزة
يمكنك متابعة جميع المحاضرات الدينية الاسلامية من هنا
http://www.jobs4ar.com
محاضرات ودروس وندوات وخطب
مع تحيات منتديات تونيزيا كافيه
التربية الموسيقية - Education musicale
04-26-2015, 11:44 PM
موسوعة خطب مكتوبة للشيخ عبد الرحمن السديس - خطب الجمعة للشيخ عبد الرحمن السديس
http://oi57.tinypic.com/2r3wpkg.jpg
محاضرات | ودروس | وندوات | وخطب | محاضرات | دروس | خطب | علم | دروس دينية | إسلامية | كتابة نص موضوع خطبة جمعة | كيف تحضر خطبة الجمعة | نصائح | منهج في إعداد خطبة الجمعة | طريقة مختصرة تحضير خطبة الجمعة
موضوع : رسالة إلى المرأة المسلمة ( خطبة : للشيخ عبدالرحمن السديس )
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق الخلائق فأتقن ما صنع، وشرع الشرائع فأحسن ما شرع، لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله، أقام صرح الفضيلة ورفع، ودفع أسباب الرذيلة ووضع،صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل التقى والحياء والزهد والورع، ومن سار على نهجه واتبع، وسلم تسليماً كثيراً.
الخطبة الأولى :
أما بعد : فيا أيها المسلمون اتقوا الله – تبارك وتعالى – حق التقوى ..
عباد الله : مقياس صلاح الأفراد والمجتمعات، ومعيار رقي الأمم والحضارات، عقيدةٌ تزكي النفوس، وإيمان يقوِّم الأخلاق، ودين يهدي إلى الفضائل، ويعصم من الوقوع في الرذائل، وعنوان نقاء المعدن، وزكاء العنصر، وحياة الضمير، وازعٌ يمنعه من اقتراف الآثام، وارتكاب الدنايا، وأرق الناس طبعاً، وأقواهم ديناً، وأنبلهم سيرة، وأصلحهم سريرة، مَن عاطفته حيةٌ متوقدة، وضميره يقظٌ مرهف، يترفع به أبداً عن مقارفة الخطايا، ويستشعر الغضاضة من سفاسف الأمور، والاشمئزاز من كل المنكرات والشرور، وقليل المروءة وبليد الشعور، مَن لا يبالي بفضيلة، ولا يتورع عن فعل رذيلة، ينفلت من الأخلاق بلا مبالاة، ويتحرر من القيم بلا اكتراث، ويتحول وحشاً كاسراً ينطلق خلف شهواته، وينساق خلف ملذاته، ويدوس في سبيلها أزكى العواطف وأنبل المشاعر والقيم، فلا وازع يردعه، ولا حياء يمنعه، بل ولا فطرة نقية وعقلية سوية .
هبي بعث لم تأتنا رسله وجاحمة النار لم تُضرَمِ
أليس من الواجب المستحسن حياء العباد من المنعمِ
أيها الأخوة والأخوات .. ولم يزل الصراع بين الحق والباطل، والخير والشر، والفضيلة والرذيلة مستمراً، وقد بلغ أوج خطورته في عصر الانفتاح والانفلات، والانسياق وراء الشهوات، والاسترسال خلف الملذات، والتلاعب بالألفاظ والمصطلحات، ولقد كان التساهل بقضايا المرأة من الأسباب الرئيسة في حصول واقعٍ منحرف، ومجتمعٍ منجرف، وجيلٍ عن تحصيل الخير منصرف، وإن الثالوث الخطير الذي يمثل أخطر معاول الهدم والتدمير في المجتمع الإسلامي، كله يركز على المرأة تبرجاً وسفوراً واختلاطاً، وذلك كله لم يأت مصادفةً ولا اعتباطاً، وإنما نتيجة تخطيط دقيق، ومؤامرة شرسة، ضد دين الأمة ومثلها وقيَمها، حتى خُدِع كثير من المسلمين والمسلمات بشعاراتٍ براقة، ودعاياتٍ مضللة، تَعُدُ الالتزام بنهج الله وشرعه جموداً ورجعية، والانفلات والإباحية؛ حريةً وتقدمية، والانسياق وراء الشهوات رقياً وتحضراً ومدنية، والتبرج والسفور والاختلاط مَوْضَة، والخلاعة والفجور والانحلال فناً، والعلاقات المحرمة حباً، مما يتطلب يقظة الأجيال، والمسؤولين عنهم من النساء والرجال، أداءً لحق القوامة والرعاية، وامتثالاً لقول الحق تبارك وتعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } .
أيها الأحبة في الله .. وما حرم الإسلام التبرج والسفور والاختلاط، وشرع الحجاب إلا تكريماً للمرأة، وحفاظاً على مكانتها، حرصاً على إقامة المجتمع النظيف، والجيل العفيف، الذي لا تهيِّجه الشهوات، وتستثيره المغيرات، وسداً لذريعة الفساد، وحثاً على اتخاذ التدابير الواقية من الوقوع في الشر والانحراف، وذلك هو عدل الإسلام في صيانة المجتمع من المزالق، وهو أهدى سبيلٍ لسعادة البشرية جمعاء، بكلِّ عزةٍ وإباء، في عيشٍ خَيِّر وحياة هنيئة، يظللها الإيمان، ويرفرف على جنباتها الحياء، إذ بدونه يفسد العيش وتظلم الحياة .
فلا والله ما في العيش خيرٌ ولا الدنيا إذا ذهب الحياء .
أمة الإسلام …إن تبرج المرأة وتزيُّنها وتعطرها واختلاطها بالرجال في الأماكن العامة تزاحمهم، وتستهوي نفوسهم، وتفتن قلوبهم، لهو دليل على ضعف الوازع الديني في نفسها أو عدمه، وأمارةٌ على موت الغيرة، وبلادة العفة وقلة الحياء.
وإذا الحياء تهتكت أستاره فعلى الحياة من الحياء عَفَاءُ .
إن المرأة المتبرجة المختلطة، الخرَّاجة الولاجة، إن سلمت في نفسها، فإن الناس لا يسلمون من فتنتها، والافتتان بها، فكم فيهم من عزبٍ لا يجد نكاحاً، وكم فيهم من شابٍ محترقٍ بشهوته ولا زوجة له يسكن إليها، بل وكم فيهم من ذئبٍ محترف، ولصٍ متفننٍ بسرقة الأعراض، بارعٍ في أساليبها واقتناصها، وقد يكون فيهم عبدٌ صالحٌ عفيف، ورجلٌ تقيٌ شريف، أغواه الشيطان، فذَّل بعد العز، وتدنس بعد العفة، بفعل هذه
الفاتنة المفتونة، وقد قال الأول:
قل للمليحة في الخمار الأسودِ ماذا فعلت بناسكٍ متعبدِ
قد كان شَمَّرَ للصلاة ثيابهُ حتى عَرَضتِ له بباب المسجِدِ
رُدِّي عليه صلاته وصيامهُ لا تفتنيه بحق دين محمدِ
معاشر المسلمين والمسلمات … اختلاط الرجال بالنساء، أصل كل فساد وبلاء، ما سرى في مجتمعٍ ولا فشا في أمةٍ إلا وأوردها موارد الهلاك، لما يسببه الاختلاط بين الجنسين من فتنٍ وفظائع، ودمارٍ يحول الديار بلاقع، انه يحرك في النفوس كوامن الغريزة، ويشعل نار الشهوة الجامحة، ويؤجج عواطف الغرام، ويغري كلاً من الجنسين بالآخر، فيرخي العنان للشهوات التي لا حدود لها، يقترن بذلك مجونٌ فاحش، في صورٍ عارية وشبه عارية، وقصص غرامية، ومسلسلاتٍ هابطة، ما يُزْعَمُ بأنه أدب مكشوفٌ مليءٌ بقلة الأدب، ومناظرٍ مثيرة، ولوسائل الإعلام في ذلك نصيبٌ وافر، فينشأ الناشئة ويتخرج الأجيال في هذا الجو المحموم، وهذا الوضع المسموم، الذي تغلي مراجله بصور الإغراء والإثارة، التي تغتال تربيتهم، وتطفئ فيهم القوى الإيمانية والفكرية، وتقضي على صفاتهم الرجولية والأخلاقية والسلوكية، ولا يكادون يشقون عن الطوق ويبلغون الحلم، حتى تغتالهم الشهوات البهيمية، لأن البضاعة معروضة، والمظاهر مغرية، والنفس أمارة غرارة، والشيطان عدوٌ يتربص، والشهوة هائجةٌ مائجة، والرقيب يغفل ويتشاغل، بل ويتكاسل ويتساهل، فيتحول المجتمع إلى لهوٍ وعبثٍ ومجون، يعج بالفوضى الجنسية، والعشوائية الغريزية، والفسق والإباحية، فتنذره بالويل والثبور، وتجره إلى الهلاك والعطب وعظائم الأمور، لذلك حرم الإسلام إطلاق العنان للنظر، وأمر بغض البصر، فقال سبحانه {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ، وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ….. الآية}
إن الرجال الناظرين إلى النسا مثل السباع تطوف باللحمان
إن لم تصن تلك اللحوم أسودها أُخِذَت بلا عوضٍ ولا أثمان
كما نهى الإسلام عن الدخول على النساء، فقد روى البخاري ومسلمٌ عن عقبة بن عامر –رضي الله عنه – أن رسول الله - - قال: " إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: أرأيت الحمو يا رسول الله ؟ قال: الحمو الموت " والحمو قريب الزوج كأخيه وابن أخيه، وعمه وابن عمه، وخاله وابن خاله، بمعنى أن خلوة الحمو أشد خطراً من خلوة الغريب، لأن دخوله لا يثير ريبة، ولا يلفت الأنظار، والناس كثيراً ما يتسامحون فيه، شبهه بالموت في المفسدة، فالله المستعان .
كيف استباح بعض الناس ذلك ؟!! حتى لكأنه عاديٌّ مألوف . لا. بل بعض الناس لا يتورع أن يسمح لزوجته أو موليته أو يلزمها بمجالسة أصدقائه واستقبالهم، بل وتبادل الضحكات معهم، فهل هذه أخلاق الإسلام، كما حرم الإسلام الخلوة بالمرأة الأجنبية، فقد روى البخاريُّ ومسلمٌ عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه سمع النبي - - يقول:"لا يخلون رجلٌ بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم" وعند أحمد والترمذي والنسائي والحاكم بسندٍ صحيح أنه - - قال"ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما" ولا يخفى على كل أحد، ما عمَّت به البلوى من تساهل كثير من الناس في ذلك، لاسيما من ابتلوا باتخاذ الخدم والسائقين الذين نراهم يروحون ويغدون وينفردون بالأسر بدون محارم، ويدخلون قعر البيوت، وكأنَّ الأمر طَبَعِيٌّ سائغٌ لا شيء فيه، ومثله الخادمات اللاتي يخالطن ربَّ الأسرة وأبناءه من الشباب، وفي ذلك من الخطر العظيم ما لا يخفى على كل ذي غيرة، ومن التساهل الملاحظ مصافحة المرأة الأجنبية، وهو يحصل عند كثير من الناس بسبب الاختلاط،وهذا لا يجوز حتى لو كان المصافح ابن عمٍّ أو ابن خال، تقول عائشة – رضي الله عنها – "لا والله ما مست يد رسول الله - - يد امرأة قط" رواه البخاري في صحيحه، وقالت أميمة بنت رقيقة وصاحباتها – رضي الله عنهن – عند البيعة: ابسط يدك يا رسول الله نبايعك، قال لهن: إني لا أصافح النساء" وعند البيهقي والطبراني ورجاله ثقات " لأن يُطْعَنَ في رأس أحدكم بمخيطٍ من حديد خيرٌ له من أن يمس امرأةً لا تحل له".
أختي المسلمة .. يا فتاة الإسلام .. يا سلالة الأكرمين.. ويا حفيدة أمهات المؤمنين، إن بيتك لك حصنٌ حصين، وملجأٌ أمين، وظِلٌّ وارف، هو قوقعة الجوهرة، وصدفة اللؤلؤة، ومكنون الدرة، تزداد فيه نضارةً وبهاءً، وحسناً وضياءً، وحين تخرج منه يخبو نورها، ويتضاءل ضياؤها، ويذهب جلاؤها، اسمعي إلى قول الحق – تبارك وتعالى – {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}.
وإن الدعوة إلى اختلاط الجنسين، دعوةٌ آثمة يريد أصحابها تدمير أخلاق الأمة وقِيَمِهَا، تصوروا وضع مجتمعٍ مختلط، هائجٍ مائجٍ؛ نساؤه ورجاله في الشوارع والأزقة، والمدارس والدوائر والمؤسسات والشواطئ والمنتزهات، تصوروا المرأة الضعيفة وهي تعمل آلةً في مصنع أو في ميدان حرب، أو تحمل الأمتعةَ وتُعَقِّبُ في الدوائر، تصوروهن وقد أنهكهن العمل، وقد برزت مفاتنهن، أَوَليس هذا الموضع محزناً ومؤلماً لامرأةٍ صانها الإسلام وكرمها، وضَمِنَ لها الحقوق ؟!! هاهي المرأة الغربية، أما يكفي زاجراً ويكفي واعظاً وضع المرأة الغربية، هاهي تصيح وتنادي: ألا ما أحسن للمرأة من بيتها وزوجها وأولادها تربي وتبني وتنشئ الأجيال، بعدما عمَّت الإحصاءات وبلغت من الجرائم أرقاها وأعظمها، أرقامٌ مذهلة من جاء الاختلاط والتبرج، ولكننا نعجب كل العجب، حينما تطالعنا دعواتٌ آثمة بأقلامٍ مأجورة، لأناسٍ يعيشون بين ظهراني المسلمين، ومن بني جلدتهم ويتكلمون بلغتهم، يطالبون بالاختلاط بين الجنسين في مراحل التعليم، وتوظيف المرأة جنباً إلى جنبٍ مع الرجل، فماذا يريد هؤلاء؟ وإلى أي هدفٍ يقصدون ؟ ولربما اغترَّ بعضهم بثقافاتٍ وافدة، وأُعجب بمؤهل يحمله، وشهادة زورٍ يتصدر بها، ولكن ولله الحمد والمنة أن هذه الدعوات الآثمة لم تَعُد تلق القبول إلا من قلةٍ قليلةٍ لا اعتبار لها.
فيا أيتها المرأة المسلمة. عودي إلى الله، والتزمي شرع الله، لا تغتري ببريق الشعارات، وزائف الدعايات، ويا أيها الرجال أين القوامة والرعاية ؟!! والله - - يقول { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ } أين القيام بالأمانة والمسؤولية ؟!! ولا نبالغ حينما نقول: إن الاختلاط والتبرج الذي حلَّ بالمجتمعات سببه موت غيرة بعض الرجال، وبلادة إحساسهم، وسبات ضمائرهم، وإلا فهل يرضى صاحب العفة والغيرة والشرف والمروءة، أن تكون موليته لقمةً سائغة، ومائدةً مكشوفة، تلاحقها نظرات الناس، تلتفت لكل هامس، ولا ترد يد لامس، وقد قال - - "صنفان من أهل النار لم أرهما، قومٌ معهم سياطٌ كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ، مائلاتٌ مميلات، كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرةِ كذا وكذا". رواه مسلم في صحيحه، ألا فاتقوا الله عباد الله، وخذوا على أيدي سفهائكم، ولا تتساهلوا بما أوجب الله عليكم، فكلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته .
أسأل الله –تعالى- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، أن يهدي ضال المسلمين إلى الحق، وأن يحفظ مجتمعات المسلمين من أسباب الشر والفساد بمنه وكرمه، إنه جوادٌ كريم . أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
الحمد لله العظيم شأنه، العزيز سلطانه، الدائمُ بره واحسانه، نحمده تعالى ونشكره، وشكره دليل الصدق وعنوانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وعلى من سار على نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين ..
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله { وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} واعلموا أن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ - - وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعةٍ ضلالة.
عباد الله . يتمسك بعض المفتونين بالاختلاط بشبه هي أوهى من بيت العنكبوت، لكن قد يغتر بها بعض الجهال، ومن ذلك قولهم: إن الاختلاط موجودٌ في عصر النبوة، وكان الرجال والنساء يختلطون في المساجد ونحوها. والحق أن ليس في ذلك مستمسكاً لهم، فقد كان النساء يصلين مع رسول الله - - وهن بكامل حجابهن وحشمتهن وحيائهن، ثم قد كان - - يحث النساء على الصلاة في آخر الصفوف، يقول - - "خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها" رواه مسلمٌ وأهل السنن، كما حثَّ - - الرجال على المكث في المصلى حتى تخرج النساء حتى لا يختلطنَّ بالرجال . رواه البخار وغيره، وعند أبي داود أنه - - أمر النساء بلزوم حافات الطريق حتى لا يختلطن بالرجال، هذا الذي ينبغي للنساء حتى لا يفتنَّ أو يُفتنَّ.
ومما ينبغي التنبيه عليه أن المرأة إذا صلت في الحرم أو غيره من المساجد فعليها أن تلتزم الأدب الإسلامي، وأن ترعى حرمة هذه البقاع الطاهرة، حتى ترجع بالأجر والمثوبة، أما إذا تساهلت في حجابها، ونبذت الحياء والحشمة ووقعت في التبرج والزينة، يخشى أن تكون مأزورة غير مأجورة، ومما تنبغي ملاحظته ضرورة تربية البنات منذ الصغر على البعد عن الاختلاط بالرجال، حتى يتربين على العفة والفضيلة .
أيها الاخوة: ولما كان الناس يعيشون هذه الأيام فرصة إجازة نصف العام الدراسي، فإنه مما ينبغي التنبيه عليه حفظ الأوقات، وشغلها بطاعة الله والبعد عن المعاصي، وأن يلتزم الرجال والنساء، والبنات والأبناء، شرع الله في سترهم إقامتهم، وأن يحذروا من الأماكن الموبوءة، والبقاع المختلطة، ولقد سرنا وسر كل مسلم أن كثيراً من الناس يتوجهون إلى الحرمين الشريفين في هذه الإجازة في عمرةٍ وزيارة، وذلك من نعم الله - - وهو أمرٌ طيبٌ يُشَجَّعون عليه، لكن كم نود لو التزم الناس أكثر لاسيما النساء بآداب هذه البقعة المباركة، فإذا أتت المرأة إلى الحرم تأتي تفٍلةً متبذلة، لا متعطرةً ولا متبرجة، وإذا طافت لزمت الاتجاه الأيمن، بعيداً عن الاختلاط بالرجال، وإذا صلت ففي آخر الصفوف، ولا تزاحم عند الأبواب ولا غيرها، ويتأكد على أوليائهن أمرهن بذلك، وإلا فبيوتهن خير لهن .
ومن نعم الله على هذه البقاع المباركة، أن تميزت بمنهجها الإسلامي، فلا يسمح الاختلاط في مدارسها، وجامعاتها ومؤسساتها، وهذه نعمةٌ نسأل الله أن يوزعنا شكرها، وأن يثبتنا عليها، وأن يزيد هذه البلاد وبلاد المسلمين من الهدى والتوفيق بمنه وكرمه .
ألا وصلوا وسلموا رحمكم الله على الحبيب المصطفى، والنبي المجتبى، كما أمركم بذلك ربكم جل وعلا، فقال عز من قائل { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }
اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين، وتبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر الملاحدة وسائر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين . اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق إمامنا بتوفيقك، وأيده بتأييدك، اللهم وفقه لما تحب وترضى، اللهم ارزقه البطانة الصالحة، اللهم هيئ له في كل أموره رأياً سديداً، وعملاً رشيداً، يا حي يا قيوم اللهم اجمع به كلمة المسلمين على الحق والهدى يا ذا الجلال والإكرام، اللهم وفق جميع ولاة المسلمين للحكم بشريعتك، واتباع سنة نبيك - - ووفق علماءهم للدعوة إلى الله وبيان الحق يا أرحم الراحمين، ووفق ولاة أمورهم للتعاون مع علمائهم يا ذا الجلال والإكرام .
اللهم وفق المسلمين إلى ما تحبه وترضاه، اللهم اهدهم سبل السلام، وجنبهم الفواحش والفتن، ما ظهر منها وما بطن، اللهم ادفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا، والزلازل والمحن والتبرج وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن، اللهم وفق نساء المسلمين للالتزام بالحجاب والعفاف والحشمة، وقهنَّ شر التبرج والسفور يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء؛ أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً، على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنةً للقوم الظالمين.
اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم انصرهم في فلسطين على اليهود الغاصبين، وانصرهم في البوسنة والهرسك على الصرب الظالمين، وفي بلاد الشيشان على الملاحدة الشيوعيين، وفي كشمير على الظلمة الوثنيين، وفي كل مكان يا ذا الجلال والإكرام. ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
عباد الله : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
( خطبة للشيخ عبد الرحمن السديس )
يتبع ان شاء الله الموضوع متجدد
http://i59.tinypic.com/dwos8.jpg (http://www.jobs4ar.com/jobs/index.php)
خطب الجمعة نصوص و مواضيع جاهزة
يمكنك متابعة جميع المحاضرات الدينية الاسلامية من هنا
http://www.jobs4ar.com
محاضرات ودروس وندوات وخطب
مع تحيات منتديات تونيزيا كافيه
التربية الموسيقية - Education musicale
04-27-2015, 09:50 AM
موسوعة خطب مكتوبة للشيخ عبد الرحمن السديس - خطب الجمعة للشيخ عبد الرحمن السديس
http://oi57.tinypic.com/2r3wpkg.jpg
محاضرات | ودروس | وندوات | وخطب | محاضرات | دروس | خطب | علم | دروس دينية | إسلامية | كتابة نص موضوع خطبة جمعة | كيف تحضر خطبة الجمعة | نصائح | منهج في إعداد خطبة الجمعة | طريقة مختصرة تحضير خطبة الجمعة
موضوع : حرب الشائعات
خطبة حرب الشائعات
لفضيلة الشيخ : عبدالرحمن السديس
بتاريخ : 17- 8-1422هـ
إن الحمد لله، جلّ من رب وتعالى من إله، هو سبحانه رب كل شئ ومليكه ومولاه، وهو العلي الأعلى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عالم السر والنجوى, والمُؤمَّل لكشف كل بلوى، ورفع كل لأوى، سبحانه وبحمده، ليس في الكون رب سواه فيُدعى، وليس في الوجود إله غيره فيرجى، وليس في الملأ حَكم غيره فتُرفع إليه الشكوى، وأشهد أن نبينا وقدوتنا محمدًا عبد الله ورسوله، النبي المصطفى، والرسول المُجتبى، والحبيب المُرتَضَى، بلَّغ رسالة ربه فما ضل وما غوى، (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى)[النجم:3، 4]، صلى الله عليه وعلى آله أنوار الهدى، وصحبه مصابيح الدُّجى، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم واقتفى، وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فيا عباد الله، خير الوصايا وصيّة رب البرايا، (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ?لَّذِينَ أُوتُواْ ?لْكِتَـ?بَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّـ?كُمْ أَنِ ?تَّقُواْ ?للَّهَ)[النساء:131]، فاتقوا الله رحمكم الله، فبالتقوى العصمة من الفتن، والسلامة من المحن، يقول طلْق بن حبيب رحمه الله: "اتقوا الفتن بالتقوى".
أيها المسلمون، منذ أن خلق الله الخليقة وُجِد الصراع بين القوى، صراعٌ يستهدف أعماق الإنسانية، ويؤثر في كِيَان البشرية، وإذا كانت الحروب والأزمات والكوارث والنكبات تستهدف بأسلحتها الفتاكة الإنسان من حيث جسده وبناؤه، فإن هناك حرباً سافرة مستترة تتوالد على ضفاف الحوادث والملِمَّات، وتتكاثر زمن التقلبات والمتغيّرات، وهي أشدّ ضراوة وأقوى فتكا، لأنها تستهدف الإنسان من حيث عُمقُه وعطاؤه، وقيمُه ونماؤه، أتدرون -يا رعاكم الله- ما هي هذه الحرب القذرة؟! إنها حرب الشائعات.
الشائعات من أخطر الحروب المعنوية، والأوبئة النفسية، بل من أشد الأسلحة تدميراً، وأعظمها وقعاً وتأثيراً، وليس من المبالغة في شيء إذا عُدَّت ظاهرة اجتماعية عالمية، لها خطورتها البالغة على المجتمعات البشرية، وأنها جديرة بالتشخيص والعلاج، وحَرِيَّةٌ بالتصدي والاهتمام لاستئصالها والتحذير منها، والتكاتف للقضاء على أسبابها وبواعثها، حتى لا تقضي على الروح المعنوية في الأمة، التي هي عماد نجاح الأفراد، وأساس أمن واستقرار المجتمعات، وركيزة بناء أمجاد الشعوب والحضارات.
معاشر المسلمين، المستقرئ للتأريخ الإنساني يجد أن الشائعات وُجدت حيث وُجد الإنسان، بل إنها عاشت وتكاثرت في أحضان كل الحضارات، ومنذ فجر التأريخ والشائعة تمثّل مصدر قلقٍ في البناء الاجتماعي، والانتماء الحضاري لكل الشعوب والبيئات.
ولما جاء الإسلام اتخذ الموقف الحازم من الشائعات وأصحابها لِما لنشرها وبثها بين أفراد المجتمع من آثار سلبية، على تماسك المجتمع المسلم، وتلاحم أبنائه، وسلامة لُحْمته، والحفاظ على بيضته، بل لقد عدّ الإسلام ذلك سلوكا مرذولاً، منافيا للأخلاق النبيلة، والسجايا الكريمة، والمُثل العليا، التي جاءت بها وحثت عليها شريعتنا الغراء من الاجتماع والمحبة والمودّة والإخاء، والتعاون والتراحم والتعاطف والصفاء، وهل الشائعة إلا نسف لتلك القيم؟! ومعول هدم لهذه المُثُل؟!
كما حذر الإسلام من الغيبة والوقيعة في الأعراض، والكذب والبهتان والنميمة القالة بين الناس، وهل الشائعة إلا كذلك؟! وأمر بحفظ اللسان، وأبان خطورة الكلمة، وحرّم القذف والإفك، وتوعّد محبّي رواج الشائعات بالعذاب الأليم: (إِنَّ ?لَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ?لْفَـ?حِشَةُ فِى ?لَّذِينَ ءامَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى ?لدُّنْيَا وَ?لآخِرَةِ)[النور:19].
وحـث على التثبت والتبيّن في نقل الأخبـار، يقـول سبحانـه: (ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءامَنُواْ إِن جَاءكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيببُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَى? مَا فَعَلْتُمْ نَـ?دِمِينَ)[الحجرات:6]، قرأ حمـزة والكسـائي: (فتثبَّتوا).
وأخبر سبحانه أن الإنسان مسؤول أمام الله عز وجل ومحاسب عن كل صغير وجليل: (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)[ق:18]، (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ?لسَّمْعَ وَ?لْبَصَرَ وَ?لْفُؤَادَ كُلُّ أُولـ?ئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)[الإسراء:36].
والشائعات مبنيّة على سوء ظن بالمسلمين، والله عز وجل يقول: (ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءامَنُواْ ?جْتَنِبُواْ كَثِيراً مّنَ ?لظَّنّ إِنَّ بَعْضَ ?لظَّنّ إِثْمٌ)[الحجرات:12]، وقد أخرج الشيخان في صحيحيهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث))، كما نهى الإسلام أتباعه أن يطلقوا الكلام على عواهنه، ويُلغوا عقولهم عند كل شائعة، وتفكيرَهم عند كل ذائعة، أو ينساقوا وراء كل ناعق، ويُصدّقوا قول كل دَعيٍّ مارق، أخرج الإمام مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع))، وفي رواية: ((كفى بالمرء إثماً)).
وسدًّا للباب أمام الوشاة المغرضين، ونقلة الشائعات المتربّصين، ومنعاً لرواج الشائعة والبلاغات المجهولة الكيدية المغرضة، والأخبار الملفقة المكذوبة على البُرآء الغافلين، يقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري في الأدب المفرد عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها: ((ألا أخبركم بشراركم؟!)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((المشاؤون بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، الباغون للبُرآء العنت)).
إخوة العقيدة، إذا كان في دنيا النبات طُفيليات تلتفُّ حول النبتة الصالحة، لتفسد نموّها، فإن الشائعات ومروّجيها أشدُّ وأنكى، لما يقومون به من خلخلة البُنى التحتية للمجتمع، وتقويض أركانه، وتصديع بنيانه، فكم تجنّوا على أبرياء؟! وأشعلوا نار الفتنة بين الأصفياء؟! وكم نالوا من علماء وعظماء؟! وكم هدّمت الشائعة من وشائج؟! وتسبّبت في جرائم؟! وفككت من أواصر وعلاقات؟! وحطّمت من أمجاد وحضارات؟! وكم دمّرت من أسر وبيوتات؟! وأهلكت من حواضر ومجتمعات؟! بل لرُب شائعة أثارت فتنا وبلايا، وحروباً ورزايا، وأذكت نار حروب عالمية، وأججّت أوار معارك دولية، وإن الحرب أوّلها كلام، ورُب كلمة سوء ماتت في مهدمها، ورُب مقالة شرّ أشعلت فتنا، لأن حاقداً ضخّمها ونفخ فيها.
ومروّج الشائعة -يا عباد الله- لئيم الطبع، دنيء الهمة، مريض النفس، منحرف التفكير، صفيق الوجه، عديم المروءة، ضعيف الديانة، يتقاطر خِسَّة ودناءة، قد ترسّب الغلّ في أحشائه، فلا يستريح حتى يُزبد ويُرغي، ويفسد ويؤذي، فتانٌ فتاكٌ، ساعٍ في الأرض بالفساد، يجرّ الفتن للبلاد والعباد، إنه عضو مسموم، ذو تجاسر مذموم، وبذاء محموم، يسري سريان النار في الهشيم، يتلوّن كالحرباء، وينفث سمومه كالحية الرقطاء، ديدنه الإفساد والهمز، وسلوكه الشر واللمز، وعادته الخُبث والغمز، لا يفتأ إثارة وتشويشاً، ولا ينفك كذباً وتحريشاً، ولا يبرح تقوّلا وتهويشاً، فكم حصلت وحصلت من جِناية على المؤهلين الأكفياء بسبب شائعة دعيٍّ مأفون، ذي لسان شرير، وقلم أجير، في سوء نية، وخبث طوية، وهذا سرّ النزيف الدائم في جسد الأمة الإسلامية.
إخوة الإيمان، ومنذ فجر التأريخ والشائعات تُنشب مخالبها في جسد العالم كله، لا سيما في أهل الإسلام، يروّجها ضعاف النفوس والمغرضون من أعداء الديانة، ويتولى أعداء الإسلام عبر التأريخ -لاسيما اليهود قتلة الأنبياء ونقضة العهود- كبر الشائعات، بُغيةَ هدم صرح الدعوة الإسلامية، والنيل من أصحابها، والتشكيك فيها، ولم يسلم من شائعاتهم حتى الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه، فقد تعرّضوا لجملة من الافتراءات والأراجيف ضد رسالتهم، تظهر حينا، وتحت جُنح الظلام أحياناً،(فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ)[البقرة:87].
فهذا المسيح عليه السلام تُشكك الشائعات المغرضة فيه وفي أمة الصدِّيقة:(ي?أُخْتَ هَـ?رُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ?مْرَأَ سَوْء وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً)[مريم:28].
والكريم بن الكريم بن الكريم يوسف عليه السلام نموذج من نماذج الطهر والنقاء ضد الشائعات المغرضة التي تمس العرض والشرف، (كَذ?لِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ?لسُّوء وَ?لْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ?لْمُخْلَصِينَ)[يوسف:24].
والسيرة العطرة لرسول الهدى صلى الله عليه وسلم أنموذج يحمل في طيّاته نماذج حية لتأريخ الشائعة والموقف السليم منها، فقد رُميت دعوته المباركة بالشائعات منذ بزوغها، فرُمي بالسحر والجنون والكذب والكهانة، وتفنن الكفار والمنافقون الذين مردوا على النفاق في صُنع الأراجيف الكاذبة، والاتهامات الباطلة ضد دعوته صلى الله عليه وسلم ، ولعل من أشهرها قصة الإفك المبين، تلك الحادثة التي كشفت عن شناعة الشائعات، وهي تتناول بيت النبوة الطاهر، وتتعرّض لعرض أكرم الخلق على الله صلى الله عليه وسلم ، وعرض الصديق والصديقة وصفوان بن المعطل رضي الله عنهم أجمعين، وتشغل [تشمل] هذه الشائعة المسلمين بالمدينة شهراً كاملاً. والمجتمع الإسلامي يصطلي بنار تلك الفرية، ويتعذّب ضميره، وتعصره الشائعة الهوجاء عصراً، ولولا عناية الله لعصفت بالأخضر واليابس، حتى تدخّل الوحي ليضع حداً لتلك المأساة الفظيعة، ويرسم المنهج للمسلمين عبر العصور للموقف الواجب اتخاذه عند حلول الشائعات المغرضة، (لَّوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ ?لْمُؤْمِنُونَ وَ?لْمُؤْمِنَـ?تُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُواْ هَـ?ذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ)[النور:12]، إلى قوله سبحانه: (وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَـ?ذَا سُبْحَـ?نَكَ هَـ?ذَا بُهْتَـ?نٌ عَظِيمٌ يَعِظُكُمُ ?للَّهُ أَن تَعُودُواْ لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ)[النور:16، 17]، تقول عائشة رضي الله عنها: (فمكثت شهراً لا يرقأ لي دمعٌ ولا أكتحل بنوم)، حتى برّأها الله من فوق سبع سماوات، رضي الله عنها وأرضاها.
ومن ذلك -يا عباد الله- استغلال الكفار والمنافقين لحادث موت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين أخذوا يشنون الحرب النفسية ضد المسلمين عن طريق الشائعات المغرضة، زاعمين أن الإسلام قد انتهى ولن تقوم له قائمة، حتى أثّر ذلك على بعض الصحابة رضي الله عنهم، وظل الناس في اضطراب حتى هيّأ الله الصديق أبا بكر -رضي الله عنه- فحسم الموقف بتذكير الأمة بقول الحق تبارك وتعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ)[آل عمران:144].
أمة الإسلام، وتتطوّر الشائعات بتطور العصور، ويمثّل عصرنا الحاضر عصراً ذهبياً لرواج الشائعات المغرضة، وما ذاك إلا لتطوّر التِقانات، وكثرة وسائل الاتصالات، التي مثّلت العلم قرية كونية واحدة، فآلاف الوسائل الإعلامية، والقنوات الفضائية، والشبكات المعلوماتية تتولّى كِبرَ نشر الشائعات المغرضة، والحملات الإعلامية المحمومة، في صورة من أبشع صور الإرهاب النفسي والتحطيم المعنوي، له دوافعه المشينة، وأغراضه المشبوهة، ضد عقيدة الأمة ومُثلها، وثوابتها وقيمها.
إنها ألغام معنوية، وقنابل نفسية، ورصاصات طائشة، تصيب أصحابها في مقتل، وتفعل في غرضها ما لا يفعله العدوّ بمخابراته وطابوره الخامس، مركّزة على شائعات الخوف والمرض، وإثارة القلق والرعب والحروب، وزرع بذور الفتنة، وإثارة البلبلة بين الناس، لا سيما في أوقات الأزمات، يوافق ذلك فراغ عند المتلقي وفضول، وبطالة وخمول، فتسري الشائعة في الناس مسرى الهواء، وتهيج فيهم هيجان البحر المتلاطم، وتكمن خطورتها أنها سلاح جنوده مغفّلون أغرار، سحرتهم الشائعات ببريقها الخادع، فأصبحوا يرددونها كالبَّبغاوات دون أن يدركوا أنهم أدوات يُستخدمون لمصالح أعدائهم، وهم لا يشعرون.
وكم كان للشائعات آثارها السلبية على الرأي العام، وصُنّاع القرار في العالم، وكم كانت سببا في أن يصرف الأعداء جبهة الأمة الداخلية عن مشكلاتها الحقيقية لإغراقها في مشكلات مفتعلة، علاوة على تمزيق الوحدة الإسلامية، والعمل على تفتيت الجبهة الداخلية.
يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، الشائعات جريمة ضد أمن المجتمع، وصاحبها مجرم في حق دينه ومجتمعه وأمته، مثيرٌ للاضطراب والفوضى في الأمة، وقد يكون شراً من مروّج المخدرات، فكلاهما يستهدف الإنسان، لكن الاستهداف المعنوي أخطر وأعتى.
وإنك لتأسف أشد الأسف ممن يتلقى الشائعات المغرضة، وكأنها حقائق مُسلّمة، يجلس أحدهم الساعات الطوال أمام أجهزة الشبكات المعلوماتية بوجهها الكالح، وما يعرف بجهاز الإنترنت، عبر مواقعه المشبوهة فيُلطّخ سمعه وبصره من الشائعات الباطلة، وتلفيق التهم الصفيقة مما تجفل القلوب من مجرّد سماعه، وتتحرّج النفوس المؤمنة من مطالعته، فضلاً عن البوح به، وما درى مَن هم هؤلاء الجبناء، خفافيش الظلام، إنهم أدوات في أيدي من يُعرف باللوبي الصهيوني العالمي، ضد أمن الأمة ومجتمعاتها الإسلامية.
وإنه ليُخشى لمن أدمن النظر فيها أن يخسر دينه ودنياه وآخرته، وأن يلتبس عليه الحق بالباطل، فينحرف عن جادة الصواب والعياذ بالله، وهل يجوز لنا ويليق بنا -نحن أهل الإسلام- أن نتخلى عن شيء من ثوابتنا؟!أو أن تهتزَّ بعض قناعاتنا؟! أو أن نظن غير الحق بأحد من علمائها وفضلائنا بمجرّد وشاية كاذبة أو شائعة مغرضة؟! أين عقولنا وتفكيرنا؟! بل أين ديننا وإيماننا أن نتلقف كل شيء تحت شعار: قالوا وزعموا؟!.
يقول الإمام الذهبي رحمه الله: "ولو أن كلَّ عالم تركنا قوله بمجرّد خطأ وقع فيه، أو كلام الناس فيه، ما سلم معنا أحد، ونعوذ بالله من الهوى والفظاظة"، فالله المستعان.
عباد الله، ومن هنا تدركون -يا رعاكم الله- خطورة هذه الحرب ضد دين الأمة وأمنها ومجتمعها، مما يتطلب ضرورة التصدي لها، وأهمية مكافحتها، والتخطيط لاستئصال جرثومتها، حتى لا تقضي البقية الباقية من تماسك المجتمع، وتلاحم أفراده.
وواجب علماء الأمة ودعاتها، وطلاب العلم فيها وشبابها في ذلك كبير وعظيم، فإنهم مستهدفون، فعليهم أن يُدركوا أبعاد المؤامرة، وأن لا يكونوا ميداناً خصباً لتواجدها، وانتشارها بينهم، وأن يحرصوا على التثبت والتبيّن، وأن يحذروا مسالك التأويل والهوى، واتباع المتشابه، وأن يقفوا في الأحداث عن علم وبصيرة، ويكفّوا ببصر نافذ، ونظر ثاقب، وظنّ حسن، بعيداً عن إيغار الصدور، وبث الشائعات والشرور، معتصمين بالكتاب والسنة، متخذين من موقف السلف الأنموذج عند الفتن.
والأمة مطالبة كلٌ في مجاله للقضاء على هذه الظاهرة التي لها آثارها المدمرة ضد أمن الأمة واستقرار المجتمع، كما أن على البيت والمسجد والأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام دوراً كبيراً في المحافظة على سلامة المجتمع من شرورها وأخطارها، بدءاً بالوعي وتقوية الوازع الإيماني وتبيين الحقائق ونشرها، وعدم التساهل في نقل الكلام وبث الأنباء، لا سيما في أوقات الأزمات، وعدم التهويل والإثارة في التعليقات، والمبالغة في التحليلات المشبوهة، وإيجاد صيغة علمية وآلية عملية للحوار الحضاري، والموقف السليم في الأحداث والمتغيرات، واختلاف الظروف والمستجدات، بإخلاص وصدق وشفافية، دون تزييف أو التواء، رَفعاً من روح المعنوية، وبُعداً عن الخور والضعف والانهزامية، كما قال سبحانه:(?لَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ?لنَّاسُ إِنَّ ?لنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَ?خْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَـ?ناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ?للَّهُ وَنِعْمَ ?لْوَكِيلُ فَ?نْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مّنَ ?للَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوء وَ?تَّبَعُواْ رِضْو?نَ ?للَّهِ وَ?للَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ إِنَّمَا ذ?لِكُمُ ?لشَّيْطَـ?نُ يُخَوّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ)[آل عمران:173-175].
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه كان حليما غفوراً.
الخطبة الثانية:
الحمد لله مبدع الكائنات، وبارئ النسمات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جزيل العطايا والهبات، وواهب الخيرات والبركات، أمر بالصدق وحرّم الأكاذيب والشائعات، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله أفضل البريات، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أولي الفضل والمكرمات، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واعملوا أن دينكم الإسلامي الحنيف رسم المنهج الصحيح لمواجهة أخطار الشائعات قاصداً من ذلك بناء المجتمع المسلم المتماسك، فأقام الضمانات الواقية، والحصانات الكافية التي تحول دون معاول الهدم والتخريب، ومستنقعات الترويج والتأليب أن تتسلّل إليه أو تؤثر عليه في غفلة من أهل الوعي والصلاح، فتتناثر حبات عقده الناصع، وتتشتت لبنات بنائه المُحكَم، فلا يقوى على التصدي لعاتيات العواصف والفتن، وتلاطمات أمواج المحن، فيوشك أن تغرق سفينته، أو يتغير مسارها الصحيح، أو تحدث فيها الشروخ والخروق، فتُطوّح بها بعيداً عن شاطئ السلامة، وساحل النجاة.
أيها الإخوة الأحبة في الله، وإن من أولى الخُطوات في مواجهة حرب الشائعات تربية النفوس على الخوف من الله، والتثبت في الأمور، فالمسلم لا ينبغي أن يكون أذنا لكل ناعق، بل عليه التحقق والتبيّن، وطلب البراهين الواقعية، والأدلّة الموضوعية، والشواهد العملية، وبذلك يُسدّ الطريق أمام الأدعياء، الذين يعملون خلف الستور، ويلوكون بألسنتهم كل قول وزور، ضد كل مُصلح ومُحتسب وغيور.
ألا وإن من العدل والإنصاف استنكار تلك الحملات الإعلامية المغرضة، والشائعات والأراجيف الباطلة، ضد عقيدتنا وشريعتنا، وضد بلادنا الإسلامية والمسلمين الذين يشرفون بالانتساب إلى هذا الدين القويم، وإن الطعن في بلاد الإسلام وعلماء الإسلام، ليس المقصود منه أشخاصهم وأعيانهم، وإنما ما يحملون من عقيدة ومنهج، وإن الحملات المسعورة ضد بلاد الحرمين -أدام الله عزها، وحفظ لها أمنها وإيمانها- لن تهزّ بإذن الله من قناعاتها بثوابتها، ولن تكون سببا في التنازل عن شيء من عقيدتها ومواقفها، فلا مساومة على شيء من مُثُلنا وقيمنا، والسؤال المُلحّ: ماذا يريد المهاجمون لبلاد الحرمين حرسها الله؟ ومن يقف وراءهم؟ ولمصلحة من يهرفون بما لا يعرفون، ويهذون بما لا يدرون؟
ولن يضر البحر أمسى زاخرا أن رمى فيه غلام بحجر
ألا فلنتق الله عباد الله، ولنقم بواجبنا تجاه دين الله تعلماً وتعليماً وإصلاحاً ودعوة، فما أحوج العالم اليوم إلى فهم الصورة الحقيقية عن الإسلام والمسلمين، وما أحرى وسائل الإعلام العالمية المعاصرة في أن تسهم في تحقيق ذلك، ألا فلنكن صفاً واحداً أمام أعدائنا، ولنسر على منهجية صحيحة تحقق المصالح، وتدرأ المفاسد عن أمتنا ومجتمعاتنا بإذن الله، ولنتلاحم من ولاة أمرنا المسلمين، وعلمائنا الراسخين أمام طوفان الفتن، ولا نقبل فيهم قول الوشاة المغرضين، وما أشد حاجة الأمة، وقد ذرّت الفتن بقرنها، واستشرفت بزمامها إلى رُبان مهرة يقودون سفينتها إلى شاطئ السلامة والنجاة، فإنه إذا كثر الملاحون غرقت السفينة.
والله المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان بمنه وكرمه.
ألا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على النبي الأواب، كما أمركم بذلك المولى العزيز الوهاب فقال تعالى قولاً كريما:(إِنَّ ?للَّهَ وَمَلَـ?ئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ?لنَّبِىّ ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً)[الأحزاب:56].
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، من اليهود والمفسدين وسائر أعداء الدين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم عليك بهم عاجلا غير آجل، يا قوي يا عزيز. اللهم انصر إخواننا المسلمين المستضعفين في دينهم في كل مكان، اللهم انصرهم في فلسطين والشيشان وكشمير والأفغان، اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين. اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين. اللهم إنا نسألك اجعل لنا وللمسلمين من كل همٍ فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا ومن كل بلاءٍ عافية يا قوي يا عزيز.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان واليقين، وبلادنا بالخيرات والأمطار يا رب العالمين. اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين، وأيِّد بالحق إمامنا، وولي أمرنا، وارزقه البطانة الصالحة يا ذا الجلال والإكرام.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). [النحل:90]
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
يتبع ان شاء الله الموضوع متجدد
http://i59.tinypic.com/dwos8.jpg (http://www.jobs4ar.com/jobs/index.php)
خطب الجمعة نصوص و مواضيع جاهزة
يمكنك متابعة جميع المحاضرات الدينية الاسلامية من هنا
http://www.jobs4ar.com
محاضرات ودروس وندوات وخطب
مع تحيات منتديات تونيزيا كافيه
التربية الموسيقية - Education musicale
04-28-2015, 12:20 AM
موسوعة خطب مكتوبة للشيخ عبد الرحمن السديس - خطب الجمعة للشيخ عبد الرحمن السديس
http://oi57.tinypic.com/2r3wpkg.jpg
محاضرات | ودروس | وندوات | وخطب | محاضرات | دروس | خطب | علم | دروس دينية | إسلامية | كتابة نص موضوع خطبة جمعة | كيف تحضر خطبة الجمعة | نصائح | منهج في إعداد خطبة الجمعة | طريقة مختصرة تحضير خطبة الجمعة
موضوع خطبة الجمعة : أسس المنهج الحق
أسس المنهج الحق
إن المسلم في هذه الحياة بحاجة ماسة؛ ليعرف أسس المنهج الذي يسير عليه في عبادته ومعاملاته وأخلاقه وسلوكه؛ ليسير بخطىً ثابتة متوازنة على نهج واضح من الكتاب، ودليل ساطع من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، خاصة في هذا العصر الذي طغت فيه الرزايا والبلايا والفتن والمحن، ولبس لباس الإسلام كل مكار خبيث.
أهمية معرفة المنهج الحق
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، المبعوث بخير شريعة وأقوم سبيل، اللهم صلِّ على نبينا وحبيبنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً. أما بعــد:
أيها المسلمون! اتقوا الله -تبارك وتعالى- ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
عباد الله! يحتاج المسلم في هذه الحياة -حاجة ملحة- أن يعرف أسس المنهج القويم، وقواعد الصراط المستقيم الذي أمرنا الله سبحانه باتباعه وسلوكه، بقوله جلَّ وعلا: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [الأنعام:153] ليسير بخطىً ثابتة متوازنة على نهج واضح من كتاب الله، ودليل ساطعٍ من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمل سلف هذه الأمة رحمهم الله، أهل القرون الثلاثة التي شهد لها المصطفى صلى الله عليه وسلم بالخيرية، قبل تفشي العقائد الفاسدة، وانتشار الفرق الضالة المخالفة للكتاب والسنة.
وتأتي أهمية معرفة المنهج الحق، وضرورة العلم بالصراط القويم في هذا الزمن، الذي طغت فيه موجات الفتن والمحن، واستحكمت فيه الفرقة والخلاف، وتكَّتل فيه أعداء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتداعوا على الأمة الإسلامية؛ فتمزق كيانها الكبير، وتفتت العالم الإسلامي أجزاءً ودولاً، وتفرَّق شيعاً ومللاً، واختلف مذاهباً ونحلاً، وتباين غايات وسُبلاً، وفسدت العقائد وانهارت الأخلاق، وتدهورت القيم، وسادت الأهواء، وفقدت الشعوب وحدتها، وبلاد الإسلام أمنها وطمأنينتها، لبس لبوس الإسلام من هم أعداؤه وأنواؤه، تسمى بالإسلام من هو حربٌ عليه وعلى أهله. أفلا يجدر بعد أن سقطت الأقنعة، وفتحت الأستار، وتكشفت الحقائق، أن يعي المسلمون حقيقة إسلامهم، ويعرفوا أعماقه، ويسبروا أغواره، ويتفهموا أبعاده، عقيدة وعبادة وسلوكاً ومنهاج حياة؟!
يا أمة الإسلام! آن الأوان، وحان الوقت والزمان، أن يسير المسلمون على بصيرة وعلم في أمر دينهم بعد أن ساد الجهل، واستحكم العلم، وانطلت على السذج من الناس والدهماء من الأمة الشعارات البراقة التي يرفعها من اتخذ الإسلام مطية لأغراضه المشبوهة، وسلماً للوصول إلى أهدافه المغرضة، وصدق الله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ [البقرة:8-9].
عظم نعمة الإسلام على العباد
أمة الإسلام! ما أنعم الله على عباده من نعمة هي أجلَّ وأعظم من نعمة الإسلام، ولا يتصور قدر هذه النعمة إلا من عرف ما جرَّته الجاهليات على الأمم والشعوب.ما هي الأحوال قبل أن تشرق على الدنيا أنوار دعوة الإسلام؟وما هي الأوضاع بعد أن انحسرت عن كثيرٍ من البقاع معالم الإسلام؟! وماذا حدث بعد أن أُبعِدَ الإسلام عن الساحة، وطمست كثيرٌ من أنواره، ومحيت كثيرٌ من معالمه، وخلا الميدان من كثيرٍ من جوانبه؟ ماذا جرت الانحرافات العقدية والمنهجية والأخلاقية على الأمة الإسلامية، وأثرت في مسيرتها نحو التقدم والخير والسلام؟ماذا قدَّم المسلمون يوم أن اكتفوا من الإسلام باسمه، ورضوا -جهلاً وسطحية- كل من ادَّعى الانتساب إليه، والتستر تحت لوائه، وغلبت الكثرة والكمية على الحقيقة والكيفية، وأصبح المسلمون غثاءً كغثاء السيل، يكتنفهم الضعف والذل، ويسودهم الخلاف والشقاق، وتلعب بهم شرذمة قليلة من أعدائهم، فتقتطع من قلب العالم الإسلامي أرضاً من أقدس الأماكن؛ لتنشأ فيها دولة إخوان القردة والخنازير عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة، فضلاً عن الحروب الضارية التي يشنها الأعداء بين الفينة والأخرى على بلاد المسلمين، ناهيك عن الغزو الفكري والأخلاقي الذي يضرب أصلابه في بقاع العالم بأسره؟!ما الذي جرَّ هذه المصائب؟وما الذي سبب هذه الأزمات والمشكلات؟ ما المخرج وما الاتجاه وما المصير؟ إنه الإسلام الحق ولا طريق غيره، ولكنه الإسلام الصحيح، إنه إسلام العقيدة والتوحيد الخالص لله رب العالمين، إسلام العبادة لتكون صواباً على نهج المصطفى الأمين صلى الله عليه وسلم، والانقياد الكامل لله وحده، إسلام العقيدة والعبادة، والأخلاق والأحكام، والعلم والعمل، والدعوة والجهاد.الإسلام أن يستسلم العباد كلياً لله في ذوات أنفسهم، في الصغير والكبير، في الجليل والقليل؛ بحيث لا تبقى بعد ذلك بقية ناشزة من تصورٍ أو نية، أو شعورٍ أو عمل، أو خوفٍ أو رجاء، أو رغبة أو رهبة، لا تخضع لله ولا ترضى لحكمه وقضائه.إنه الإسلام الذي جاء به الكتاب والسنة، والتزمه السلف الصالح وكفى، ليس إسلام الشعارات البراقة، والأبواق المزيفة، والدعاوى الباطلة. عباد الله! إن الإسلام الحق، ليس همهمة بالأدعية، وطقطقة بالمسابح، وتمتمةً بالتعاويذ، ليس إسلام المناسبات والتظاهرات، والزوايا والموشحات والمظاهر والشكليات، ليس إسلام الهيام والمآتم وتعليق الحروز والتمائم، والاهتمام بالأشكال وتكوير العمائم، ليس اتكالاً على أن تمطر السماء على الأرض صلاحاً وخيراً وسلاماً وعدلاً فحسب.إن الإسلام عقيدة صحيحة، وعبادة سليمة، دعوة وجهاد، ومنهاج عدلٍ وقوة وأمن وسلام، لا قتل ولا إرهاب، ولا ظلم ولا استبداد.
لا نصر إلا بالإسلام الحق
أمة الإسلام! ما أُتي المسلمون -اليوم- من قلة العدد ولا من ندرة العُدد، إنما أتوا من قِبَلَ سوء فهمهم لدينهم، وإيثارهم التحلي به، والتسمي باسمه، دون بصيرة فيه، وعملٍ بشعائره وجوهره، وتطبيق لكل شيء فيه، فأين الإسلام ممن كذَّب بكتاب الله، واستهزأ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وأين الإسلام ممن حاد الله سبحانه، فجعل له أنداداً وشركاء ووسائط وشفعاء؟ وأين الإسلام ممن استخف بعقيدته وشعائره، فلا بتوحيدٍ صحيح يعمل، ولا بصلاة وزكاة يقوم، ولا بعملٍ صالح يتقرب إلى الله؟ أين الإسلام من أدعيائه والمنتسبين إليه، وهم وبال عليه، وفجاً في طريقه؟!أصبح الإسلام -ويا للأسف- مطية لكل ناعق، ووسيلة لكل مارق، ووالله ما هكذا تورد الإبل.أيها المسلمون! إنه ما من مسلم يستشعر قلبه روح الإسلام يمكن أن يعمل عملاً -ولو قليلاً- يخالف شريعة ربه، فكيف جاز لمن يدَّعي الإسلام زوراً وبهتاناً أن يرتكب كل جريمة ويقترف كل عظيمة بالجسم الإسلامي؟!الإسلام أعلى وأجل، وأشرف وأكرم أن يوصم بمثل هذه المشينة. أمة الإسلام! لابد أن تستيقنوا أنه لا سعادة للبشر ولا عزة لهم ولا نصر إلا بالإسلام الحق، إسلام العقيدة والعبادة والعمل، لا خير إلا بترسم خطى المصطفى صلى الله عليه وسلم، والسير على ما سارت عليه القرون المفضلة.وإني أدعو من هذا المكان المبارك إلى ضرورة الفحص الدقيق في أعمال وسلوك كل من ادَّعى الإسلام؛ لكي لا يُؤخذ المسلمون على غِرة، فالمؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين، فأعداء عقيدتكم -يا عباد الله- وإن تسموا باسم الإسلام، لن يهدأ لهم بال، ولن يقر لهم قرار، حتى يحققوا مآربهم، لا بلَّغهم الله ذلك.
دعوة إلى تطبيق شريعة الإسلام
فيا قادة المسلمين! ويا زعماء الإسلام! لا بد من الجد في تطبيق شريعة الإسلام؛ لتتحقق السعادة والأمن والصلاح للبلاد والعباد. ويا علماء الأمة! اتقوا الله -سبحانه- وجدوا في تعليم المسلمين حقيقة إسلامهم؛ حتى لا تنطلي الأفكار الهدامة ومناهج الفرق الضالة عليهم، وحتى يعرفوا عن كثب المجاهرين والمتسللين. ويا دعاة الإسلام! لا بد من الدعوة للإسلام الحق، والتمييز الدقيق والسير الرشيد على نهج الكتاب والسنة واتباع سلف هذه الأمة. ويا شباب الإسلام! ويا حملة الأقلام! ويا أيها المسئولون عن وسائل التربية والتعليم ووسائل الإعلام! إن المسئولية عظيمة، لا يسع المسلم التنصل منها أو الخروج عنها، فلا بد من رسم المناهج وإعداد الخطط؛ ليتخرج الأجيال مسلمين حقاً، ومؤمنين صدقاً، مسلحين بالعقيدة والإيمان، فلا بد من إبعاد كل ما يُنافى روح الإسلام وحقيقته وأخلاقه. إسلامكم -يا عباد الله- يستصرخكم... إسلامكم -يا أمة الإسلام- يناديكم! فكونوا خير من يذود عنه، وإلا فقد قال الله سبحانه: وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد:38]أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ [البقرة:168].
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
مسئولية حمل راية الإسلام
الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، لقد جاءت رسل ربنا بالحق، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه. أما بعــد: فاتقوا الله عباد الله! واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. عباد الله! إن مسئولية حمل راية الإسلام -الحق- تقع على عاتق كل من تشَّرف بالانتساب إلى هذا الدين، وإنها -والله- لأمانة عظمى تنوء بحملها الهمم، ولكن الله سبحانه بتأييده وتوفيقه لعباده ييسر لهم القيام بها، فلا بد من الصدق مع الله في حمل رسالة الإسلام، وإنه وإن كثر الحديث عن الإسلام، وبدأ طلائع الصحوة الإسلامية، فإنه لا بد من التوجه السليم، والسير الصحيح على الإسلام الحق، دون تضليل ولا تزييف، ودون إفراطٍ ولا تفريط، ودون غلوٍ ولا تساهل. وإنه لمن ما يؤسف له، أن كثيراً من المنتسبين إلى الإسلام قد ترك العمل به، والانتصار له، والدعوة إليه، فعاش أكثرهم على هامش الحياة، ورضي بالمال والدنيا، رضي بالطعام والشراب، وأصبح من مسلمة الدار، لا يقدم ولا يضحي، ولا يتحرك في سبيل دينه؛ مما جعل الأعداء يجدون في نشر باطلهم في غفلة من المسلمين. (http://www.tunisia-cafe.com/vb/index.php)
فاتقوا الله يا عباد الله! واعلموا أن الله سائلكم عن هذا الدين، حفظتم أم ضيعتم، وليكن لكم في رسولكم أسوة وقدوة، فلقد كانت حياته كلها في سبيل نشر الإسلام، ألا فاقتدوا به، وعضوا على سنته صلى الله عليه وسلم بالنواجذ. وأكثروا من الصلاة والسلام عليه، فقد أمركم الله بذلك بقوله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].للهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا.اللهم وفقهم للهدى، واجعل عملهم في رضاك، وهيئ لهم البطانة الصالحة.اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد، يُعز فيه أهل طاعتك، ويُذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر.اللهم أظهر الهدى ودين الحق الذي بعثت به نبيك محمد صلى الله عليه وسلم على الدين كله ولو كره المشركون.رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
يتبع ان شاء الله الموضوع متجدد
http://i59.tinypic.com/dwos8.jpg (http://www.jobs4ar.com/jobs/index.php)
خطب الجمعة نصوص و مواضيع جاهزة
يمكنك متابعة جميع المحاضرات الدينية الاسلامية من هنا
http://www.jobs4ar.com
محاضرات ودروس وندوات وخطب
khotab al jomo3a diniya - khotab jomoaa Maktouba
موسوعة خطب جمعة مكتوبة مواضيع جاهزة تحضير نص خطبة بحث ديني اسلامي بحوث جاهزة دليل مكتبة الخطب الدينية
مع تحيات منتديات تونيزيا كافيه
Powered by vBulletin
Copyright © 2024