sisko education
08-05-2012, 04:46 PM
قانون حركة النهضة للمقدسات في ميزان القرآن
http://img442.imageshack.us/img442/615/40621251138670887809411.jpg
يستعد نواب حركة النهضة لتقديم مشروع قانون يجرم الاعتداء على المقدسات!
ففي سابقة قانونية حرصت النهضة على اظهارها انتصارا لضمير الشعب التونسي المسلم، وبعيدا عن سوء الظن السياسي والبحث وراء الدوافع الحقيقية لهذه الخطوة الاستعراضية… فاننا سنحاول تتبع الخطوة داخل منظومة المقدسات نفسها… وسنتسائل عن شرعية هذه الخطوة ومدى مطابقتها للكتاب والسنة… وسنطرح ادلة، نرجو ان تجيبنا عليها كتلة النهضة… فالمسالة اخطر من انها شعار سياسي… بل هي اصول ومقاصد…
وكي لا نظلم مسودتهم يحسن بنا ان نذكرها كما وردت علينا في جريدة الشروق
المسودة تقول:
تغيير العنوان للقسم الثالث عشر من الباب الرابع من الكتاب الثاني للمجلة الجزائية
من «في التعرض لممارسة الشعائر الدينية» الى « في التعرض لممارسة الشعائر الدينية والمس بالمقدسات»
فيكون المقترح كالتالي:
في التعرض لممارسة الشعائر الدينية والمس بالمقدسات
فصل ثان:
يضاف الفصل 165 مكرر إلى أحكام القسم الثالث عشر من الباب الرابع من الكتاب الثاني من المجلة الجزائية ويتضمن الأحكام التالية:الفصل 165 مكرر:
يعاقب بالسجن مدة سنتين وبخطية قدرها ألفا دينار (2000 د) كل من يمس بالمقدسات.ويقصد بالمقدسات الله سبحانه وتعالى ورسله وكُتبه وسنة رسوله الخاتم والكعبة المشرفة والمساجد والكنائس والبيع.ويكون المس بالسب أو الشتم أو السخرية أو الاستهزاء أو الاستنقاص أو تدنيس المقدسات ماديا أو معنويا سواء كان ذلك المس بالكلمة أو بالصورة أو بالفعل، كما يكون المس بتصوير أو تشخيص الذات الإلهية ورسل الله. ويضاعف العقاب في صورة العودة.
سنعتمد خلال هذه الاسطر على مقولة ثابتة تعترف بها النهضة وتجعلها تعريفا لها:
النهضة حزب سياسي بمرجعية اسلامية
فالحركة تعتمد في تصوراتها على المرجعية الاسلامية، ويعلم الجميع ان المرجعية الاسلامية تقتضي بالضرورة الاعتماد على القرآن والسنة… والمتعارف عليه ان المحكم من الكتاب لا اجتهاد فيه…
و حركة النهضة تقول انها تتساوق مع هذين المرجعين في كل افكارها ومقترحاتها لتسيير الدولة،
فالى اي حد تساوقت كتلة النهضة مع القرآن في هذا المقترح؟
حسب تعريف المقترح التعديلي للمقدسات فانها : الله سبحانه وتعالى والرسل والكتب السماوية وسنة رسوله الخاتم… الكعبة الشريفة والمساجد والكنائس والبيع…
وحسب الترتيب، فاننا لن نهتم بالمباني، لان المتعارف عليه في كل البلدان أن المباني بدون استثناء يجرم الاعتداء عليها… فهذا لا يحتاج لتنصيص والاعتداء عليها لا يكون الا ماديا، بالتالي هي مثل كل العقارات الاصل فيها محمية بالقوانين المنظمة لحماية الاملاك… ونعتقد انها من حشو الفصل الذي جيئ به لتنميق تعددية الاديان…بعبارة اخرى "كلام فاضي"…
لكن سنركز على المقدسات الاخرى… الرمزية: الله سبحانه وتعالى، الكتب السماوية، الرسل وسنة الرسول الخاتم(فهل مثلا يدخل في المقدسات كتب الحديث؟؟؟ وماهي ؟ كلها ام بعضها؟؟؟ هذا حسب المقترح متروك لاجتهاد القضاء)
ماذا قال القرآن في الاستهزاء والخوض في آيات الله؟
قال تعالى في سورة الانعام:" وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين" الاية رقم 68
هذه الاية الكريمة نزلت بمكة المكرمة، والظاهر انها تعم المسلمين ايضا في الحكم، وان كان البعض قالوا انها تخص النبي صلى الله عليه وسلم… وفيها حكم واضح من الذين يخوضون في آيات الله سبحانه.
والخوض هو خلط الامور ، و"معنى يخوضون في آياتنا يتكلمون فيها بالباطل والاستهزاء ".(تفسير التحرير والتنوير)
نستشف من هذه الآية حكما واضحا وجليا بالاعراض عن الذين يستهزؤون ويتكلفون الباطل على آيات الله سبحانه وتعالى. وهي أية محكمة لم تنسخ ابدا… وسنرى الدليل على ذلك من القرآن.
فقد وردت في كتاب الله آية اخرى ترفدها وتقرها. قال تعالى في سورة النساء : " وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا" الاية رقم 140
هذه السورة كما يعرف الجميع مدنية، واغلب الآراء على انها نزلت بعد غزوة الاحزاب، اي في السنة الخامسة هجرية… اي بعد ان طرد يهود بني قينقاع من ضواحي المدينة لاعتدائهم على مسلمةو استمرائهم الفتن و عدم ايفائهم بعهودهم، وبعد ان شرد يهود بني قريضة من ضواحي المدينة بعد خيانتهم الجماعية لظهر المدينة خلال غزوة الاحزاب… وبعد ان رد الله الاحزاب عن المدينة… فالمسلمون لم يكونوا يومها في ضعف ولا استكانة…
ولننظر ما تقول هذه الآية الكريمة وما الاحكام التي حوتها؟
الاية تبدا بفعل ماض مبني للمجهول، اي انها تذكر بحكم سابق نزل في كتاب الله الكريم، وقد اجمع المفسرون انها تذكر بأية وردت في سورة الانعام المكية، التي ذكرناها في اول الحديث… فهي تعضدها وتؤكدها وتؤكد الحكم الذي جاء في الاولى.
ناتي الآن الى مضمون الحكم. الاية تقول لنا في وضوح انه اذا سمعنا آيات الله يكفر بها ويستهزا بها او الاثنان معا ان لا نقعد مع من ياتي ذلك الفعل مادام على حاله تلك… فان توقف عن السب والشتم والاستهزاء والكفر فهذا الحكم لا يتعدى الى حال آخر…
فهل نقتلهم يا الله؟
الجواب نبتعد عنهم
فهل نسجنهم يا الله؟
الجواب لا نقعد معهم حتى(وحتى تفيد الغاية) يخوضوا في حديث غيره
فهل نغرمهم يا الله؟
الجواب: لا نقعد معهم حتى يخوضوا في حديث غيره
قد يعترض معترض ان هذا يشمل فقط الحديث!!! وفيه النهي عن السماع!!!
وليس حجة على المشرع، لانه ينهى المسلم عن البقاء مع المستهزئين!!! حسنا من يعترض بهذا فليأتي بدليل واحد ان رسول الله فعل شيئا لهؤلاء المستهزئين...
قلنا من البداية ان الأية لا تنسخ ما سبقها بل تؤكده وتعضده. فالملاحظ ان الآية المكية تحدثت عن الرؤية" واذا رايت الذين يخوضون…" الآية. فهنا ورد لفظ راى، وهو يشمل الابصار بالعين والنظر و الاستنباط بالعقل والاحساس بالقلب… فلما جاءت الآية المدنية الحقت السمع وبنت على الحكم الاول … فسبحان الله العليم الحكيم… جمعت الآيتان كل وسائل الاتصال المعروفة لدى الانسان: السمعي والبصري والنظري… اي بعبارة اخرى شملت هاتان الآيتان الكتابة والصورة والحديث وهو ما نعبر عنه اليوم بوسائل الاعلام بصفة عامة حديثها وقديمها…
وقديما لم يكن ممكنا الاعراض عن المستهزئين والكفرة و المنافقين حين خوضهم في آيات الله الا بمفارقتهم والابتعاد على مجالسهم ماظلوا على ما هم عليه… الآن وبتطور وسائل الاعلام، صار ممكنا الاعراض عن كل هذا بضغطة زر آلة تحكم في تلفاز ، او تغيير موجة مذياع او عدم شراء صحيفة تستهزا بآيات الله، او مقاطعة فيلم نرى فيه استهزاء او مسا بآيات الله…
هناك آيات اخرى تعضد هذا الحكم المحكم في كتاب الله، ومنها ما ورد في سورة التوبة: " قل أبالله و آياته و رسوله كنتم تستهزئون .. لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم" الآية 65
هذه الأية واضحة وصريحة ان بعض المنافقين (وهي صفة لمن يظهر الاسلام وهو في الحقيقة لا يؤمن به) في آخر غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، كانوا يستهزؤون بالله، نعم بالله، وآياته، ورسوله… وقد شهد عليهم القرآن بالكفر البواح، وهذا حكم من استهزا بالله و آياته و رسوله…
لكن لنعد سويا ونبحث في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هل جلدهم؟ لا ، هل سجنهم؟ لا، هل قتلهم؟ لا، هل كان رسول الله غير قادر عليهم؟ لا، بل كان من السهل تصفيتهم جميعا في مكان واحد…
فلماذا يا ربي لم يفعل كل ذلك بمن يستهزا بالله ورسوله وآياته؟؟؟
وقد يعترض معترض مستدلا بحادثة الافك، حيث جلد فيها كل المتورطين… والواقع ان هذا لا يدخل في قضية الحال… فاعراض الناس مكفولة في كل الدساتير، وقوانيننا ايضا فيها عقوبات ثلب المواطنين وقذف اعراضهم… هذا لا خلاف حوله، سيان كان المعتدي شخصا او جهة او وسيلة اعلام...
و حرية الكفار والمنافقين في التعبير عن كفرهم بالله والكتاب والرسل ، بل واصرار القرآن على عدم معاقبتهم جنائيا جريرة كل ذلك، تظهر في كل القرآن، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كلها تتكاتف من اجل مقصد واحد، هو حرية الانسان في الكفر و الايمان، والتعبير عن ذلك…وان السلطة مهما آمنت وترهبنت ، لا يجب ان تفتك من الانسان حريته الفكرية في هذه الدنيا… وحرية تعبيره...
ولو كان الاسلام يريد من الناس ان يحملوا على قهر السلطة وينزلوا على احكامها، لسمح لنبيه ان يعاقب المستهزئين ويسجنهم او يقتلهم.. لم يحدث شيء من ذلك، لان الله اراد من رسوله الكريم ان ينشئ دولة مدنية، تصان فيها حريات المخالفين… ليس من قلة وضعف المسلمين، ولكن لان الله اراد من الانسان الميزان، فلا يكون دينه اول من يخسره…
والحقيقة ان كل من تتبع القرآن سيلاحظ انه يتناسق كله ولا يتناقض… فالحرية مبدا رئيسي يتناسق مع مطلب العدل الالهي و يتناسق مع الحساب يوم القيامة…
وربما يغفل الكثير عن ان الله سبحانه وتعالى، وكتبه ورسله كلهم رموز شرعية وليست استحقاقات كونية… بمعنى ان الكتب منزلة لمن اراد ان يتبعها، وشخوص الانبياء بعثوا لمن اراد ان يتبعهم، والله خلقنا لامكانية الكفر او الايمان… ولم يحملنا كما لم يحمل الشيطان على الايمان به… ان هو الا خيارنا، نؤمن او نشقى… ولو كان الانسان لا يستطيع ان يعيش بدون رسالة ولا نبي ولا عبادة، لحمله الله كرها وغريزة على كل ذلك… كيف لا وقد قال ربنا : "ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" سورة يونس الاية 99
اما من عصى وآثر الحياة الدنيا، فمصيره في الآخرة واضح ومقامه عند ربه، النار مثوى المتكبرين والمستهزئين… ولا يظلم ربك احدا… الحرية في الدنيا، مقابل الحساب في الآخرة…وقد جاء القرآن والرسل لتبيان ذلك للناس وتحذيرهم من وعيده وشديد عذابه لكل عصاته… على قاعدة "فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى" سورة طه من الاية 120الى الاية 124
فالعتاب يوم القيامة مردود على صاحبه، لانه ببساطة اختار طائعا غير مكره موقعه من آيات ربه… وعاش في الدنيا كما شاء حرا، بل وكان بامكانه احترام الآيات او حتى الاستهزاء بها… فاليوم يتحمل وزر اختياراته وافعاله… فهذا كله يتناسق مع مبدا حرية المعتقد والتعبير عنه...
ولنعد الان الى كتلة حركة النهضة، ونتساءل: هل حقا تحتكمون الى الله ورسوله في مرجعيتكم؟
ام الى حسابات انتخابية واتّباع لعموم الناس وان جانبوا الحق والشرع؟؟؟
نعم القرآن يدافع عن حرية الكفار والمنافقين، لان الاسلام لم ينزل للاكراه، بل جاء لضمان المدنية وحرية الراي والتعبير… وقرانا كتاب ربنا فلم نجد فيه الا عكس ما تنوون سنه من قوانين ستجعلنا فضيحة...
وستعيدنا الى مربع استبداد وقهر وتكميم للافواه… فلا خير في حرية تبيح لكم ان تنتقدوا افكار الناس ونظرياتهم و تمارسون هواية الدعاء عليهم صباحا مساء في المساجد والمحاضرات… وتحرمون عليهم ان يقولوا رأيهم في ما تؤمنون به وما ترجعون اليه… هذا طبعا ان رجعتم اليه… فهذا المقترح القمعي دليل على مخالفتكم الكتاب والسنة...
ولسنا هنا في وارد تشجيع الملاحدة و المخالفين على ممارسة امراض الاستفزاز و السباب و الاقذاع في حق الآخرين… بل نرى كل ذلك من الامراض النفسية…
غير انا متيقنون كذلك ان 80 % من شطحات المستهزئين هي في الحقيقة تحد لعنجهية "المؤمنين" وتسلطهم على حرياتهم… فحيث ما عمت الحرية، ذهب الناس الى السلم والحياة، وابتعدوا عن الغلو في الافكار مهما كانت… بل ورغبوا طوعا في الاحترام المتبادل… والابتعاد عن الاستفزاز الرخيص ومحاولات اثارة العداوة والبغضاء… فالحياة اجل من ان تمر في التناحر والتدابر و الشحناء…
ففي الدولة المدنية المسالمة، الناس يرغبون في الحياة لا الموت… ويحرصون على تدبر الجمال والمحبة بدلا من التدافع حول ايديلوجيات عمياء، وانساق فكرية تنضح حقدا وكراهية… للاسف هنا في بلدنا الحبيب، يوجد كثير من العنف الباطني… يسكن الغالبية… والشيء الوحيد المفقود… هو الميزان…
فان كنا نطمح فعلا في بناء دولة عادلة، فنحن مدعوون جميعا وبقوة لمراجعة امراض التسلط والقهر التي تسكننا ، وان نبعد وسائل الاعلام والاتصال عن سيوف الحجاج و نطع هارون الرشيد… مللنا حقا الدماء و المظالم. (http://www.tunisia-cafe.com/vb/index.php)
فمن لم يقتنع بماجاء من ادلة ، فليطلع لنا قرنه، وليجلي الامر من القرآن، فانا والله لا نُنطح الا به، و لا نخضع لسواه… او سنة صحيحة لرسول الله لا تتعارض مع محكم القرآن… فما كان الله
http://img442.imageshack.us/img442/615/40621251138670887809411.jpg
يستعد نواب حركة النهضة لتقديم مشروع قانون يجرم الاعتداء على المقدسات!
ففي سابقة قانونية حرصت النهضة على اظهارها انتصارا لضمير الشعب التونسي المسلم، وبعيدا عن سوء الظن السياسي والبحث وراء الدوافع الحقيقية لهذه الخطوة الاستعراضية… فاننا سنحاول تتبع الخطوة داخل منظومة المقدسات نفسها… وسنتسائل عن شرعية هذه الخطوة ومدى مطابقتها للكتاب والسنة… وسنطرح ادلة، نرجو ان تجيبنا عليها كتلة النهضة… فالمسالة اخطر من انها شعار سياسي… بل هي اصول ومقاصد…
وكي لا نظلم مسودتهم يحسن بنا ان نذكرها كما وردت علينا في جريدة الشروق
المسودة تقول:
تغيير العنوان للقسم الثالث عشر من الباب الرابع من الكتاب الثاني للمجلة الجزائية
من «في التعرض لممارسة الشعائر الدينية» الى « في التعرض لممارسة الشعائر الدينية والمس بالمقدسات»
فيكون المقترح كالتالي:
في التعرض لممارسة الشعائر الدينية والمس بالمقدسات
فصل ثان:
يضاف الفصل 165 مكرر إلى أحكام القسم الثالث عشر من الباب الرابع من الكتاب الثاني من المجلة الجزائية ويتضمن الأحكام التالية:الفصل 165 مكرر:
يعاقب بالسجن مدة سنتين وبخطية قدرها ألفا دينار (2000 د) كل من يمس بالمقدسات.ويقصد بالمقدسات الله سبحانه وتعالى ورسله وكُتبه وسنة رسوله الخاتم والكعبة المشرفة والمساجد والكنائس والبيع.ويكون المس بالسب أو الشتم أو السخرية أو الاستهزاء أو الاستنقاص أو تدنيس المقدسات ماديا أو معنويا سواء كان ذلك المس بالكلمة أو بالصورة أو بالفعل، كما يكون المس بتصوير أو تشخيص الذات الإلهية ورسل الله. ويضاعف العقاب في صورة العودة.
سنعتمد خلال هذه الاسطر على مقولة ثابتة تعترف بها النهضة وتجعلها تعريفا لها:
النهضة حزب سياسي بمرجعية اسلامية
فالحركة تعتمد في تصوراتها على المرجعية الاسلامية، ويعلم الجميع ان المرجعية الاسلامية تقتضي بالضرورة الاعتماد على القرآن والسنة… والمتعارف عليه ان المحكم من الكتاب لا اجتهاد فيه…
و حركة النهضة تقول انها تتساوق مع هذين المرجعين في كل افكارها ومقترحاتها لتسيير الدولة،
فالى اي حد تساوقت كتلة النهضة مع القرآن في هذا المقترح؟
حسب تعريف المقترح التعديلي للمقدسات فانها : الله سبحانه وتعالى والرسل والكتب السماوية وسنة رسوله الخاتم… الكعبة الشريفة والمساجد والكنائس والبيع…
وحسب الترتيب، فاننا لن نهتم بالمباني، لان المتعارف عليه في كل البلدان أن المباني بدون استثناء يجرم الاعتداء عليها… فهذا لا يحتاج لتنصيص والاعتداء عليها لا يكون الا ماديا، بالتالي هي مثل كل العقارات الاصل فيها محمية بالقوانين المنظمة لحماية الاملاك… ونعتقد انها من حشو الفصل الذي جيئ به لتنميق تعددية الاديان…بعبارة اخرى "كلام فاضي"…
لكن سنركز على المقدسات الاخرى… الرمزية: الله سبحانه وتعالى، الكتب السماوية، الرسل وسنة الرسول الخاتم(فهل مثلا يدخل في المقدسات كتب الحديث؟؟؟ وماهي ؟ كلها ام بعضها؟؟؟ هذا حسب المقترح متروك لاجتهاد القضاء)
ماذا قال القرآن في الاستهزاء والخوض في آيات الله؟
قال تعالى في سورة الانعام:" وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين" الاية رقم 68
هذه الاية الكريمة نزلت بمكة المكرمة، والظاهر انها تعم المسلمين ايضا في الحكم، وان كان البعض قالوا انها تخص النبي صلى الله عليه وسلم… وفيها حكم واضح من الذين يخوضون في آيات الله سبحانه.
والخوض هو خلط الامور ، و"معنى يخوضون في آياتنا يتكلمون فيها بالباطل والاستهزاء ".(تفسير التحرير والتنوير)
نستشف من هذه الآية حكما واضحا وجليا بالاعراض عن الذين يستهزؤون ويتكلفون الباطل على آيات الله سبحانه وتعالى. وهي أية محكمة لم تنسخ ابدا… وسنرى الدليل على ذلك من القرآن.
فقد وردت في كتاب الله آية اخرى ترفدها وتقرها. قال تعالى في سورة النساء : " وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا" الاية رقم 140
هذه السورة كما يعرف الجميع مدنية، واغلب الآراء على انها نزلت بعد غزوة الاحزاب، اي في السنة الخامسة هجرية… اي بعد ان طرد يهود بني قينقاع من ضواحي المدينة لاعتدائهم على مسلمةو استمرائهم الفتن و عدم ايفائهم بعهودهم، وبعد ان شرد يهود بني قريضة من ضواحي المدينة بعد خيانتهم الجماعية لظهر المدينة خلال غزوة الاحزاب… وبعد ان رد الله الاحزاب عن المدينة… فالمسلمون لم يكونوا يومها في ضعف ولا استكانة…
ولننظر ما تقول هذه الآية الكريمة وما الاحكام التي حوتها؟
الاية تبدا بفعل ماض مبني للمجهول، اي انها تذكر بحكم سابق نزل في كتاب الله الكريم، وقد اجمع المفسرون انها تذكر بأية وردت في سورة الانعام المكية، التي ذكرناها في اول الحديث… فهي تعضدها وتؤكدها وتؤكد الحكم الذي جاء في الاولى.
ناتي الآن الى مضمون الحكم. الاية تقول لنا في وضوح انه اذا سمعنا آيات الله يكفر بها ويستهزا بها او الاثنان معا ان لا نقعد مع من ياتي ذلك الفعل مادام على حاله تلك… فان توقف عن السب والشتم والاستهزاء والكفر فهذا الحكم لا يتعدى الى حال آخر…
فهل نقتلهم يا الله؟
الجواب نبتعد عنهم
فهل نسجنهم يا الله؟
الجواب لا نقعد معهم حتى(وحتى تفيد الغاية) يخوضوا في حديث غيره
فهل نغرمهم يا الله؟
الجواب: لا نقعد معهم حتى يخوضوا في حديث غيره
قد يعترض معترض ان هذا يشمل فقط الحديث!!! وفيه النهي عن السماع!!!
وليس حجة على المشرع، لانه ينهى المسلم عن البقاء مع المستهزئين!!! حسنا من يعترض بهذا فليأتي بدليل واحد ان رسول الله فعل شيئا لهؤلاء المستهزئين...
قلنا من البداية ان الأية لا تنسخ ما سبقها بل تؤكده وتعضده. فالملاحظ ان الآية المكية تحدثت عن الرؤية" واذا رايت الذين يخوضون…" الآية. فهنا ورد لفظ راى، وهو يشمل الابصار بالعين والنظر و الاستنباط بالعقل والاحساس بالقلب… فلما جاءت الآية المدنية الحقت السمع وبنت على الحكم الاول … فسبحان الله العليم الحكيم… جمعت الآيتان كل وسائل الاتصال المعروفة لدى الانسان: السمعي والبصري والنظري… اي بعبارة اخرى شملت هاتان الآيتان الكتابة والصورة والحديث وهو ما نعبر عنه اليوم بوسائل الاعلام بصفة عامة حديثها وقديمها…
وقديما لم يكن ممكنا الاعراض عن المستهزئين والكفرة و المنافقين حين خوضهم في آيات الله الا بمفارقتهم والابتعاد على مجالسهم ماظلوا على ما هم عليه… الآن وبتطور وسائل الاعلام، صار ممكنا الاعراض عن كل هذا بضغطة زر آلة تحكم في تلفاز ، او تغيير موجة مذياع او عدم شراء صحيفة تستهزا بآيات الله، او مقاطعة فيلم نرى فيه استهزاء او مسا بآيات الله…
هناك آيات اخرى تعضد هذا الحكم المحكم في كتاب الله، ومنها ما ورد في سورة التوبة: " قل أبالله و آياته و رسوله كنتم تستهزئون .. لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم" الآية 65
هذه الأية واضحة وصريحة ان بعض المنافقين (وهي صفة لمن يظهر الاسلام وهو في الحقيقة لا يؤمن به) في آخر غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، كانوا يستهزؤون بالله، نعم بالله، وآياته، ورسوله… وقد شهد عليهم القرآن بالكفر البواح، وهذا حكم من استهزا بالله و آياته و رسوله…
لكن لنعد سويا ونبحث في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هل جلدهم؟ لا ، هل سجنهم؟ لا، هل قتلهم؟ لا، هل كان رسول الله غير قادر عليهم؟ لا، بل كان من السهل تصفيتهم جميعا في مكان واحد…
فلماذا يا ربي لم يفعل كل ذلك بمن يستهزا بالله ورسوله وآياته؟؟؟
وقد يعترض معترض مستدلا بحادثة الافك، حيث جلد فيها كل المتورطين… والواقع ان هذا لا يدخل في قضية الحال… فاعراض الناس مكفولة في كل الدساتير، وقوانيننا ايضا فيها عقوبات ثلب المواطنين وقذف اعراضهم… هذا لا خلاف حوله، سيان كان المعتدي شخصا او جهة او وسيلة اعلام...
و حرية الكفار والمنافقين في التعبير عن كفرهم بالله والكتاب والرسل ، بل واصرار القرآن على عدم معاقبتهم جنائيا جريرة كل ذلك، تظهر في كل القرآن، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كلها تتكاتف من اجل مقصد واحد، هو حرية الانسان في الكفر و الايمان، والتعبير عن ذلك…وان السلطة مهما آمنت وترهبنت ، لا يجب ان تفتك من الانسان حريته الفكرية في هذه الدنيا… وحرية تعبيره...
ولو كان الاسلام يريد من الناس ان يحملوا على قهر السلطة وينزلوا على احكامها، لسمح لنبيه ان يعاقب المستهزئين ويسجنهم او يقتلهم.. لم يحدث شيء من ذلك، لان الله اراد من رسوله الكريم ان ينشئ دولة مدنية، تصان فيها حريات المخالفين… ليس من قلة وضعف المسلمين، ولكن لان الله اراد من الانسان الميزان، فلا يكون دينه اول من يخسره…
والحقيقة ان كل من تتبع القرآن سيلاحظ انه يتناسق كله ولا يتناقض… فالحرية مبدا رئيسي يتناسق مع مطلب العدل الالهي و يتناسق مع الحساب يوم القيامة…
وربما يغفل الكثير عن ان الله سبحانه وتعالى، وكتبه ورسله كلهم رموز شرعية وليست استحقاقات كونية… بمعنى ان الكتب منزلة لمن اراد ان يتبعها، وشخوص الانبياء بعثوا لمن اراد ان يتبعهم، والله خلقنا لامكانية الكفر او الايمان… ولم يحملنا كما لم يحمل الشيطان على الايمان به… ان هو الا خيارنا، نؤمن او نشقى… ولو كان الانسان لا يستطيع ان يعيش بدون رسالة ولا نبي ولا عبادة، لحمله الله كرها وغريزة على كل ذلك… كيف لا وقد قال ربنا : "ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" سورة يونس الاية 99
اما من عصى وآثر الحياة الدنيا، فمصيره في الآخرة واضح ومقامه عند ربه، النار مثوى المتكبرين والمستهزئين… ولا يظلم ربك احدا… الحرية في الدنيا، مقابل الحساب في الآخرة…وقد جاء القرآن والرسل لتبيان ذلك للناس وتحذيرهم من وعيده وشديد عذابه لكل عصاته… على قاعدة "فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى" سورة طه من الاية 120الى الاية 124
فالعتاب يوم القيامة مردود على صاحبه، لانه ببساطة اختار طائعا غير مكره موقعه من آيات ربه… وعاش في الدنيا كما شاء حرا، بل وكان بامكانه احترام الآيات او حتى الاستهزاء بها… فاليوم يتحمل وزر اختياراته وافعاله… فهذا كله يتناسق مع مبدا حرية المعتقد والتعبير عنه...
ولنعد الان الى كتلة حركة النهضة، ونتساءل: هل حقا تحتكمون الى الله ورسوله في مرجعيتكم؟
ام الى حسابات انتخابية واتّباع لعموم الناس وان جانبوا الحق والشرع؟؟؟
نعم القرآن يدافع عن حرية الكفار والمنافقين، لان الاسلام لم ينزل للاكراه، بل جاء لضمان المدنية وحرية الراي والتعبير… وقرانا كتاب ربنا فلم نجد فيه الا عكس ما تنوون سنه من قوانين ستجعلنا فضيحة...
وستعيدنا الى مربع استبداد وقهر وتكميم للافواه… فلا خير في حرية تبيح لكم ان تنتقدوا افكار الناس ونظرياتهم و تمارسون هواية الدعاء عليهم صباحا مساء في المساجد والمحاضرات… وتحرمون عليهم ان يقولوا رأيهم في ما تؤمنون به وما ترجعون اليه… هذا طبعا ان رجعتم اليه… فهذا المقترح القمعي دليل على مخالفتكم الكتاب والسنة...
ولسنا هنا في وارد تشجيع الملاحدة و المخالفين على ممارسة امراض الاستفزاز و السباب و الاقذاع في حق الآخرين… بل نرى كل ذلك من الامراض النفسية…
غير انا متيقنون كذلك ان 80 % من شطحات المستهزئين هي في الحقيقة تحد لعنجهية "المؤمنين" وتسلطهم على حرياتهم… فحيث ما عمت الحرية، ذهب الناس الى السلم والحياة، وابتعدوا عن الغلو في الافكار مهما كانت… بل ورغبوا طوعا في الاحترام المتبادل… والابتعاد عن الاستفزاز الرخيص ومحاولات اثارة العداوة والبغضاء… فالحياة اجل من ان تمر في التناحر والتدابر و الشحناء…
ففي الدولة المدنية المسالمة، الناس يرغبون في الحياة لا الموت… ويحرصون على تدبر الجمال والمحبة بدلا من التدافع حول ايديلوجيات عمياء، وانساق فكرية تنضح حقدا وكراهية… للاسف هنا في بلدنا الحبيب، يوجد كثير من العنف الباطني… يسكن الغالبية… والشيء الوحيد المفقود… هو الميزان…
فان كنا نطمح فعلا في بناء دولة عادلة، فنحن مدعوون جميعا وبقوة لمراجعة امراض التسلط والقهر التي تسكننا ، وان نبعد وسائل الاعلام والاتصال عن سيوف الحجاج و نطع هارون الرشيد… مللنا حقا الدماء و المظالم. (http://www.tunisia-cafe.com/vb/index.php)
فمن لم يقتنع بماجاء من ادلة ، فليطلع لنا قرنه، وليجلي الامر من القرآن، فانا والله لا نُنطح الا به، و لا نخضع لسواه… او سنة صحيحة لرسول الله لا تتعارض مع محكم القرآن… فما كان الله