sisko education
04-26-2012, 12:03 AM
التشريع كمصدر رسمي للقانون
المقدمة :
إن القانون يعد من أهم فروع العلوم الاجتماعية وهو مجموعة القواعد العامة التي توجه سلوك الأفراد في المجتمع والقاعدة هي الوحدة أو الخلية التي يتكون منها وقد تكون هذه القواعد:
• صادرة عن الدولة في صورة تشريعات.
• أو صادرة عن الدين.
• أو صادرة عن العادات والتقاليد كالعرف (coutume).
وهذا ما يعرف بمصادره الرسمية والتي يقصد بها تلك الوسائل التي بواسطتها تتحول العوامل المحيطة بالمجتمع إلى قواعد قانونية تكسبها صفة الإلزام، ومن بين هذه المصادر نجد أهم مصدر رسمي للقانون والذي يعتبر كمصدر أصلي له ألا وهو التشريع (Législation).
حيث أن لكل شيء و لكل قول ولكل فعل مردود ومرسوم بالتشريعات التي تلف وتحتضن المجتمع.
الإشكالية:
على أي أساس تم إعتماد التشريع كمصدر أصلي للقانون؟
المبحث الأول: ماهية التشريع
المطلب الأول: مفهومه و أهميته
أ- مفهومه:
إن مصطلح التشريع la législation راجع إلى السلطة المختصة التي تصدره وهي السلطة التشريعية، و التشريع كمصدر أصلي للقانون هو عبارة عن مجموعة القواعد العامة الملزمة المجردة التي تضعها السلطة المختصة بذلك في الدولة بهدف تنظيم العلاقات وسلوك الأفراد في المجتمع كما أن التشريع يطلق عليه اسم القانون المكتوب لأنه يتضمن قواعد قانونية مدونة على شكل وثيقة مكتوبة ومن أهم صوره التي يخرج فيها للوجود هي عملية التقنين و التقنين (le code) هو مجموعة متجانسة من التشريعات تعد بشكل منهجي في فرع من فروع القانون.
ب - أهميته:
إن التشريع هو أهم المصادر الرسمية للقانون و إن كان العرف هو أقدم مصادره، ومكانته منذ القدم حيث كان في المرتبة الأولى كمصدر للقانون وقتا طويلا حيث يمكن القول أن العصور القديمة هي عصور العرف والدين أما التشريع فكان تواجده ضئيلا أو شبه منعدم إلا أنه في خضم التطورات التي وقعت للمجتمعات وتقدم البشرية و اتساع نطاق العلاقات الاجتماعية بينهم وكثرتها وتشابكها و رسوخ فكرة الدولة ما يتطلب وفرة في القواعد القانونية التي تحكمها أدى بالتشريع إلى أخذ الصدارة باعتباره مصدرا سريعا من حيث الوضع والصياغة يستطيع أن يقوم بالدور الذي يلعبه العرف وأكثر من ذلك.
و مما ساعد التشريع على احتلال هذا المركز أيضا هي تركز السلطة التي تشرعه في يد الدولة التي تتدخل في تنظيم العلاقات والروابط بين أفراد المجتمع.
ومنه يمكن لنا أن نجعل مقارنة توضيحية بين التشريع والعرف على الأساس التالي:
التشريع العرف
- يصدر مكتوبا وواضحا - غير مكتوبا
- يوحد القانون في الدولة
(الجميع ملزم به) - لايكون عاما ولا دائما
(ينطبق على جزء معين من البلاد)
- يستجيب بسرعة لضرورات المجتمع - بطيء التكوين
- سهولة تعديله أو إلغائه - صعب أو غير قابل للتعديل
المطلب الثاني:نقد التشريع كمصدر للقانون
أ -مزاياه: إن للتشريع مزايا يختص بها وهي:
1- صدور التشريع عن السلطة المختصة التي تتركز في يد الدولة والتي لها علاقة سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة مع أفراد المجتمع والتي تتماشى وحاجياته في تطويره وجعله دائم الاستمرار واللحاق بموكب التقدم الإنساني.
2- تدوين التشريع في وثيقة رسمية: وذلك في صورة مكتوبة ذات عبارات و ألفاظ محددة حيث تصاغ قواعده القانونية صياغة محكمة وبذلك تبدوا هذه القواعد لأفراد المجتمع واضحة لا تثير أي منازعات بينهم فيعرف كل فرد ما له من حقوق و ما عليه من واجبات، حيث يسود الأمن و الطمأنينة والاستقرار في المعاملات وذلك بالرجوع إلى نصوصه عند الحاجة.
3- التشريع قانون مكتوب والذي يعتمد في قواعده علي طريقة التقنين مثلا القانون المدني le code civile وقانون العقوبات code pénale و بذالك يحقق التنسيق والانسجام بين القوانين
4- وحدة القانون داخل الدولة: إذ انه عامل مهم في تحقيق الوحدة الوطنية وذلك بإلزام جميع أفراد المجتمع بتطبيقه والسير وفقه.
5- سهولة إصداره/ تعديله / إلغائه: مما يجعله يستجيب لتطور العلاقات سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية وغيرها وذلك في سن قواعد مكتوبة تتلاءم وأوضاع المجتمع الجديد.
ب -عيوبه:
1- بما أن التشريع يصدر عن سلطة عليا مختصة فقد يتحول في بعض الأحيان إلى وسيلة تحكمية في يدها تجعله يخدم مصالحها الخاصة (الشخصية) علي المصالح العامة و هذا غير ملام لظروف المجتمع.
2- اتصاف التشريع بالجمود بما انه يعتمد علي عملية التقنين وكذلك سهولة تعديله التي تؤدي إلي فقدان الثقة بالقانون.
ملاحظة: إلا أن هذه العيوب مردود عليها:
- ففي السلطة المسؤولة عن وضعه والتي تتكون أصلا من أفراد ذالك المجتمع الذين يعبرون عن رغباته زيادة علي نصوصه الذي لا يكتب لها البقاء بالإلغاء أو التعديل.
- أما عن وصفه بالجمود وسهولة التعديل فهذا غير صحيح لان عملية التقنين تكسبه هيبة فيحافظ القانون دائما علي مكانته كما أن وجود التقنين المدني الفرنسي منذ ما يقارب من قرنين من الزمن لم يجعل القانون الفرنسي المدني جامدا.
و من هنا نستنتج انه مهما يعاب التشريع فان مزاياه المتعددة تطغى على عيوبه إذ نري أن التشريع ساد في جميع دول المعمورة وانتشرت عملية التقنين في أرجاء العالم فجدير بهي أن يكون مصدرا أصليا للقانون.
المبحث الثاني: أنواع التشريع
للتشريع ثلاثة أنواع تتفاوت في دراجاتها من حيث القوة و من حيث أهمية ما يتناوله من مسائل و بما يكفل احترام التشريع الأدنى للتشريع الأعلى وهم علي التوالي:
المطلب الأول :
التشريع الأساسي (الدستور): و هو التشريع التأسيسي للدولة و قمة التشريعات فيها و يتميز بالسمو والثبات ويصدر عن سلطة عليا وهي السلطة التأسيسية حيث يضم مجموعة القواعد التي تتضمنها الوثيقة الأساسية، والتي تحدد شكل الدولة، نظام الحكم فيها، السلطات العامة والعلاقات بينها، وتحدد الحقوق والحريات الأساسية للأفراد وواجباتهم، و منه تستمد كافة القوانين الأخرى مستوحية مبادئه و أحكامه التي لا يجوز لأي قانون مخالفتها.
وللدساتير أنواع فمن حيث المصدر فنجد الدساتير المكتوبة والدساتير العرفية الا ان هذه الأخيرة ضئيلة جدا في الوقت الحاضر,أما من حيث التعديل فهناك نوعان وهما:
أ- الدستور المرن: (la constitution souple)
هو الذي يكفي لتعديله أن يصدر تشريع عادي عن السلطة التشريعية بالإجراءات التي يصدر بها التشريع العادي،فلا فرق بين القواعد الدستورية و القواعد التشريعية العادي،فهما من حيث الترتيب على قدم و ساق.
ب- الدستور الجامد: (la constitution rigide)
هو الذي لا يمكن تعديله إلا بواسطة هيئة مغايرة للهيئة التي تملك تعديل التشريع العادي،و بإتخاذ إجراءات و شروط خاصة مختلفة،و تعتبر قواعد الدستور الجامد أسمى من قواعد التشريع العادي،ولا يجوز أن يصدر التشريع العادي مخالفا للدستور.
المطلب الثاني:
التشريع العادي(القانون):
هو مجموعة القواعد القانونية التي تضعها السلطة التشريعية (البرلمان)، وفقا للإجراءات التي نص عليها الدستور قصد تنظيم العلاقات بين الأفراد أو بينهم وبين الدولة في جميع المجالات الاجتماعية المختلفة و التشريع العادي قد يتخذ صورة تقنينات أو مدونات (Codes) تشتمل على تنظيم كامل لفرع معين من فروع القانون مثل تقنين المعاملات المدنية (Code Civile) و تقنين العقوبات (Code Pénale ) وقد يتخذ صورة تشريعات متفرقة (Lois) و هو في المرتبة الثانية.
* وتعتبر السلطة التشريعية في كل دولة هي صاحبة الإختصاص الأصيل في وضع التشريع ومع ذلك فإن الدساتير جرت على إشراك رئيس الدولة في وضع التشريع سواءا عن طريق ما تعطيه إياه من حق إقتراح التشريعات أو الإعتراض عليها.
المطلب الثالث:
التشريع الفرعي (اللوائح): و يأتي في المرتبة الثالثةو يقصد به اللوائح التي تختص السلطة التنفيذية بوضعها في حدود اختصاصها التي يبنيه الدستور حيث تفصل أحكامه دون أي تعديل أو إضافة و يكون اختصاص السلطة التنفيذية للتشريع الفرعي اختصاصا أصليا لا استثنائيا وتتشكل هذه اللوائح من نصوص مرتبة من الأعلى إلى الأدنى وفقا للتدرج الداخلي للسلطة التنفيذية .
و يطلق على التشريع الفرعي اسم اللائحة (Le règlement ) في العمل و ذلك رغبة في التمييز بينه و بين التشريع العادي و نجد له ثلاثة أنواع و هي:
1- اللوائح التنفيذية ( Le règlement d'exécution ):
وهي اللوائح التي تخضعها السلطة التنفيذية لضمان تنفيذ القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية ويرجع اختصاص السلطة التنفيذية بهذه المهمة لأنها التي تقوم بتنفيذ هذه القوانين من هنا تعتبر أكثر قوة من السلطة التشريعية على تنفيذ هذه القوانين.
2- اللوائح التنظيمية règlement d'organisation )):
وهي اللوائح التي تضعها السلطة التنفيذية لتنظيم وترتيب المرفق العامة بإعتبارها السلطة الأقدر من غيرها و تتميز بذلك عن اللوائح التنفيذية التي تصدر تفصيلا للتشريع العادي وتتقيد بأحكامه .
3- لوائح الضبط أو البوليس règlement de police)
و هي لوائح تضعها السلطة التنفيذية بهدف المحا فضة على الأمن العام و المحافظة على الصحة العامة و مثال ذلك لوائح تنظيم المرور و اللوائح الخاصة بالمجال المقلقة للراحة أو المضرة بالصحة و اللوائح الخاصة بمراقبة الأغذية و الباعة المتجولين ....الخ.
المبحث الثالث:
إقرار التشريع: ويقصد بهي هو سن التشريع و المصادقة عليه ثم إصداره من قبل السلطات المختصة حيث تقوم هذه الأخيرة بوضع القانون عن طريق صياغة قواعده بشكل يتضمن الدقة و الوضوح في المعاني وفقا للإجراءات المقررة وهذا ما يعرف بسنه.
المطلب الأول:
سن التشريع الأساسي: إن لوضع الدستور أهمية بالغة بما انه يعد الركيزة الأساسية لبناء الدولة ولذلك فهو يختلف عن التشريع العادي سواء من حيث وضعه أو تعديله وتختلف الدول في إصداره حسب ظروفها السياسية ونميز حالتين:
أ- حالة الأوضاع الغير ديمقراطية: حيث يتم وضع الدستور حسب إحدى الطريقتين:
1- المنحة: وهنا يصدر الدستور في شكل منحة إذ يتنازل الحاكم أو الملك وهو صاحب السيادة المطلقة عن بعض سلطيه لصالح رعيته.
2- العقد: حيث يتعاقد الملك مع هيئة تمثيلية ينتخبها الشعب(مجلس تأسيسي) فيضع احدهما مشروع الدستور ويعرض على الطرف الأخر للموافقة عليه.
ب- حالة الأوضاع الديمقراطية: في المجتمعات الديمقراطية تكون سلطة وضع الدستور خالصة للشعب ويتم ذلك عن طريق:
1- المجلس التأسيسي: آو الجمعية التأسيسية حيث يختار الشعب عددا من أفراده قصد تكوين لجنة أو هيئة تقوم بوضع دستورا للدولة وبذالك يكون واجبا للنفاذ.
2- الاستفتاء الشعبي: تقوم هيئة معينة من الحكومة القائمة بوضع نصوص دستورية على شكل مشروع دستور يعرض على الشعب ليبدي رأيه فيه عن طريق الاستفتاء.
3- الطريقة الخاصة: و هي انسب طريقة للديمقراطية حيث تجمع بين الاثنين باعتبار الشعب مصدرا لكل سلطة في الدولة.
المطلب الثاني:
سن التشريع العادي: يمر وضع التشريع العادي في نوعين من الظروف هما:
أ- الظروف العادية: تتميز بالمراحل التالية:
- المرحلة الأولى الاقتراح: وهي أولى المراحل التي يمر وضع التشريع العادي فهو يبدأ في صورة إقتراح ويسمى مشروع قانون.
- المرحلة الثانية الفحص: تحال مشروعات التشريعات المقترحة إلى اللجان المتخصصة بالهيئة التشريعية لفحصها وإعداد تقارير بشأنها.
- المرحلة الثالثة الموافقة: تعرض مشروعات التشريعات على الهيئة التشريعية للتصويت عليها وتتم الموافقة على هذه المشروعات عادة بالأغلبية المطلقة أي بحصولها على تأييد أكثر من نصف أعضاء الهيئة التشريعية الحاضرين.
المرحلة الرابعة نفاذ التشريع:هو إلزام كافة المخاطبين به بأحكامه عن طريق استخدام وسائل الإجبار العام. و بعد وضع التشريع العادي سواء بواسطة السلطة التشريعية المختصة في الأصل أو بواسطة السلطة التنفيذية على سبيل الاستثناء يجب لنفاذ التشريع أن يمر بالمرحلتين الآتيتين:
1- إصدار التشريع:هو عمل إجرائي يقصد به قيام رئيس السلطة التنفيذية بالأمر بوضع التشريع الذي صادقت عليه السلطة التشريعية موضع التنفيذ. و يتم ذلك بموجب مرسوم تنفيذي يتضمن الأمر لرجال السلطة التنفيذية بالسهر على تنفيذ التشريع الجديد بوصفه قانونا ً من قوانين الدولة، و ذلك بتحديد تاريخ لنفاذ أحكامه.
2- نشر التشريع :هو إعلام كافة الأشخاص في المجتمع بصدوره عن طريق نشره في الجريدة الرسمية. حتى يمكن إلزامهم به تطبيقاً لقاعدة لا تكليف إلا بمعلوم و لا يعذر أحد بجهله بالقانون, إذ انه يتقرر نفاذ التشريع كقاعدة عامة أن تاريخ نشر التشريع في الجريدة الرسمية يعد هو التاريخ المحدد لنفاذه إلا إذا حدد الأمر بالنشر تاريخا ً لاحقا ً لذلك.
ب- الظروف الغير عادية: أي الظروف التي لا يمكن معها لمجلس الأمة إصدار التشريعات اللازمة (لاستحالة انعقاده / لتعذر انعقاده / لصعوبة وبطء الإجراءات العادية)، حيث يأخذ وضع التشريع العادي حالتين إستثنائيتين هما:
- حالة الضرورة ( تشريع الضرورة ):تشريع الضرورة هو ما يصدر عن السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الدولة من قرارات و أوامر لمواجهة حالة من حالات الضرورة ( و هي الحالات التي يتعين فيها سن التشريع العادي في غيبة السلطة التشريعية كحالة عطلة المجلس التشريعي أو حالة حله) مع اتخاذ كافة الضمانات اللازمة لعرض ذلك التشريع علي المجلس التشريعي عند عودته للعمل.
-حالة تشريع التفويض: هو تشريع عادي يصدر عن رئيس الدولة في موضوعات معينة بموجب تفويض محدد في القانون حيث أن بعض أنواع التشريع العادي تقتضي المصلحة العامة الاستعجال في إصدارها أو تتطلب درجة من السرية، كتشريعات الضرائب و الرسوم و تشريعات التسليح و يكون لمدة محدودة.
الخاتمة:
من خلال بحثنا هذا يمكن القول أن التشريع له الحق بأخذ هذه المكانة والاسم الذي هو المصدر الرسمي والأصلي للقاعدة القانونية بما انه يشمل جميع المسائل و يحتويها و الأوضاع التي يمر بها المجتمع, كما أوضحنا تميزه عن باقي المصادر الأخرى من خلال ما تطرقنا إليه من أهمية وتعريف ومزايا وكذلك أنواعه ومراحل صدوره ,ورأينا أن أهم ميزة للتشريع هو المرونة و التطور،غير أن التشريع أولا و أخيرا هو عمل إنساني لا يمكن أن يكون كاملا،من المتصور أن تعرض منازعات لا يكون الحكم فيها للتشريع،من هذا المنطلق يتعين وجود مصادر أخرى في القانون يتم اللجوء إليها في حالة قصوره و لكن مهما يكن فان هذه المصادر تبقى في الأول والأخير مصادر احتياطية أمام المصدر الرئيسي الذي هو التشريع.
قائمة المراجع:
1. د/ حبيب إبراهيم الخليلي ،المدخل للعلوم القانونية،النظرية العامة للقانون،ديوان المطبوعات الجامعية،طبعة1999.
2. د/ خليل أحمد حسن قدادة،شرح النظرة العامة للقانون في القانون الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية،طبعة2002.
3. د/ محمد سعيد جعفور،مدخل إلى العلوم القانونية،الوجيز في نظرية القانون،دار هومه،2007.
4. د/ عمار عوابدي،شرح القانون المدني الجزائري. (http://www.tunisia-cafe.com/vb/index.php)
5. د/ بالحاج بالعربي،مدخل إلى العلم القانون.
6. محاضرات الأستاذ عبد الهادي خضراوي.
المقدمة :
إن القانون يعد من أهم فروع العلوم الاجتماعية وهو مجموعة القواعد العامة التي توجه سلوك الأفراد في المجتمع والقاعدة هي الوحدة أو الخلية التي يتكون منها وقد تكون هذه القواعد:
• صادرة عن الدولة في صورة تشريعات.
• أو صادرة عن الدين.
• أو صادرة عن العادات والتقاليد كالعرف (coutume).
وهذا ما يعرف بمصادره الرسمية والتي يقصد بها تلك الوسائل التي بواسطتها تتحول العوامل المحيطة بالمجتمع إلى قواعد قانونية تكسبها صفة الإلزام، ومن بين هذه المصادر نجد أهم مصدر رسمي للقانون والذي يعتبر كمصدر أصلي له ألا وهو التشريع (Législation).
حيث أن لكل شيء و لكل قول ولكل فعل مردود ومرسوم بالتشريعات التي تلف وتحتضن المجتمع.
الإشكالية:
على أي أساس تم إعتماد التشريع كمصدر أصلي للقانون؟
المبحث الأول: ماهية التشريع
المطلب الأول: مفهومه و أهميته
أ- مفهومه:
إن مصطلح التشريع la législation راجع إلى السلطة المختصة التي تصدره وهي السلطة التشريعية، و التشريع كمصدر أصلي للقانون هو عبارة عن مجموعة القواعد العامة الملزمة المجردة التي تضعها السلطة المختصة بذلك في الدولة بهدف تنظيم العلاقات وسلوك الأفراد في المجتمع كما أن التشريع يطلق عليه اسم القانون المكتوب لأنه يتضمن قواعد قانونية مدونة على شكل وثيقة مكتوبة ومن أهم صوره التي يخرج فيها للوجود هي عملية التقنين و التقنين (le code) هو مجموعة متجانسة من التشريعات تعد بشكل منهجي في فرع من فروع القانون.
ب - أهميته:
إن التشريع هو أهم المصادر الرسمية للقانون و إن كان العرف هو أقدم مصادره، ومكانته منذ القدم حيث كان في المرتبة الأولى كمصدر للقانون وقتا طويلا حيث يمكن القول أن العصور القديمة هي عصور العرف والدين أما التشريع فكان تواجده ضئيلا أو شبه منعدم إلا أنه في خضم التطورات التي وقعت للمجتمعات وتقدم البشرية و اتساع نطاق العلاقات الاجتماعية بينهم وكثرتها وتشابكها و رسوخ فكرة الدولة ما يتطلب وفرة في القواعد القانونية التي تحكمها أدى بالتشريع إلى أخذ الصدارة باعتباره مصدرا سريعا من حيث الوضع والصياغة يستطيع أن يقوم بالدور الذي يلعبه العرف وأكثر من ذلك.
و مما ساعد التشريع على احتلال هذا المركز أيضا هي تركز السلطة التي تشرعه في يد الدولة التي تتدخل في تنظيم العلاقات والروابط بين أفراد المجتمع.
ومنه يمكن لنا أن نجعل مقارنة توضيحية بين التشريع والعرف على الأساس التالي:
التشريع العرف
- يصدر مكتوبا وواضحا - غير مكتوبا
- يوحد القانون في الدولة
(الجميع ملزم به) - لايكون عاما ولا دائما
(ينطبق على جزء معين من البلاد)
- يستجيب بسرعة لضرورات المجتمع - بطيء التكوين
- سهولة تعديله أو إلغائه - صعب أو غير قابل للتعديل
المطلب الثاني:نقد التشريع كمصدر للقانون
أ -مزاياه: إن للتشريع مزايا يختص بها وهي:
1- صدور التشريع عن السلطة المختصة التي تتركز في يد الدولة والتي لها علاقة سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة مع أفراد المجتمع والتي تتماشى وحاجياته في تطويره وجعله دائم الاستمرار واللحاق بموكب التقدم الإنساني.
2- تدوين التشريع في وثيقة رسمية: وذلك في صورة مكتوبة ذات عبارات و ألفاظ محددة حيث تصاغ قواعده القانونية صياغة محكمة وبذلك تبدوا هذه القواعد لأفراد المجتمع واضحة لا تثير أي منازعات بينهم فيعرف كل فرد ما له من حقوق و ما عليه من واجبات، حيث يسود الأمن و الطمأنينة والاستقرار في المعاملات وذلك بالرجوع إلى نصوصه عند الحاجة.
3- التشريع قانون مكتوب والذي يعتمد في قواعده علي طريقة التقنين مثلا القانون المدني le code civile وقانون العقوبات code pénale و بذالك يحقق التنسيق والانسجام بين القوانين
4- وحدة القانون داخل الدولة: إذ انه عامل مهم في تحقيق الوحدة الوطنية وذلك بإلزام جميع أفراد المجتمع بتطبيقه والسير وفقه.
5- سهولة إصداره/ تعديله / إلغائه: مما يجعله يستجيب لتطور العلاقات سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية وغيرها وذلك في سن قواعد مكتوبة تتلاءم وأوضاع المجتمع الجديد.
ب -عيوبه:
1- بما أن التشريع يصدر عن سلطة عليا مختصة فقد يتحول في بعض الأحيان إلى وسيلة تحكمية في يدها تجعله يخدم مصالحها الخاصة (الشخصية) علي المصالح العامة و هذا غير ملام لظروف المجتمع.
2- اتصاف التشريع بالجمود بما انه يعتمد علي عملية التقنين وكذلك سهولة تعديله التي تؤدي إلي فقدان الثقة بالقانون.
ملاحظة: إلا أن هذه العيوب مردود عليها:
- ففي السلطة المسؤولة عن وضعه والتي تتكون أصلا من أفراد ذالك المجتمع الذين يعبرون عن رغباته زيادة علي نصوصه الذي لا يكتب لها البقاء بالإلغاء أو التعديل.
- أما عن وصفه بالجمود وسهولة التعديل فهذا غير صحيح لان عملية التقنين تكسبه هيبة فيحافظ القانون دائما علي مكانته كما أن وجود التقنين المدني الفرنسي منذ ما يقارب من قرنين من الزمن لم يجعل القانون الفرنسي المدني جامدا.
و من هنا نستنتج انه مهما يعاب التشريع فان مزاياه المتعددة تطغى على عيوبه إذ نري أن التشريع ساد في جميع دول المعمورة وانتشرت عملية التقنين في أرجاء العالم فجدير بهي أن يكون مصدرا أصليا للقانون.
المبحث الثاني: أنواع التشريع
للتشريع ثلاثة أنواع تتفاوت في دراجاتها من حيث القوة و من حيث أهمية ما يتناوله من مسائل و بما يكفل احترام التشريع الأدنى للتشريع الأعلى وهم علي التوالي:
المطلب الأول :
التشريع الأساسي (الدستور): و هو التشريع التأسيسي للدولة و قمة التشريعات فيها و يتميز بالسمو والثبات ويصدر عن سلطة عليا وهي السلطة التأسيسية حيث يضم مجموعة القواعد التي تتضمنها الوثيقة الأساسية، والتي تحدد شكل الدولة، نظام الحكم فيها، السلطات العامة والعلاقات بينها، وتحدد الحقوق والحريات الأساسية للأفراد وواجباتهم، و منه تستمد كافة القوانين الأخرى مستوحية مبادئه و أحكامه التي لا يجوز لأي قانون مخالفتها.
وللدساتير أنواع فمن حيث المصدر فنجد الدساتير المكتوبة والدساتير العرفية الا ان هذه الأخيرة ضئيلة جدا في الوقت الحاضر,أما من حيث التعديل فهناك نوعان وهما:
أ- الدستور المرن: (la constitution souple)
هو الذي يكفي لتعديله أن يصدر تشريع عادي عن السلطة التشريعية بالإجراءات التي يصدر بها التشريع العادي،فلا فرق بين القواعد الدستورية و القواعد التشريعية العادي،فهما من حيث الترتيب على قدم و ساق.
ب- الدستور الجامد: (la constitution rigide)
هو الذي لا يمكن تعديله إلا بواسطة هيئة مغايرة للهيئة التي تملك تعديل التشريع العادي،و بإتخاذ إجراءات و شروط خاصة مختلفة،و تعتبر قواعد الدستور الجامد أسمى من قواعد التشريع العادي،ولا يجوز أن يصدر التشريع العادي مخالفا للدستور.
المطلب الثاني:
التشريع العادي(القانون):
هو مجموعة القواعد القانونية التي تضعها السلطة التشريعية (البرلمان)، وفقا للإجراءات التي نص عليها الدستور قصد تنظيم العلاقات بين الأفراد أو بينهم وبين الدولة في جميع المجالات الاجتماعية المختلفة و التشريع العادي قد يتخذ صورة تقنينات أو مدونات (Codes) تشتمل على تنظيم كامل لفرع معين من فروع القانون مثل تقنين المعاملات المدنية (Code Civile) و تقنين العقوبات (Code Pénale ) وقد يتخذ صورة تشريعات متفرقة (Lois) و هو في المرتبة الثانية.
* وتعتبر السلطة التشريعية في كل دولة هي صاحبة الإختصاص الأصيل في وضع التشريع ومع ذلك فإن الدساتير جرت على إشراك رئيس الدولة في وضع التشريع سواءا عن طريق ما تعطيه إياه من حق إقتراح التشريعات أو الإعتراض عليها.
المطلب الثالث:
التشريع الفرعي (اللوائح): و يأتي في المرتبة الثالثةو يقصد به اللوائح التي تختص السلطة التنفيذية بوضعها في حدود اختصاصها التي يبنيه الدستور حيث تفصل أحكامه دون أي تعديل أو إضافة و يكون اختصاص السلطة التنفيذية للتشريع الفرعي اختصاصا أصليا لا استثنائيا وتتشكل هذه اللوائح من نصوص مرتبة من الأعلى إلى الأدنى وفقا للتدرج الداخلي للسلطة التنفيذية .
و يطلق على التشريع الفرعي اسم اللائحة (Le règlement ) في العمل و ذلك رغبة في التمييز بينه و بين التشريع العادي و نجد له ثلاثة أنواع و هي:
1- اللوائح التنفيذية ( Le règlement d'exécution ):
وهي اللوائح التي تخضعها السلطة التنفيذية لضمان تنفيذ القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية ويرجع اختصاص السلطة التنفيذية بهذه المهمة لأنها التي تقوم بتنفيذ هذه القوانين من هنا تعتبر أكثر قوة من السلطة التشريعية على تنفيذ هذه القوانين.
2- اللوائح التنظيمية règlement d'organisation )):
وهي اللوائح التي تضعها السلطة التنفيذية لتنظيم وترتيب المرفق العامة بإعتبارها السلطة الأقدر من غيرها و تتميز بذلك عن اللوائح التنفيذية التي تصدر تفصيلا للتشريع العادي وتتقيد بأحكامه .
3- لوائح الضبط أو البوليس règlement de police)
و هي لوائح تضعها السلطة التنفيذية بهدف المحا فضة على الأمن العام و المحافظة على الصحة العامة و مثال ذلك لوائح تنظيم المرور و اللوائح الخاصة بالمجال المقلقة للراحة أو المضرة بالصحة و اللوائح الخاصة بمراقبة الأغذية و الباعة المتجولين ....الخ.
المبحث الثالث:
إقرار التشريع: ويقصد بهي هو سن التشريع و المصادقة عليه ثم إصداره من قبل السلطات المختصة حيث تقوم هذه الأخيرة بوضع القانون عن طريق صياغة قواعده بشكل يتضمن الدقة و الوضوح في المعاني وفقا للإجراءات المقررة وهذا ما يعرف بسنه.
المطلب الأول:
سن التشريع الأساسي: إن لوضع الدستور أهمية بالغة بما انه يعد الركيزة الأساسية لبناء الدولة ولذلك فهو يختلف عن التشريع العادي سواء من حيث وضعه أو تعديله وتختلف الدول في إصداره حسب ظروفها السياسية ونميز حالتين:
أ- حالة الأوضاع الغير ديمقراطية: حيث يتم وضع الدستور حسب إحدى الطريقتين:
1- المنحة: وهنا يصدر الدستور في شكل منحة إذ يتنازل الحاكم أو الملك وهو صاحب السيادة المطلقة عن بعض سلطيه لصالح رعيته.
2- العقد: حيث يتعاقد الملك مع هيئة تمثيلية ينتخبها الشعب(مجلس تأسيسي) فيضع احدهما مشروع الدستور ويعرض على الطرف الأخر للموافقة عليه.
ب- حالة الأوضاع الديمقراطية: في المجتمعات الديمقراطية تكون سلطة وضع الدستور خالصة للشعب ويتم ذلك عن طريق:
1- المجلس التأسيسي: آو الجمعية التأسيسية حيث يختار الشعب عددا من أفراده قصد تكوين لجنة أو هيئة تقوم بوضع دستورا للدولة وبذالك يكون واجبا للنفاذ.
2- الاستفتاء الشعبي: تقوم هيئة معينة من الحكومة القائمة بوضع نصوص دستورية على شكل مشروع دستور يعرض على الشعب ليبدي رأيه فيه عن طريق الاستفتاء.
3- الطريقة الخاصة: و هي انسب طريقة للديمقراطية حيث تجمع بين الاثنين باعتبار الشعب مصدرا لكل سلطة في الدولة.
المطلب الثاني:
سن التشريع العادي: يمر وضع التشريع العادي في نوعين من الظروف هما:
أ- الظروف العادية: تتميز بالمراحل التالية:
- المرحلة الأولى الاقتراح: وهي أولى المراحل التي يمر وضع التشريع العادي فهو يبدأ في صورة إقتراح ويسمى مشروع قانون.
- المرحلة الثانية الفحص: تحال مشروعات التشريعات المقترحة إلى اللجان المتخصصة بالهيئة التشريعية لفحصها وإعداد تقارير بشأنها.
- المرحلة الثالثة الموافقة: تعرض مشروعات التشريعات على الهيئة التشريعية للتصويت عليها وتتم الموافقة على هذه المشروعات عادة بالأغلبية المطلقة أي بحصولها على تأييد أكثر من نصف أعضاء الهيئة التشريعية الحاضرين.
المرحلة الرابعة نفاذ التشريع:هو إلزام كافة المخاطبين به بأحكامه عن طريق استخدام وسائل الإجبار العام. و بعد وضع التشريع العادي سواء بواسطة السلطة التشريعية المختصة في الأصل أو بواسطة السلطة التنفيذية على سبيل الاستثناء يجب لنفاذ التشريع أن يمر بالمرحلتين الآتيتين:
1- إصدار التشريع:هو عمل إجرائي يقصد به قيام رئيس السلطة التنفيذية بالأمر بوضع التشريع الذي صادقت عليه السلطة التشريعية موضع التنفيذ. و يتم ذلك بموجب مرسوم تنفيذي يتضمن الأمر لرجال السلطة التنفيذية بالسهر على تنفيذ التشريع الجديد بوصفه قانونا ً من قوانين الدولة، و ذلك بتحديد تاريخ لنفاذ أحكامه.
2- نشر التشريع :هو إعلام كافة الأشخاص في المجتمع بصدوره عن طريق نشره في الجريدة الرسمية. حتى يمكن إلزامهم به تطبيقاً لقاعدة لا تكليف إلا بمعلوم و لا يعذر أحد بجهله بالقانون, إذ انه يتقرر نفاذ التشريع كقاعدة عامة أن تاريخ نشر التشريع في الجريدة الرسمية يعد هو التاريخ المحدد لنفاذه إلا إذا حدد الأمر بالنشر تاريخا ً لاحقا ً لذلك.
ب- الظروف الغير عادية: أي الظروف التي لا يمكن معها لمجلس الأمة إصدار التشريعات اللازمة (لاستحالة انعقاده / لتعذر انعقاده / لصعوبة وبطء الإجراءات العادية)، حيث يأخذ وضع التشريع العادي حالتين إستثنائيتين هما:
- حالة الضرورة ( تشريع الضرورة ):تشريع الضرورة هو ما يصدر عن السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الدولة من قرارات و أوامر لمواجهة حالة من حالات الضرورة ( و هي الحالات التي يتعين فيها سن التشريع العادي في غيبة السلطة التشريعية كحالة عطلة المجلس التشريعي أو حالة حله) مع اتخاذ كافة الضمانات اللازمة لعرض ذلك التشريع علي المجلس التشريعي عند عودته للعمل.
-حالة تشريع التفويض: هو تشريع عادي يصدر عن رئيس الدولة في موضوعات معينة بموجب تفويض محدد في القانون حيث أن بعض أنواع التشريع العادي تقتضي المصلحة العامة الاستعجال في إصدارها أو تتطلب درجة من السرية، كتشريعات الضرائب و الرسوم و تشريعات التسليح و يكون لمدة محدودة.
الخاتمة:
من خلال بحثنا هذا يمكن القول أن التشريع له الحق بأخذ هذه المكانة والاسم الذي هو المصدر الرسمي والأصلي للقاعدة القانونية بما انه يشمل جميع المسائل و يحتويها و الأوضاع التي يمر بها المجتمع, كما أوضحنا تميزه عن باقي المصادر الأخرى من خلال ما تطرقنا إليه من أهمية وتعريف ومزايا وكذلك أنواعه ومراحل صدوره ,ورأينا أن أهم ميزة للتشريع هو المرونة و التطور،غير أن التشريع أولا و أخيرا هو عمل إنساني لا يمكن أن يكون كاملا،من المتصور أن تعرض منازعات لا يكون الحكم فيها للتشريع،من هذا المنطلق يتعين وجود مصادر أخرى في القانون يتم اللجوء إليها في حالة قصوره و لكن مهما يكن فان هذه المصادر تبقى في الأول والأخير مصادر احتياطية أمام المصدر الرئيسي الذي هو التشريع.
قائمة المراجع:
1. د/ حبيب إبراهيم الخليلي ،المدخل للعلوم القانونية،النظرية العامة للقانون،ديوان المطبوعات الجامعية،طبعة1999.
2. د/ خليل أحمد حسن قدادة،شرح النظرة العامة للقانون في القانون الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية،طبعة2002.
3. د/ محمد سعيد جعفور،مدخل إلى العلوم القانونية،الوجيز في نظرية القانون،دار هومه،2007.
4. د/ عمار عوابدي،شرح القانون المدني الجزائري. (http://www.tunisia-cafe.com/vb/index.php)
5. د/ بالحاج بالعربي،مدخل إلى العلم القانون.
6. محاضرات الأستاذ عبد الهادي خضراوي.