sa7liplus
11-30-2010, 06:18 AM
الدعوة إلى اغتيال النحو
بقلم: د. خالد فهمي إبراهيم
لأمرٍ ما فرَّقت أحكام الشريعة بين القتل العمد والقتل الخطأ، لكنها عدَّت كلا النوعين في النهاية خطأ، ورتبت عليهما من العقوبات والكفارات ما هو كافٍ في غل أيدي القاتلين، وصيانة حرمات الدماء، وتأمين حيوات الناس، ولا حياةَ للناس مع موت العلوم.
والدعوة إلى نبذ هذا النحو واطَّراحه واغتياله داخلة تحت أحد هذين النوعين، لكننا نفهم من دعوة الأستاذ الكريم عبد البر علواني في مقاله "هذا النحو لا نحتاجه" أنه قتل وينبغي أن يُصنَّف في إطارٍ من الخطأ الذي قاد إليه شيءٌ من تلبيسات جرَّتها أزمة اللسان العربي المعاصر على ألسنة الناطقية، وتهويمات فجَّرتها سخرية الأدبيات الإعلامية والدرامية من نفوس المعلمية!
وخطورة المقال الذي نُعلق عليه تكمن في أن صاحبه قد عايش الأزمة وبعض ملابساتها، وعاين المشكلة وبعض توابعها فكان ما كان من دعوة هو فيها أشبه شيءٍ بداعية القتل الرحيم الذي استبدَّ به مرأى صديقه المريض استولى عليه العذاب الأليم، فسوَّلت له نفسه قتله!
وليس يصح إهمال الدعوة وهي جليلة خطرة، بدعوى شيوعها ولا يصح كذلك تسفيه أمرها؛ لأن المشكل الذي أدَّى إليها كبير وجليل أدخل في باب الخلط في مسائل علمية لسانية منها في أي شيءٍ آخر.
خطأ الاستدلال على شرعية الاغتيال
ومكمن الخطأ هو تصور أن النحو سبيل إلى إقامة اللسان، وصقل الملكة، وتدريب الحاسة النطقية، وهو الذي جر نَقَدَة النحو إلى نقده، والتثريب على معالجاته، وتعاطيه، ولو أن هذه الأدبيات النقدية، وهذا المقال الذي نعلق عليه عتابًا ولومًا- منظوم في سلكها محشور في زمرتها- أخلصت نظرتها للنحو في مفهومه الرشيد الذي كان يوم كان القرآن هو عمود الصورة في ثقافتنا يتوخى الكشف عن أسرار تعبيره، وبيان ما تضمنته أساليبه من معان، والبحث عن طرائق أدائها- لاستقام الطريق ولاتضحت المحجة.
إن القواعد النحوية لأزمة لعمل الكاشفين عن كنوز النصوص، وللتدليل على الاستنباطات التي يقوم عليها المستنبطون.
والقاعدة النحوية بعد ذلك كله كالقاعدة الفقهية، والقاعدة الأصولية آلات في أيدي أصحابها تُعين على ما يطمحون إلى الكشف عنه، واستنباطه.
لقد كان من فطنة الشاطبي (المتوفى سنة 790 هـ) في الموافقات أن جعل النحو بمفهومه الرشيد، سالكًا في هذا المفهوم ضرورة معرفة قواعده مطلبًا من مطالب الأصول في الشريعة، محكمًا المقاصد التي يسعى إلى تحقيقها، مقررًا أن الشريعة مبنية على مقصد التفهيم، وليس يصح تفهيم من غير فقه القاعدة النحوية، وليس يصح فقه القاعدة النحوية دون الإلمام بها، وتحصيلها.
سبيل إقامة اللسان
والذين يطمحون إلى تكوين الملكة اللغوية في اللسان، وصقلها بلوغًا إلى لسان ذَرِب، غير عييٍّ ولا بَكِئ لا يكون عن طريق اغتيال النحو، أو الدعوة إلى اغتياله والذين سعوا في هذه الطريق أخطأوا السبيل إلى تحقيق غايتهم.
وفقهاء اللغة وعلماء اللسانيات يدرسون في باب السليقة مشكل إقامة اللسان، وتكوين الملكة اللسانية، وهو أمر يضرب في اللسانيات العامة بسهم وفي اللسانيات التعليمية بسهمٍ آخر، على أن المهم هنا هو أن السليقة وهي المرادف لما يُسمَّى في اللسانيات في مجال اكتساب اللغة- بالملكة وتدريبها وصقلها لا تتكون إلا بالسماع الواعي المقصود، وغير الواعي للنصوص الصحيحة الفصيحة ثم يفعل العقل فعله بالتذكر والاسترجاع، وصولاً إلى الإتقان وبلوغ الغاية، وكل ذلك مجموع في النصيحة القديمة التي لم يأتِ عليها ما يُغيرها، أو يعفي عليها، وهو سبيل حفظ النصوص الراقية، وهو ما سمَّاه ابن خلدون في مقدمته بمبدأ السماع.
والتجارب الواقعية تثبت أن الذين أدمنوا سماع الصحيح الفصيح هم الذي استقام لسانهم، وارتقت ملكاتهم من غير لجوءٍ إلى معرفة القاعدة النحوية، هذه هي السبيل إلى ذلك ولا سبيل غيرها.
إننا أمة دائرة في فلك النص العزيز الذي من أجله كان النحو الذي رام خدمته، ومن أجله تطوَّر النحو إلى علم معانيه، والناظر إلى تراث معاني القرآن يدهشه ذكاء قلب القدماء الذين لاذوا بالنحو في المجاز والعبور إلى فهم الكتاب العزيز حتى استقرَّ أن كتب معاني القرآن هي بيانٌ له، وتفسيرٌ لآيه عن طريق استثمار النحو بمفهومه الرشيد.
إن الدعاة إلى اطراح النحو- بزعم أنه لم يُقم الألسنة ويصقل الملكات- يكلفون الأشياء ضد طباعها، ويتطلبون في الماء جذوة نار! وليس يصح اغتيال علمٍ شريفٍ بحجة أن الناشئة يؤذيهم تعلم قواعده، أو لأننا لم نحرز معهم تقدمًا في إقامة اللسان وارتقاء الملكات عن طريق هذا النحو، وهل يصح أن يصبح الغلمان حكمًا نقرر على ضوء مطالبهم إحياء هذا العلم أو اغتياله، إن المسألة لا يصح أن ينظر إليها من زاوية أننا ندعو لإهمال الطفل الذين هم عماد الأجيال القادمة، والذين لهم حق إنساني في ضرورة تعليمهم.
ليس الأمر كما يريد المتسرعون في القراءة أن يذهبوا، ولكننا نرفض أن تكون مطالب الغلمان أو الصبيان التعليمية هي الحكم في استصدار حكم بإحياء علمٍ من أشرف العلوم، أو التصديق على قرارٍ بإعدامه، بل إن التعريج على ما كان يُكتب للأطفال قديمًا من مثل كتاب ألف باء للبلوي يدهشنا، ويفجر أسئلة ضخمة غائبة حول كيفية الكتابة للأطفال قديمًا، الأمر الذي لم يستثمر في الدرس الحديث بالقدر الكافي إننا بحاجةٍ إلى أن نُقدِّر الطفل بوحي من هذا النموذج، وأن نعده للمسئولية الجسيمة التي تنتظره في المستقبل، ولعل مما يؤازرنا في هذه الدعوة أن كثيرًا من أعلام نهضتنا المعاصرة لم يتعاطوا شيئًا مما سُمِّي بأدب الطفل في طفولتهم، وهو المفهوم الذي ألحَّ عليه بعض رواده من أربعينيات القرن العشرين الميلادي على ما نلمح في مجلة الرسالة وأخواتها من دوريات ذلك القرن الميلادي المنصرم.
وهو الأمر الذي يدعمه كثيرٌ من رافضي الدعوة إلى ما يُسمَّى بتيسير النحو.
لقد أدار الأستاذ علواني مقاله على نقطتين فاصلتين هما:
1- تحكيم مبدأ مخرجات التعليم في مستويي الكتابة والنطق؛ حيث لمس فيهما سوءًا وحمَّل النحو تبعة آثاره.
2- تحكيم المعيار العمري في سبيل التدليل على ضرورة نبذ النحو واطَّراحه، والحكم عليه بأننا لا نحتاجه، موسعًا مما نقله عن الجاحظ غير ملتفتٍ للسياقين الزمنيين بيننا وبين القدماء.
في تحيكم هذين المبدأين كفاية لمَن راعى السن، ورام التدرج في التعليم، لكنهما غير كافيين لإقامة اللسان، وتحقيق المقصد في الارتقاء بالمكتوب والمنطوق عند المتعلمين، وهذا الخيط الدقيق بين مطالب التدرج في التعليم، وإقامة اللسان لم يكن واضحًا في المقال، وليس ثمة إشارة إليه، ومن هنا ندرك أن الأستاذ علواني خاض المعركة محقًّا، ولمس واقعًا مزريًا، ونكأ جراحًا تثعب بالدم، لكنه لم يتسلح لها بالسلاح الذي يلزمه.
إن القاعد النحوية، أو هذا النحو أدلة في أيدي المشتغلين بالنص، وليست وسيلة لمقاومة اللحن، ومحاصرة العجمة، إلا عند الذين انحرفوا بمفهوم النحو الرشيد كما تجلَّى عند سيبويه، وعبد القاهر، والشاطبي.
وبمثل هذا يمكن أن نواجه سابقين دعوا إلى مثل ما دعا إليه صاحب المقال من أمثال الدكتور مصطفى ناصف وأحمد درويش وغيرهما.
إن المقال يُفجِّر أمرًا آخر هو ضرورة العناية بنحو النص والانتقال من نحو الشاهد والمثال والجملة، لقد كان بالإمكان أن أعتذر للأستاذ علواني لو أنه استثمر إمكانات (http://www.tunisia-cafe.com/vb/index.php) التشكيل الطباعي في رقم عنوان مقاله، أو أضاف شيئًا من الوصف إلى مركز الثقل في عنوانه، وهو كلمة النحو، لكنه لم يفعل، فلم نفعل.
إن هذا النحو نحتاجه ولكن لغير ما قصد إليه الكاتب الكريم ونوى!
منتديات تونيزيا كافيه forum tunisia cafe
مع تحيات منتديات تونيزيا كافيه
http://www.tunisia-cafe.com/vb/index.php
بقلم: د. خالد فهمي إبراهيم
لأمرٍ ما فرَّقت أحكام الشريعة بين القتل العمد والقتل الخطأ، لكنها عدَّت كلا النوعين في النهاية خطأ، ورتبت عليهما من العقوبات والكفارات ما هو كافٍ في غل أيدي القاتلين، وصيانة حرمات الدماء، وتأمين حيوات الناس، ولا حياةَ للناس مع موت العلوم.
والدعوة إلى نبذ هذا النحو واطَّراحه واغتياله داخلة تحت أحد هذين النوعين، لكننا نفهم من دعوة الأستاذ الكريم عبد البر علواني في مقاله "هذا النحو لا نحتاجه" أنه قتل وينبغي أن يُصنَّف في إطارٍ من الخطأ الذي قاد إليه شيءٌ من تلبيسات جرَّتها أزمة اللسان العربي المعاصر على ألسنة الناطقية، وتهويمات فجَّرتها سخرية الأدبيات الإعلامية والدرامية من نفوس المعلمية!
وخطورة المقال الذي نُعلق عليه تكمن في أن صاحبه قد عايش الأزمة وبعض ملابساتها، وعاين المشكلة وبعض توابعها فكان ما كان من دعوة هو فيها أشبه شيءٍ بداعية القتل الرحيم الذي استبدَّ به مرأى صديقه المريض استولى عليه العذاب الأليم، فسوَّلت له نفسه قتله!
وليس يصح إهمال الدعوة وهي جليلة خطرة، بدعوى شيوعها ولا يصح كذلك تسفيه أمرها؛ لأن المشكل الذي أدَّى إليها كبير وجليل أدخل في باب الخلط في مسائل علمية لسانية منها في أي شيءٍ آخر.
خطأ الاستدلال على شرعية الاغتيال
ومكمن الخطأ هو تصور أن النحو سبيل إلى إقامة اللسان، وصقل الملكة، وتدريب الحاسة النطقية، وهو الذي جر نَقَدَة النحو إلى نقده، والتثريب على معالجاته، وتعاطيه، ولو أن هذه الأدبيات النقدية، وهذا المقال الذي نعلق عليه عتابًا ولومًا- منظوم في سلكها محشور في زمرتها- أخلصت نظرتها للنحو في مفهومه الرشيد الذي كان يوم كان القرآن هو عمود الصورة في ثقافتنا يتوخى الكشف عن أسرار تعبيره، وبيان ما تضمنته أساليبه من معان، والبحث عن طرائق أدائها- لاستقام الطريق ولاتضحت المحجة.
إن القواعد النحوية لأزمة لعمل الكاشفين عن كنوز النصوص، وللتدليل على الاستنباطات التي يقوم عليها المستنبطون.
والقاعدة النحوية بعد ذلك كله كالقاعدة الفقهية، والقاعدة الأصولية آلات في أيدي أصحابها تُعين على ما يطمحون إلى الكشف عنه، واستنباطه.
لقد كان من فطنة الشاطبي (المتوفى سنة 790 هـ) في الموافقات أن جعل النحو بمفهومه الرشيد، سالكًا في هذا المفهوم ضرورة معرفة قواعده مطلبًا من مطالب الأصول في الشريعة، محكمًا المقاصد التي يسعى إلى تحقيقها، مقررًا أن الشريعة مبنية على مقصد التفهيم، وليس يصح تفهيم من غير فقه القاعدة النحوية، وليس يصح فقه القاعدة النحوية دون الإلمام بها، وتحصيلها.
سبيل إقامة اللسان
والذين يطمحون إلى تكوين الملكة اللغوية في اللسان، وصقلها بلوغًا إلى لسان ذَرِب، غير عييٍّ ولا بَكِئ لا يكون عن طريق اغتيال النحو، أو الدعوة إلى اغتياله والذين سعوا في هذه الطريق أخطأوا السبيل إلى تحقيق غايتهم.
وفقهاء اللغة وعلماء اللسانيات يدرسون في باب السليقة مشكل إقامة اللسان، وتكوين الملكة اللسانية، وهو أمر يضرب في اللسانيات العامة بسهم وفي اللسانيات التعليمية بسهمٍ آخر، على أن المهم هنا هو أن السليقة وهي المرادف لما يُسمَّى في اللسانيات في مجال اكتساب اللغة- بالملكة وتدريبها وصقلها لا تتكون إلا بالسماع الواعي المقصود، وغير الواعي للنصوص الصحيحة الفصيحة ثم يفعل العقل فعله بالتذكر والاسترجاع، وصولاً إلى الإتقان وبلوغ الغاية، وكل ذلك مجموع في النصيحة القديمة التي لم يأتِ عليها ما يُغيرها، أو يعفي عليها، وهو سبيل حفظ النصوص الراقية، وهو ما سمَّاه ابن خلدون في مقدمته بمبدأ السماع.
والتجارب الواقعية تثبت أن الذين أدمنوا سماع الصحيح الفصيح هم الذي استقام لسانهم، وارتقت ملكاتهم من غير لجوءٍ إلى معرفة القاعدة النحوية، هذه هي السبيل إلى ذلك ولا سبيل غيرها.
إننا أمة دائرة في فلك النص العزيز الذي من أجله كان النحو الذي رام خدمته، ومن أجله تطوَّر النحو إلى علم معانيه، والناظر إلى تراث معاني القرآن يدهشه ذكاء قلب القدماء الذين لاذوا بالنحو في المجاز والعبور إلى فهم الكتاب العزيز حتى استقرَّ أن كتب معاني القرآن هي بيانٌ له، وتفسيرٌ لآيه عن طريق استثمار النحو بمفهومه الرشيد.
إن الدعاة إلى اطراح النحو- بزعم أنه لم يُقم الألسنة ويصقل الملكات- يكلفون الأشياء ضد طباعها، ويتطلبون في الماء جذوة نار! وليس يصح اغتيال علمٍ شريفٍ بحجة أن الناشئة يؤذيهم تعلم قواعده، أو لأننا لم نحرز معهم تقدمًا في إقامة اللسان وارتقاء الملكات عن طريق هذا النحو، وهل يصح أن يصبح الغلمان حكمًا نقرر على ضوء مطالبهم إحياء هذا العلم أو اغتياله، إن المسألة لا يصح أن ينظر إليها من زاوية أننا ندعو لإهمال الطفل الذين هم عماد الأجيال القادمة، والذين لهم حق إنساني في ضرورة تعليمهم.
ليس الأمر كما يريد المتسرعون في القراءة أن يذهبوا، ولكننا نرفض أن تكون مطالب الغلمان أو الصبيان التعليمية هي الحكم في استصدار حكم بإحياء علمٍ من أشرف العلوم، أو التصديق على قرارٍ بإعدامه، بل إن التعريج على ما كان يُكتب للأطفال قديمًا من مثل كتاب ألف باء للبلوي يدهشنا، ويفجر أسئلة ضخمة غائبة حول كيفية الكتابة للأطفال قديمًا، الأمر الذي لم يستثمر في الدرس الحديث بالقدر الكافي إننا بحاجةٍ إلى أن نُقدِّر الطفل بوحي من هذا النموذج، وأن نعده للمسئولية الجسيمة التي تنتظره في المستقبل، ولعل مما يؤازرنا في هذه الدعوة أن كثيرًا من أعلام نهضتنا المعاصرة لم يتعاطوا شيئًا مما سُمِّي بأدب الطفل في طفولتهم، وهو المفهوم الذي ألحَّ عليه بعض رواده من أربعينيات القرن العشرين الميلادي على ما نلمح في مجلة الرسالة وأخواتها من دوريات ذلك القرن الميلادي المنصرم.
وهو الأمر الذي يدعمه كثيرٌ من رافضي الدعوة إلى ما يُسمَّى بتيسير النحو.
لقد أدار الأستاذ علواني مقاله على نقطتين فاصلتين هما:
1- تحكيم مبدأ مخرجات التعليم في مستويي الكتابة والنطق؛ حيث لمس فيهما سوءًا وحمَّل النحو تبعة آثاره.
2- تحكيم المعيار العمري في سبيل التدليل على ضرورة نبذ النحو واطَّراحه، والحكم عليه بأننا لا نحتاجه، موسعًا مما نقله عن الجاحظ غير ملتفتٍ للسياقين الزمنيين بيننا وبين القدماء.
في تحيكم هذين المبدأين كفاية لمَن راعى السن، ورام التدرج في التعليم، لكنهما غير كافيين لإقامة اللسان، وتحقيق المقصد في الارتقاء بالمكتوب والمنطوق عند المتعلمين، وهذا الخيط الدقيق بين مطالب التدرج في التعليم، وإقامة اللسان لم يكن واضحًا في المقال، وليس ثمة إشارة إليه، ومن هنا ندرك أن الأستاذ علواني خاض المعركة محقًّا، ولمس واقعًا مزريًا، ونكأ جراحًا تثعب بالدم، لكنه لم يتسلح لها بالسلاح الذي يلزمه.
إن القاعد النحوية، أو هذا النحو أدلة في أيدي المشتغلين بالنص، وليست وسيلة لمقاومة اللحن، ومحاصرة العجمة، إلا عند الذين انحرفوا بمفهوم النحو الرشيد كما تجلَّى عند سيبويه، وعبد القاهر، والشاطبي.
وبمثل هذا يمكن أن نواجه سابقين دعوا إلى مثل ما دعا إليه صاحب المقال من أمثال الدكتور مصطفى ناصف وأحمد درويش وغيرهما.
إن المقال يُفجِّر أمرًا آخر هو ضرورة العناية بنحو النص والانتقال من نحو الشاهد والمثال والجملة، لقد كان بالإمكان أن أعتذر للأستاذ علواني لو أنه استثمر إمكانات (http://www.tunisia-cafe.com/vb/index.php) التشكيل الطباعي في رقم عنوان مقاله، أو أضاف شيئًا من الوصف إلى مركز الثقل في عنوانه، وهو كلمة النحو، لكنه لم يفعل، فلم نفعل.
إن هذا النحو نحتاجه ولكن لغير ما قصد إليه الكاتب الكريم ونوى!
منتديات تونيزيا كافيه forum tunisia cafe
مع تحيات منتديات تونيزيا كافيه
http://www.tunisia-cafe.com/vb/index.php