شريف عمر
09-05-2010, 11:44 PM
أمريكا تتمزق من الداخل
بقلم / محمد اسحق الريفي
يشبّه الأمريكيون بلادهم، أي الولايات المتحدة، بالحصان الخزفي المهشم الذي أعيد تجميع أجزائه العديدة ولصقها كي تبدو حصاناً متماسكاً. وقد صمد هذا الحصان بفعل المادة اللاصقة مدة طويلة، وجال في الأرض وصال، وعاث فيها فساداً، وأهلك الحرث والنسل... ولكن المادة اللاصقة التي تجمع أجزاء الحصان الأمريكي بدأت تتآكل وتفقد مفعولها، وباتت الأجزاء مهددة بانفصال بعضها عن بعض، لتسقط الإمبراطورية الأمريكية.
المجتمع الأمريكي مقسم إلى شمال وجنوب، وأبيض وأسود، ومواطن أصلي مقهور ومستوطن مستعمر ظالم، وشرق وغربي، وملل ونحل وقوميات وأعراق وتيارات وسياسية... وهكذا. المادة اللاصقة التي جمعت كل هذه التناقضات التي تكون المجتمع الأمريكي هي الرفاهية، التي صاحبها جشع كبير وشراهة للاستهلاك منقطعة النظير.
وحتى تحافظ الولايات المتحدة على هذه الرفاهية، شنت الحروب على بعض الدول، بهدف الهيمنة عليها وعلى ثرواتها الطبيعية، والهيمنة على ثروات دول أخرى بذريعة حمايتها والدفاع عنها.
لمن تكسب الولايات المتحدة أي من هذه الحروب، وخسرت مئات مليارات الدولارات، ما عجل بانهيار اقتصادها ونظامها المالي، وتآكلت هذه الرفاهية، وبدأ المجتمع الأمريكي بالتفسخ.
يتحدث المفكرون وأساتذة الاقتصاد وكتاب الرأي الأمريكيون اليوم عن فشل كل محاولات الحكومة الأمريكية لحل الأزمة الاقتصادية الأمريكية ووصولها إلى طريق مسدود، ولا أحد منهم يتحدث اليوم عن "النظام العالمي الجديد"، ويقولون إن الوقت المقرر لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي يوشك على النفاد.
ويتحدثون عن تفاقم الأزمة الاقتصادية ووصول العجز الأمريكي العام القادمة إلى أكثر من 1400 مليار دولار. ويتحدثون أيضاً عن زيادة عدة المشردين في الولايات المتحدة وزيادة معدل البطالة وخفض مستوى الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية إلى حد متدني غير مسبوق، ما ينذر بزيادة عدة الموتى من أمراض قابلة للشفاء وتحول الوضع الصحي في الولايات المتحدة إلى نظيره في دول العالم الثالث، وذلك بسبب تدني مستوى الرعاية الصحية.
فتحت عنوان "نشوة الإمبراطورية: ما هو موعد زوال أمريكا؟ بدون ثورة فإن الأمريكيين تاريخ،" أكد أستاذ الاقتصاد الأمريكي "بول كريغ روبرتس" استحالة خروج الولايات المتحدة من أزمتها الاقتصادية، مؤكداً أن لا سبيل لإنقاذ 300 مليون أمريكي إلا بالثورة على المحافظين الجدد، وول ستريت، الشركات، وأذنابهم في الكونغرس والبيت الأبيض. وسيصبح الأمريكيون تاريخاً ما لم يثوروا، على حد تعبيره. كما أكد على أن كف الولايات المتحدة عن الحروب قد يحفظ لها بضع مئات مليارات الدولارات ويخفف من معاناة الأمريكيين.
كما تعززت قناعة لدى الأمريكيين بأن الولايات المتحدة لا يمكن أن تكسب الحروب، خاصة بعد هزيمتها في العراق وأفغانستان. وفي هذا الصدد، يقول أستاذ الفلسفة والمنطق الأمريكي "جون كوزي" تحت عنوان "لماذا لا يمكن كسب الحروب؟" إن الحرب الأهلية أدت إلى توحد البلاد؛ بانضمام الولايات الجنوبية الغربية للولايات المتحدة، ولكنها لم توحد بين الناس، أي الشماليين والجنوبيين، ولذا فقد أدت هذه الحرب إلى انقسام المجتمع الأمريكي.
ويتحدث "جون كوزي" عن فشل حروب الولايات المتحدة في منطقتنا قائلاً: "لا الحروب ولا الوعود بمستقبل أفضل من الماضي يمكن أن يكسب عقول الناس وقلوبهم. والجندي الذي يموت أثناء محاولته لتغيير قيم الناس الآخرين فإنه يموت دون جدوى."
ويتحدث أيضاً عن خطأ قادة الولايات المتحدة الذين ظنوا أن انتصارهم في الحرب العالمية الثانية سيمكنهم من فرض رؤيتهم لما يجب أن يكون عليه شكل العالم على الآخرين في العالم.
ثم تحدث عن العنصرية والتمييز وعن الفوارق الاجتماعية الهائلة في المجتمع الأمريكي؛ في الصحة والتعليم والسكن والكسب ومعدلات الولادة وضحايا العنف الشعبي، خاصة بين الولايات الشمالية والجنوبية، التي تمزق المجتمع الأمريكي وتؤذن بتفسخه.
أما الكاتب الأمريكي "شاموس كوك"، فيتحدث في مقال له بعنوان "انهيار دائم في الإسكان" عن تردي الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة، مستشهداً بالفوضى التي حدثت عندما لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة وقف أكثر من 30 ألف أمريكي لساعات عديدة في طوابير، في مدينة أتلنتا بولاية جورجيا، في الحر الشديد، لاستلام طلبات الحصول على دعم إسكاني حكومي، معتبراً أن هذه الحادثة هي مجرد عرض من أعراض مشكلة قومية تزداد سوءاً.
وتتحدث المحامية "إيلين برون" عن أكثر من 62 مليون رهن عقاري في الولايات المتحدة وضعت البنوك والشركات يدها عليها بسبب إفلاس أصحابها وعجزهم عن تسديد الديون المستحقة عليهم للبنوك والشركات. وتتحدث في مقالها أيضاً عن ثورة أصحاب المساكن على وول ستريت...
كل هذه الشواهد تؤكد أن الحلم الأمريكي أصبح كابوساً يقض مضاجع الأمريكيين ويجعل عشرات الملايين منهم عاطلين عن العمل ومشردين لا مأوى لهم سوى على أرصفة الشوارع وفي محطات القطارات والأماكن العامة والحكومية وأماكن أخرى.
وهناك غضب شديد في المجتمع الأمريكي على الحكومة الأمريكية والقوى المهينة على الاقتصاد والسياسة، وذلك بسبب الحروب التي تخوضها الولايات المتحدة بالوكالة عن الكيان الصهيوني، ما يؤذن بسقوط الولايات المتحدة وتفككها بالطريقة ذاتها التي تفكك بها الاتحاد السوفيتي السابق.
مصيبتنا أن الإعلام العربي لا يعطي هذا الحدث التاريخي الخطير، أي الأزمة الاقتصادية الأمريكية وعجز الولايات عن كسب حروبها وتداعيات ذلك على المجتمع الأمريكي، ما يستحقه من تغطية إعلامية صادقة، خوفاً على سقوط الأنظمة الحليفة للولايات المتحدة، والتي تخشى هذا السقوط ، ولا تدخر جهداً لإنقاذ الولايات المتحدة من سقوطها الحتمي .
المقال منقول لتبادل المعارف وإبداء الآراء
لكم خالص تحياتى
أبو مروان
بقلم / محمد اسحق الريفي
يشبّه الأمريكيون بلادهم، أي الولايات المتحدة، بالحصان الخزفي المهشم الذي أعيد تجميع أجزائه العديدة ولصقها كي تبدو حصاناً متماسكاً. وقد صمد هذا الحصان بفعل المادة اللاصقة مدة طويلة، وجال في الأرض وصال، وعاث فيها فساداً، وأهلك الحرث والنسل... ولكن المادة اللاصقة التي تجمع أجزاء الحصان الأمريكي بدأت تتآكل وتفقد مفعولها، وباتت الأجزاء مهددة بانفصال بعضها عن بعض، لتسقط الإمبراطورية الأمريكية.
المجتمع الأمريكي مقسم إلى شمال وجنوب، وأبيض وأسود، ومواطن أصلي مقهور ومستوطن مستعمر ظالم، وشرق وغربي، وملل ونحل وقوميات وأعراق وتيارات وسياسية... وهكذا. المادة اللاصقة التي جمعت كل هذه التناقضات التي تكون المجتمع الأمريكي هي الرفاهية، التي صاحبها جشع كبير وشراهة للاستهلاك منقطعة النظير.
وحتى تحافظ الولايات المتحدة على هذه الرفاهية، شنت الحروب على بعض الدول، بهدف الهيمنة عليها وعلى ثرواتها الطبيعية، والهيمنة على ثروات دول أخرى بذريعة حمايتها والدفاع عنها.
لمن تكسب الولايات المتحدة أي من هذه الحروب، وخسرت مئات مليارات الدولارات، ما عجل بانهيار اقتصادها ونظامها المالي، وتآكلت هذه الرفاهية، وبدأ المجتمع الأمريكي بالتفسخ.
يتحدث المفكرون وأساتذة الاقتصاد وكتاب الرأي الأمريكيون اليوم عن فشل كل محاولات الحكومة الأمريكية لحل الأزمة الاقتصادية الأمريكية ووصولها إلى طريق مسدود، ولا أحد منهم يتحدث اليوم عن "النظام العالمي الجديد"، ويقولون إن الوقت المقرر لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي يوشك على النفاد.
ويتحدثون عن تفاقم الأزمة الاقتصادية ووصول العجز الأمريكي العام القادمة إلى أكثر من 1400 مليار دولار. ويتحدثون أيضاً عن زيادة عدة المشردين في الولايات المتحدة وزيادة معدل البطالة وخفض مستوى الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية إلى حد متدني غير مسبوق، ما ينذر بزيادة عدة الموتى من أمراض قابلة للشفاء وتحول الوضع الصحي في الولايات المتحدة إلى نظيره في دول العالم الثالث، وذلك بسبب تدني مستوى الرعاية الصحية.
فتحت عنوان "نشوة الإمبراطورية: ما هو موعد زوال أمريكا؟ بدون ثورة فإن الأمريكيين تاريخ،" أكد أستاذ الاقتصاد الأمريكي "بول كريغ روبرتس" استحالة خروج الولايات المتحدة من أزمتها الاقتصادية، مؤكداً أن لا سبيل لإنقاذ 300 مليون أمريكي إلا بالثورة على المحافظين الجدد، وول ستريت، الشركات، وأذنابهم في الكونغرس والبيت الأبيض. وسيصبح الأمريكيون تاريخاً ما لم يثوروا، على حد تعبيره. كما أكد على أن كف الولايات المتحدة عن الحروب قد يحفظ لها بضع مئات مليارات الدولارات ويخفف من معاناة الأمريكيين.
كما تعززت قناعة لدى الأمريكيين بأن الولايات المتحدة لا يمكن أن تكسب الحروب، خاصة بعد هزيمتها في العراق وأفغانستان. وفي هذا الصدد، يقول أستاذ الفلسفة والمنطق الأمريكي "جون كوزي" تحت عنوان "لماذا لا يمكن كسب الحروب؟" إن الحرب الأهلية أدت إلى توحد البلاد؛ بانضمام الولايات الجنوبية الغربية للولايات المتحدة، ولكنها لم توحد بين الناس، أي الشماليين والجنوبيين، ولذا فقد أدت هذه الحرب إلى انقسام المجتمع الأمريكي.
ويتحدث "جون كوزي" عن فشل حروب الولايات المتحدة في منطقتنا قائلاً: "لا الحروب ولا الوعود بمستقبل أفضل من الماضي يمكن أن يكسب عقول الناس وقلوبهم. والجندي الذي يموت أثناء محاولته لتغيير قيم الناس الآخرين فإنه يموت دون جدوى."
ويتحدث أيضاً عن خطأ قادة الولايات المتحدة الذين ظنوا أن انتصارهم في الحرب العالمية الثانية سيمكنهم من فرض رؤيتهم لما يجب أن يكون عليه شكل العالم على الآخرين في العالم.
ثم تحدث عن العنصرية والتمييز وعن الفوارق الاجتماعية الهائلة في المجتمع الأمريكي؛ في الصحة والتعليم والسكن والكسب ومعدلات الولادة وضحايا العنف الشعبي، خاصة بين الولايات الشمالية والجنوبية، التي تمزق المجتمع الأمريكي وتؤذن بتفسخه.
أما الكاتب الأمريكي "شاموس كوك"، فيتحدث في مقال له بعنوان "انهيار دائم في الإسكان" عن تردي الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة، مستشهداً بالفوضى التي حدثت عندما لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة وقف أكثر من 30 ألف أمريكي لساعات عديدة في طوابير، في مدينة أتلنتا بولاية جورجيا، في الحر الشديد، لاستلام طلبات الحصول على دعم إسكاني حكومي، معتبراً أن هذه الحادثة هي مجرد عرض من أعراض مشكلة قومية تزداد سوءاً.
وتتحدث المحامية "إيلين برون" عن أكثر من 62 مليون رهن عقاري في الولايات المتحدة وضعت البنوك والشركات يدها عليها بسبب إفلاس أصحابها وعجزهم عن تسديد الديون المستحقة عليهم للبنوك والشركات. وتتحدث في مقالها أيضاً عن ثورة أصحاب المساكن على وول ستريت...
كل هذه الشواهد تؤكد أن الحلم الأمريكي أصبح كابوساً يقض مضاجع الأمريكيين ويجعل عشرات الملايين منهم عاطلين عن العمل ومشردين لا مأوى لهم سوى على أرصفة الشوارع وفي محطات القطارات والأماكن العامة والحكومية وأماكن أخرى.
وهناك غضب شديد في المجتمع الأمريكي على الحكومة الأمريكية والقوى المهينة على الاقتصاد والسياسة، وذلك بسبب الحروب التي تخوضها الولايات المتحدة بالوكالة عن الكيان الصهيوني، ما يؤذن بسقوط الولايات المتحدة وتفككها بالطريقة ذاتها التي تفكك بها الاتحاد السوفيتي السابق.
مصيبتنا أن الإعلام العربي لا يعطي هذا الحدث التاريخي الخطير، أي الأزمة الاقتصادية الأمريكية وعجز الولايات عن كسب حروبها وتداعيات ذلك على المجتمع الأمريكي، ما يستحقه من تغطية إعلامية صادقة، خوفاً على سقوط الأنظمة الحليفة للولايات المتحدة، والتي تخشى هذا السقوط ، ولا تدخر جهداً لإنقاذ الولايات المتحدة من سقوطها الحتمي .
المقال منقول لتبادل المعارف وإبداء الآراء
لكم خالص تحياتى
أبو مروان